الأنباط -
*الحوراني: من الصعب التنبؤ بعدد الوظائف المهددة من الذكاء الاصطناعي
*ابو نجمة: ضمانات لحماية العمال من تأثيرات الذكاء الاصطناعي
الانباط – شذى حتاملة
مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر في الوقت الحالي وانتشار استخدام الذكاء الاصطناعي والتطورات المتسارعة له بحيث اقتحم مختلف القطاعات ، واصبح يحل محل العديد من الوظائف ، إذ يتساءل الكثيرون عن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى انقراض بعض الوظائف التقليدية ويعرض الايدي العاملة للبطالة ، فتحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا لتعزيز الانتاجية وتاثيرها على العمالة اصبح تحديا ملحا في عصرنا .
وللحديث عن تاثير دخول الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل والوظائف التقليدية والخطوات التي يجب اتباعها لضمان أن يكون للذكاء الاصطناعي تاثير ايجابي على الايدي العاملة تواصلت صحيفة الانباط مع خبراء في قطاع العمل والذكاء الاصطناعي .
وبدوره قال خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس حسام الحوراني ، ان الذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة هائلة في مجال العمل والوظائف ، لكن ذلك سيحدث على مراحل زمنية بعضها قصير وبعضها متوسط وبعيد المدى، وسيكون له تأثير كبير على الوظائف التقليدية لمختلف القطاعات ، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير على بعض الوظائف أكثر من غيرها وقد يتأثر بعض العمال والموظفين أكثر من غيرهم بالذكاء الاصطناعي، خاصة أولئك الذين يقومون بمهام روتينية قابلة للأتمتة .
واضاف الحوراني في حديث خاص لـ " الانباط " أنه قد يفقد موظفوا ادخال البيانات وخدمة العملاء وعمال مراكز الاتصال والترجمة وبعض عمال المصانع والمساعدون القانونيون ومندوبي المبيعات والتسويق والمحللون الماليون التقليديون والصحفيون وكتاب الاخبار وصناع المحتوى وظائفهم في المدى المتوسط وربما القصير بسبب أتمتة الذكاء الاصطناعي ،مشيرا إلى تاثر بعض القطاعات الهندسية مثل الهندسة المعمارية بشكل اسرع من القطاعات الهندسية الاخرى وذلك لوجود تطبيقات مذهلة في هذا المجال والتي بدا المهندسون المدنيون استخدامها بعيدا عن المهندسون المعماريون.
واوضح أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تغييرات في طبيعة الوظائف حيث سيركز على المهارات الإبداعية و ازدياد أهمية المهارات الاجتماعية و الحاجة إلى مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات ، مبينا أن ستصبح مهارات الإبداع والتفكير النقدي ، وحل المشكلات واتخاذ قرارات بناءً على المعلومات أكثر أهمية، و ستحتاج القوى العاملة إلى ابتكار حلول جديدة لمشاكل لم تكن موجودة من قبل .
واكمل حديثه أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم في خلق وظائف جديدة تتطلب مهارات تقنية متقدمة ، مثل مطوري الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات ومهندسي الاوامر، مشيرا إلى انهم سيعملون على تصميم وتطوير وبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي و قيادة القوانيين والانظمة والسياسات واخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ، إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيولد وظائف جديد في قطاع التعليم والتدريب حيث ستكون هناك حاجة إلى المزيد من المعلمين والمدربين لمساعدة العمال على اكتساب المهارات اللازمة للعمل في اقتصاد مدفوع بالذكاء الاصطناعي.
واشار الحوراني إلى الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير إيجابي على الأيدي العاملةومنها الاستثمار في التعليم والتدريب من خلال تطوير برامج تعليمية جديدة لتعليم العمال المهارات اللازمة للعمل في اقتصاد مدفوع بالذكاء الاصطناعي ، إضافة إلى تعديل المناهج التعليمية عن طريق دمج الذكاء الاصطناعي بالمناهج التعليمية الحالية وتعديلها في المدارس والجامعات والمعاهد التدريبية ، لافتا إلى ضرورة التدريب المهني حيث يجب توفير فرص للتدريب المهني لمساعدة العمال على اكتساب مهارات جديدة أو تحديث مهاراتهم الحالية .
وتابع أن هناك خطوات واستراتيجيات اخرى ومنها دعم ريادة الذين يطورون تقنيات جديدة إذ يجب دعم رواد الأعمال الذين يطورون تقنيات جديدة تعزز الذكاء الاصطناعي وتخلق فرص عمل جديدة ، إضافة إلى خلق بيئة داعمة لريادة الاعمال عن طريق توفير التمويل والموارد والدعم اللازم لرواد الأعمال ، موكدا على ضرورة وضع سياسات لتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الحوار الاجتماعي بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات والنقابات العمالية وأصحاب العمل، لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل وتطوير استراتيجيات للتخفيف من آثاره السلبية.
واكد الحوراني أن الاردن بامكانه أن يكون سباقا في قيادة الذكاء الاصطناعي في المنطقة بل في العالم وتجنب الكثير من مخاطر فقد الوظائف وايجاد فرص عمل جديدة وذلك بسبب وجود عدد هائل من الخريجين في كافة المجالات وبالتحديد في قطاع تكنولوجيا المعلومات والقامات العلمية الرفيعة من اساتذة وباحثين في كافة المجالات ، مضيفا أن بامكانهم العمل سوية النهوظ في مجال الذكاء الاصطناعي ويكونون في قيادة هذا المجال وتحقيق تنمية اقتصادية مذهلة في الاردن بعيدا عن النفط والغاز، لما يملكه الاردن من بعض الصفات الفريدة التى تجعلة بيئة خصبة ليكون رائدا في الذكاء الاصطناعي تتلخص في ثروة بشرية هائلة ، كفاءات علمية رفيعة المستوى ، بيئة داعمة للابتكار، رغبة قوية في التقدم و تعاون دولي فاعل على جميع المستويات.
وذكر أن من المتوقع أن يحدث الذكاء الاصطناعي تغييرًا كبيرًا في سوق العمل ولكن من الصعب التنبؤ بالتأثير النهائي بعدد الوظائف المهددة وخاصة أن الوطن العربي الذي هو اصلا متاخر في مجالات عديدة ويحاول اللحاق بالركب الغربي،موكدا على اهمية البدء في الاستعداد الآن للتغييرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي على عالم العمل من خلال رفع المهارات والحوار بين جميع الجهات
وفي السياق ذاته اكد رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة ، أن الذكاء الاصطناعي يؤدي كما هو الحال في معظم دول العالم إلى تغييرات جذرية في سوق العمل الأردني، مع تأثيرات متفاوتة على مختلف القطاعات والوظائف ، مبينا أن هناك العديد من الوظائف المهددة نتيجة دخول الذكاء الإصطناعي إلى عالم العمل في مختلف القطاعات، ومن ذلك الوظائف التي تتطلب أداء مهم متكررة حيث من المعتاد أن تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بأتمتة العديد من هذه المهام على اعتبار أنها مهام معروفة بعدم وجود دور للإنسان في التدخل لتغييرها ،أو لعكس سمات خاصة عليها أثناء أدائها، مثل إدخال البيانات والتحليل الأساسي والخدمات البسيطة للعملاء مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف في هذه المجالات .
واضاف ابو نجمة أن المهن ذات المهارات المنخفضة التي تعتمد على مهارات أساسية مثل القراءة والكتابة والعمليات الرياضية البسيطة قد تواجه خطرا أكبر مع ازدياد قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على أداء هذه المهام، مضيفا أن هذا ما نشهده في العديد من الأعمال، غير ذلك بعض الوظائف الإدارية التي يمكن أن تؤدي أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى أتمتة مهامها مثل جدولة المواعيد وإدارة الرواتب وإعداد التقارير الدورية، مما قد يؤثر على الوظائف الإدارية المتوسطة المستوى .
وتابع حديثه أن هناك العديد من الوظائف الممكن اعتبارها آمنة، نظرا لتأثير القدرات الشخصية للإنسان على أدائها، كـ المهن التي تتطلب إبداعا وابتكارا وذكاء اجتماعيا مرتفعا، مثل الفنون والتصميم والتسويق، لافتا إلى أن هناك مهارات يصعب على أنظمة الذكاء الاصطناعي تكرارها في الوقت الحالي، مما يجعلها أكثر أمانا وأقل تأثرا بالتغيرات التي يحدثها الذكاء الإصطناعي .
وذكر ابو نجمة أن هناك مهن متخصصة التي ستظل تتطلب مهارات وخبرات تقنية عالية، مثل الطب والهندسة والقانون، والتي يتوقع أن تزيد الحاجة لها مع تزايد تعقيدات التكنولوجيا والتطور المهني الأخمر الذي بدأ يفرض تطويرا غير مسبوق لهذه المهن لمواكبة هذه التعقيدات، مشيرا إلى أن هناك أيضا المهن التي تتطلب تفاعلًا بشريا مباشرا ومهارات عاطفية عالية، مثل التعليم ، والرعاية الصحية ، وخدمات العملاء المعقدة، حيث ستظل هذه المهن تفرض وجودها دون تأثر أو تراجع .
وبين أن من المتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة في مجالات مثل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث ستزداد الحاجة إلى مهندسين ،وعلماء بيانات، ومطورين لتصميم وبناء وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وكذلك في مجال التحليل والتنبؤ، موضحا أن سيصبح هناك حاجة إلى خبراء لتحليل البيانات التي يتم جمعها بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي واستخراج رؤى قابلة للتنفيذ منها، كما أن الواقع الحالي للتقدم التكنولوجي بدأ يفرض وجود وظائف تختص في مجالات جديدة تتعلق بالقضايا الأخلاقية والقانونية المرتبطة بتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والرقابة، والمتابعة، والتدقيق ، وأمن المعلومات .
واشار ابو نجمة إلى ضرورة السير بخطوات حثيثة لضمان تأثير إيجابي للذكاء الاصطناعي على الأيدي العاملة، وبشكل خاص في الاستثمار في التعليم والتدريب، إذ يتوجب على الأردن الاستثمار في برامج التعليم والتدريب لتزويد العمال بالمهارات اللازمة للتكيف مع متطلبات سوق العمل المتغير، بما في ذلك مهارات تقنية متقدمة ومهارات حل المشكلات والتفكير النقدي، مضيفا أنه يجب العمل على دعم ريادة الأعمال وتشجيع ريادة الأعمال في مجالات الذكاء الاصطناعي لخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى وضع سياسات حكومية تدعم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وتضمن مشاركة عادلة في المنافع الناشئة عن هذه التقنيات .
وشدد ابو نجمة على ضرورة الإهتمام بحماية العمال في مواجهة هذه التطورات، ووضع ضمانات لحماية حقوق العمال من التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي، مثل برامج إعادة التدريب وتعويضات البطالة، وتطوير التشريعات الحمائية للعاملين في مواقع العمل أو العاملين عن بعد، موكدا انه لا يجب أن لا يتم البت في نظام العمل المرن الذي تسعى الحكومة إلى إصداره بموجب قانون العمل إلا بعد استطلاع مختلف احتياجات العمال وأصحاب العمل ومتطلبات تنظيم علاقات العمل في الأعمال المرنة والإستفادة من تجارب الدول في هذا المجال، إضافة إلى الأخذ بالمعايير الدولية التي اعتمدتها المنظومة الدولية في هذا الشأن خاصة منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية.