البث المباشر
إدارة الترخيص تطرح نوعين من الأرقام الأكثر تميّزاً للبيع المباشر ثلاثة بنوك أردنية توقع اتفاقية تسوية مع مجموعة "الأردن لتطوير المشاريع السياحية" لضمان تنمية مشروع "تالابيه" إنجازات نوعية في الاقتصاد الرقمي والاتصالات والأمن السيبراني خلال تشرين الأول وزيرة التنمية تبحث والسفيرة الهولندية التعاون في المجالات الاجتماعية الشواربة يتفقد التشغيل التجريبي للحافلات الكهربائية في عمّان "الميثاق النيابية" تبحث تعديلات قانون خدمة العلم وزير الاتصال الحكومي يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية جاهة عشيرة السحيمات وعشيرة أبو عرابي العدوان المنطقة العسكرية الشمالية تحبط تهريب مواد مخدرة بواسطة مقذوف الفايز يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأردن عطية : المشاريع الاقتصادية الصغيرة تسهم في الاقتصاد الوطني الأشغال: تسليم مبنى العيادات الخارجية بمستشفى معان نهاية آذار كاليفورنيا.. الأردن يرسخ ريادة المرأة حامية للتراث "الاتصال الحكومي" تنشر موجز إنجازات الوزارات والمؤسسات الحكومية خلال تشرين الأول الماضي وزارة المياه والري : الهطولات المطرية تسجل 4 % من الموسم ودخل السدود 1,8 مليون متر مكعب المهندس سامر حيدر المجالي ورواية "المهندس" الأمن العام يواصل حملته التوعوية لتفقد جاهزية المركبات استعدادًا لفصل الشتاء الثلاثاء.. موعد محاكمة الشيخ عكرمة صبري بين أطلال الأجداد وخطى الأحفاد: نداء التراث الأردني حسان: لا تهاون بحق من يستخدم السلطة لإعاقة الاستثمارات .. وسأتابع شخصيا

الخزان

الخزان
الأنباط -

سعيد الصالحي

اتصل بي حارس عمارتنا واخبرني أن خزان الماء الخاص بي بحاجة إلى صمام الكرة العائمة -عوامة- وأنه يجب علي الإسراع في تبديل الصمام للحد من كميات الماء التي يتم اهدارها وكذلك لوقف معراج الحارس نحو سطح البناية كلما قمنا بتشغيل المضخة، كان الحارس يحدثني وأنا كنت في عالم آخر، لقد عرفت للتو أن جسم الانسان يحتوي هو الآخر على صمام يشبه العوامة، تمنعه من أن يطفح أو يتسرب منه أشياء كثيرة، وبات السؤال أين أجد عوامتي؟ علني أنزعها وأبطلها فيتسرب ما في داخلي من مخزون سلبي إلى السطح ثم عبر المزراب لينتهي به المطاف إلى حيث ينتمي في الأماكن المظلمة.

فمنذ عقد من الزمان وخزائننا وخزاناتنا لا تنفذ من الهموم والتعب والتردد والحيرة، كل يوم تضخ الحياة أو من ملكوا زمامها إليها المزيد من خلال شبكاتهم المتعددة، هي وهم لا يشبعون من الضخ، ونحن لا نمل من التخزين وندفع الثمن من أرواحنا وأيامنا ونصر أن نظهر قدرات تفوق قدرات البشر في استيعاب الوارد من شبكاتهم في خزاناتنا على شكل التزامات ومشاعر وأحداث وأخبار وخوازيق مكعبة، وحتى اليوم لم أعرف كيف أستخدم هذه المواد الخطرة والقابلة للاشتعال؟ أو كيف أتوقف عن تخزينها وجمعها؟ فأنا على يقين بأن الخزان قد إمتلأ منذ زمن بعيد، ومع هذا لم تحدث أي حالات غضب توشي بأن هناك تسرب ضخم في الخزان أو أن هناك خطب في العوامة، ولم أبك رغم الحزن والألم فأفرغ من الخزان ولو بقدر فنجان قهوة سادة، ولم تخرج هذه المشاعر المخزنة من منافذ الجسد والنفس على هيئة ابتسامة أو أغنية أو تنهيدة أو حتى على شكل طاقة إيجابية استثنائية، ومع هذا فما زال الخزان يستقبل الضخ اليومي ويحتفظ به بين جدرانه دون أي كلل أو ملل.

لحجم الخزان علاقة بعمر صاحبه، فكلما تقدم العمر زاد  الخزان اتساعا وتنوعت محتوياته، ومن ناحية أخرى يتناسب ضخ شبكة متاعب الحياة عكسيا مع العمر، وأدركت أخيرا أن محتويات هذا الخزان رغم تنوعها لا تصلح للشرب أو لأي استخدام آخر حتى لري الأشواك أو تنظيف مكبات القمامة، وفهمت بعد سنوات أن وظيفة هذا الخزان تقتصر على اختبار مزية التحمل لدى الإنسان، فالتحمل هو الخط الفاصل بين الفضيلة والرذيلة وبين الايجابية والسلبية وبين الحكمة والجنون.

دائما ما نقول لم أعد أحتمل، أو لم يعد فلان قادرا على الحمل، أو كان الله في عون فلان فإن حمله ثقيل، وقد لاحظت أن الحمل الزائد للخزان يؤدي إلى مضاعفات في الجسم تشبه أعراض مرض السكري، أما أعراضه النفسية فلها أشكال متعددة لم أستطع حصرها، لأن النفوس لا تشبه الأجساد.

ليتني كنت أملك معيار التحمل الذي كان لدى صديقي الحمار الذي كان يعمل في مركز المؤن طوال النهار مقابل حفنة شعير أو بعض عروق الملوخية وسطل ماء، فقد كان يرفض التحرك عندما كان يزيد الحمّار عليه الأعباء والأحمال، وكان يضطر صاحبه أن يخفف من أرطال الطحين والسمن حتى يتحرك الحمار، أما نحن فرغم ثقل الحمل نصر على مواصلة المسير، فإنه من المعيب أن يقول الرجل "أي" أو "لقد تعبت"، فهذه الكلمات تنتقص من رجولتنا وتؤكل من صورة رجولتنا الشرقية، فنمشي رغم الأعباء فتصبح الخطوات ثقيلة والرحلة طويلة والطريق شاق والروح متعبة.
 هناك بعض الأحمال تستطيع أن تنزلها عن كاهلك وتلقي بها جانبا، وهناك أحمال لن تتمكن أن تتخلص منها بدون يد من الله أو من الناس، فالأحمال التي تفرض عليك ولا تختارها ستحملها كما حمل المسيح صليبه في طريق آلامه الخاص، فهذه الأحمال لا تتعب إلا صاحبها مهما أظهر لنا الآخرون تعاطفهم وشفقتهم التي تزيد أحمالنا رطلا آخر.

عاد صوت الحارس إلى أذني من جديد قائلا: هل أحضر سباكا ليصلح العوامة؟
فقلت له: لا تقتل الخزان ودعه يتنفس قليلا، لا أريد أن أصلح العوامة ولن أغلق المحبس وسأدفع فرق الفاتورة، وهذا الماء الطافح سيجد طريقه إلى تجمع ماء جوفي في مكان آخر بعيدا عن خزاني ليعود إلى خزان أقل امتلائا من خزاني.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير