اقتصاد

خفض أسعار الفائدة في تركيا والصين …. هل يصلح للحالة الأردنية ؟

{clean_title}
الأنباط -
عايش:  الظروف الراهنة تتطلب  ضوابطاً وسياسات مناسبة لتفادي الآثار السلبية لارتفاع أسعار الفائدة

خفض أسعار الفائدة في تركيا والصين …. هل يصلح للحالة الأردنية ؟ 


الأنباط-عمر الكعابنة
في خطوة مفاجئة ومحل جدل، قامت السلطات المالية في بعض الدول بتخفيض أسعار الفائدة في محاولة لمواجهة التضخم النقدي الذي يواجه الاقتصاد الحالي، وتعتبر تلك الخطوة جريئة وعليها مناقشات كثيرة بين الاقتصاديين حول تأثيرها على التضخم والنمو الاقتصادي.

وفي سياق النقاشات حول خفض سعر الفائدة، سلطت "الأنباط” الضوء على على الفرق بين دور الفائدة في مكافحة التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن  رفع سعر الفائدة واحدة من الأدوات الكفيلة بكبح جماح التضخم، حيث يُشجِّع ارتفاع سعر الفائدة المدخلات المالية للبنوك ويقلل الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يؤدي إلى تقليل الطلب الداخلي وتحقيق انخفاض في معدلات التضخم وعلى الجانب الآخر، فإن تخفيض أسعار الفائدة يسعى إلى زيادة العرض النقدي في السوق، وبالتالي تحفيز الاستثمار والإنفاق، مما يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية.

وبالرغم من أن تخفيض أسعار الفائدة يُعَدُ بعض الاقتصاديين بأنه إجراء معاكس لمكافحة التضخم، إلا أنه يستند إلى مبدأ مهم يفسر فيه أهمية الفائدة، فإذا كانت أسعار الفائدة أقل من معدل التضخم، فإن ذلك يعوض المودعين عن تراجع قيمة أموالهم في البنوك، مما يحافظ على القيمة الشرائية للنقود، وبالتالي، يعتبر رفع سعر الفائدة أعلى من معدل التضخم طريقة لتشجيع المودعين على الاحتفاظ بأموالهم في البنوك وعدم اللجوء للشراء والاستهلاك، مما يعزز استقرار القوة الشرائية ويساهم في مكافحة التضخم.

وتابع، أنه من الصعب أن نجزم بأن تخفيض أسعار الفائدة هو الإجراء الأمثل في جميع الحالات، فقد أظهرت بعض الدول مثل تركيا ومصر تجربة تخفيض الفائدة بنسبة أقل من معدل التضخم وواجهت تحديات اقتصادية. ينبغي أن نأخذ في الاعتبار السياق الاقتصادي لكل دولة وأهدافها الاقتصادية المحددة عند اتخاذ قرار بتخفيض أو رفع أسعار الفائدة على سبيل المثال، تبرز الصين كحالة خاصة، حيث تمتلك معدلات منخفضة للتضخم، وبالتالي فإنها لم تلجأ إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم. وبدلاً من ذلك، قدمت الصين أسعار فائدة تشجيعية لقطاعات محددة مثل العقارات والتصدير وبعض الصناعات الأخرى، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي، وعليه يجب أن ندرك أن تخفيض أسعار الفائدة يتطلب موازنة دقيقة بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي وأن يتم اتخاذ القرارات المالية بناءً على تحليل شامل للأوضاع الاقتصادية وتوجهات النمو المستقبلية لكل دولة، مع الاستفادة من الدروس المستفادة من الخبرات السابقة في مجال تخفيض أو رفع أسعار الفائدة.



وزاد، أن سياسات الفائدة وتأثيرها على الاقتصادات المختلفة تتباين حول العالم، حيث تتجه الصين نحو سياسة تصديرية التي تمتلك احتياطيًا ضخمًا من العملات الأجنبية يصل إلى مراحل تريليونات الدولارات، تتمكن من تنفيذ سياسات تخفيض أسعار الفائدة وتوفير السيولة في السوق المحلية لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي تهدف إلى زيادة الطلب المحلي وتعزيز النمو الاقتصادي ، بينما تواجه تركيا تحديات اقتصادية نتيجة تراجع قيمة الليرة، مما يفرض ضغوطًا على رفع أسعار الفائدة للحفاظ على استقرار العملة ، تعاني تركيا أيضاً  من تدفق الاستثمارات الأجنبية وارتفاع معدل التضخم، مما يتطلب رفع أسعار الفائدة للحفاظ على سعر صرف الليرة واستقرار الاقتصاد. 

وأشار عايش إلى أن  الأردن يعاني  أيضًا من مشكلات مماثلة، حيث ارتفعت الفوائد بشكل كبير نتيجة ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار، مما أدى إلى زيادة الهامش بين أسعار الفائدة على الودائع وأسعار الفائدة على القروض ، وتظهر الاختلافات في سياسات الفائدة وتأثيرها الاقتصادي أهمية تحقيق التوازن الأمثل بين مكافحة التضخم وتحفيز النمو. تختلف الأوضاع الاقتصادية لكل دولة، ولذلك يجب أخذ الاعتبار الظروف الخاصة وتحديات كل دولة قبل اتخاذ قرارات بتخفيض أو رفع أسعار الفائدة.


وأضاف أن ارتفاع أسعار الفائدة في الأردن في هذه الظروف الاقتصادية يعتبر تحديًا يتعارض مع الحاجة الاقتصادية للبلاد، ورغم تبرير الرغبة في الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يفرض تكلفة إضافية، بعد تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، تم رفع أسعار الفائدة في الأردن عشر مرات مما أدى إلى تحقيق استقرار في الحياة المعيشية والاقتصادية بالنسبة للقطاعات الاقتصادية، المستثمرين، والمقترضين، سواء كانوا أفرادًا أو شركات، لافتاً أن يكون هناك ضوابط على ارتفاع أسعار الفائدة في الأردن، حيث ينبغي للبنك المركزي أن يتدخل في حالات معينة، بدلاً من ترك المسألة للقوى السوقية،  نحن نعيش حالة غير عادية حاليًا، ويجب أن نستخلص العبرة من ذلك ونعدل أو تغيير السياسات بما يتلاءم مع هذه الظروف، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة كان من بين الأسباب التي أدت إلى انهيارات مصرفية كبيرة في الماضي، وكذلك انخفاض أسعار الفائدة كان من بين الأسباب التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

 وأفاد أننا علينا الآن أن نتبنى نموذجًا مصرفيًا مختلفًا فيما يتعلق بأسعار الفائدة، حيث لا تكون محصورة في القطاع المصرفي فقط، بل تشمل جميع أفراد المجتمع، وتؤثر على كافة القطاعات الاقتصادية، المستثمرين والمقترضين، وبالتالي، فإنها تؤثر على المجتمع في جميع فئاته وأدواته وقطاعاته، بالإضافة إلى تأثيرها على استثماراته ومستقبل العملية الاقتصادية ونموها، فضلاً عن تأثيرها على معدلات البطالة ومعدلات الفقر، وحتى على دخل الناس من الناتج المحلي الإجمالي.

وأختتم عايش حديثه لـ”الأنباط” أن  الظروف الراهنة في الأردن تتطلب  ضوابطاً وسياسات مناسبة لتفادي الآثار السلبية لارتفاع أسعار الفائدة، وضمان تحقيق التوازن بين الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، ويجب أن يكون هناك حوار شامل ومشاركة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أننا في مرحلة حاسمة تتطلب منا تقييم سياساتنا الاقتصادية وإجراء التعديلات اللازمة لتجاوز التحديات الحالية وتحقيق النمو المستدام والاستقرار الاقتصادي.

من الجدير ذكره أن البنك المركزي التركي رفع أسعار الفائدة مؤخرا  من   8.5%  إلى 15% بـ، خطوة هي الأولى منذ أكثر من عامين، في نقطة تحول تعبر عن خروج تركيا عن السياسات غير التقليدية التي يُلقى عليها باللوم في هجرة المستثمرين الأجانب والسماح للأسعار بالخروج عن نطاق السيطرة.

وكان الاقتصاد التركي قد وصل إلى أعلى مستوى في 24 عاما عند 85.5% في أكتوبر، قبل أن ينخفض إلى أقل من 40% الشهر الماضي.
وكانت وكالة موديز، قد ذكرت أن تحول تركيا لسياسات اقتصادية تقليدية سيكون أمرا إيجابيا لتصنيفها الائتماني.
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )