الأنباط -
د.حازم قشوع
لعل من أهم الأوراق التي بيد صاحب القرار للتفاوض والضغط على بيت القرار الأممي لوقف حالة التصعيد الناتجه من حرب غزة تمثلها العوامل الذاتية التي تأتي من باب التظاهرات والمسيرات وعناوين المقاطعه الشعبيه وتشكيلات المعارضة المتزنة للعدوان لان هذه الورقة يمكن تسجيلها كاداة مقايضة كونها تأتي من الحاضنه الشعبيه التى تطالب بضرورة وقف إطلاق النار وهو ما سيجعل بيت القرار أكثر صلابة لهذه المطالب المنصفة التي تأتي منسجمة مع القانون الدولي الانساني فاذا لم تستجيب اسرائيل لهذه المطالبات فان بيت القرار الأردني سيقوم باتخاذ إجراءات من شأنها تجميد العلاقات البينه بكل روافدها حتى تستجيب اسرائيل لهذا المطلب المحق لان بيت القرار عودنا للانحياز للخيار الشعبي معها كانت الظروف الموضوعيه.
فالشعب الاردني يريد وقف اطلاق النار والا فان العلاقات الاردنية الاسرائيلية تدخل في أتون التجميد بكل اتجاهاتها الدبلوماسية و رواسيها الإقليمية الأمر الذي يجعل من المعارضة فى هذا المقام كما التظاهرات تعتبر عامل بناء وليس معول هدم فى الميزان السياسي العام وهو ما يضعها بالخانه الموجبة وليس بالاتجاه السلبي على أن لا يتم اختزالها بفئة حزبية بل بالكل الوطني الذي يقف مع فلسطين القضية وتاجها القدس بموقف منسجم مع القانون الدولي الإنساني كما مع القرارات الأممية التي جاءت لتؤكد أن "لا لسياسة التهجير ولا لسياسة الترويع ولا لسياسة الاسرله" التى تستهدف إنهاء وجود الشعب الفلسطيني من داخل فلسطين التاريخيه.
واستنادا لهذه المعطيات تكون المظاهرات تعمل للصالح العام كما تكون المسيرات خير داعم للملك ورسالته كيف لا وهو الذي شكل غطاء سياسي للمقاومة كما قام ببذل جهود مضنية من أجل دحض الرواية الاسرائيلية فى المحافل الدولية كما قاد معظم الجهود الدبلوماسية التي من شأنها العمل على وقف الحرب لأن نتائجها ستكون كارثية على المنطقة وعلى مستقبل شعوبها الأمر الذى عمل على ترجمتها جلالة الملك خلال لقاءاته البينية و اجتماعاته المكثفة من اجل إيجاد حاضنة دبلوماسية للمقاومة الفلسطينية تناصرها وتحميها من سطوة المحتل ومن قوة نفوذه في المحافل الدولية حيث بيت القرار.
ومن وحي ايمان الهاشميين بأن القدس بوصلة الاتجاه وان فلسطين القضية هى عنوان التوجه فإن هذه المبادرة كانت بحاجة لتجسيد عملي يجسد مضمونها وهو ما دأب الملك للمحافظه عليه من وحي ميزانه عند الهاشميين منذ فجر التاريخ حتى شكلت القدس لديهم بكل عناوينها "عقيدة" الالتزام بها ثابت والذود عن حماها واجب والدفاع عنها شرف لا يعدوه شرف وهو ما جعلها تشكل عند الهاشميين المبتدأ والخبر معا فى كل الجمل السياسية التي تقف عليها الحاضنة في تظاهراتها الداعمة لهذه العناوين حتى أنها غدت تشكل عند كل الاردنيين هوية نضالية و قضيه وطنيه متفق ومتوافق عليها من كل الفئات الشعبيه والرسميه وهو ما جعل فلسطين تشكل لدى الأردنيين وحده حال ووحدة مصير مشترك.
ولعل هبة الأردنيين بالوقوف مع فلسطين القضية وما تتعرض اليه من هجمة بربرية وعناوين وحشية جعلت من الشعب الأردني ينتفض مع الملك ورسالته كما من أجل فلسطين وقضيتها التي أصبحت أيقونة للحرية عند العالم أجمع وتكون الحاضنه الشعبيه كما المؤسسه الامنيه صنوان متلازمان يقومان على حفظ امن الاردن ودعم حرية فلسطين وفق مسيرات وتظاهرات جابت كل المحافظات بتعبير داعم لما يقف عليه الملك والجيش بكل توجهاتهم السياسيه والدبلوماسيه والإغاثية وهو ما جعل الأردن يرسم صوره جامعه موحده بين متلازمه القيادة السياسية وحاضنه القاعده الشعبيه تعبر عن الأمة ورسالتها بالذود عن عدالة القضية المركزية.
صحيح ان هناك اصوات حاولت إخراج هذه المسيرات الوطنية عن مسارها المنظم الهادف وهي أصوات محط استنكار من الكل الوطنى لكن ما هو صحيح ايضا ان هذه المسيرات نجحت بالتعبير عن شجون الاردن وضمير الأمة بتحركها الايجابي وليس بحراكها السلبي في السياق العام الأمر الذي جعل من الحاضنه الشعبيه تكون خير داعم للتوجهات الملكية فى تجسيدها الشعار الذي أطلقه الملك منذ اندلاع حرب غزة والذي حمل عنوان فلسطين البوصلة وتاجها القدس.
ان محاولة بعض القوى الخارجية من استقطاب أفراد محدودة فى الحاضنة الشعبية هى محاولات بائسه كما هى محاوله بعض الإعلاميين التشكيك فى المواقف الاردنية هي محاولات تثير السخرية فما قدمه الأردن فى الجانب السياسي والدبلوماسي والإنساني لم يقدمه أحد وهو يقدمه دون منه لأنه يقدمه لقضيته الوطنية ولن تثنيه هذه المحاولات من مواصلة مشواره الذى يسير فيه وسيبقى مسخرا كل امكانياته تجاه قضيته الوطنية التي يؤمن بعدالتها كما هو على يقين من صلابة موقفه الشعبي مع قيادته التي تريد الحفاظ على الامن الوطنى كما ستبقى تعمل من اجل وقف اطلاق النار في غزة ووقف أعمال التصعيد في المنطقة ولن تسمح بأن تكون اجواء الاردن مدخل المناورات الإقليمية كما لن تسمح بإسقاط حالة الاستقطاب الإقليمي عبر الفضاء الاردني الذي تعتبر المحافظة عليه أولوية وطنية كما دعم القضية الفلسطينية أولوية عظمى وسيبقى الملك عبدالله يقول وينشد خلفه كل الاردنيين "عين على الأردن وعين على فلسطين من اجل امن الاردن نعمل من أجل حرية فلسطين ".