يرتهن النمو الاقتصادي المنشود،
بقدرة القطاعين العام والخاص على توطيد شراكة حقيقية، لإنشاء مشاريع ذات جدوى،
وقادرة على استقطاب المستثمرين ووضع المملكة على الخارطة الاستثمارية للمنطقة.
ويرى
ممثلون للقطاع الخاص وخبراء، أن السنوات الماضية، حملت عدة محاولات لإيجاد أواصر
شراكة مع القطاع العام، أبرزها استحداث وحدة لذلك، إلا أن تطبيق القانون، وبعض
المعيقات الإدارية؛ وتكاليف الأعمال، والقدرة على المنافسة، حالت وفق رأيهم دون
تفعيل ذلك.
وكان
جلالة الملك عبدالله الثاني، أشار خلال اجتماع عقد في قصر الحسينية، في كانون
الثاني الماضي، لمتابعة خطة الحكومة للاستثمار؛ إلى ضرورة تسريع مشاريع الشراكة
بين القطاعين العام والخاص، وإيجاد فرص استثمارية جديدة تساهم عوائدها في نمو
الاقتصاد.
وتهدف
الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفق قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين رقم
17 لسنة 2020، إلى المساهمة في إنشاء البنية التحتية العامة والمرافق العامة أو
إعادة تأهيلها أو تشغيلها أو صيانتها أو إدارتها أو تطويرها، وتقديم الخدمات
العامة وتوفير تمويل للمشروعات الحكومية، وتنفيذ مشروعات الشراكة التي تحقق القيمة
المضافة مقابل المال وجودة الخدمات، والاستفادة من الخبرة والمعرفة الفنية
والتقنية الحديثة لدى القطاع الخاص في إنشاء المشروعات وإدارتها.
وأكد
رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، خلال لقائه رئيسة البنك الأوروبي لإعادة
الإعمار والتنمية، أوديل رينو باسو، أخيرا، عزم الحكومة إصدار قانون جديد للشراكة
بين القطاعين العام والخاص، للحد من المعيقات التي يتضمنها القانون الحالي، أمام
تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية.
وقال
رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، حمدي الطباع، إنه عند تقييم فاعلية القوانين
الناظمة لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، سواء القانون المعمول به
حالياً والذي تم إقراره في عام 2020، أو القانون السابق عام 2014؛ فمن الملاحظ عدم
تمكن القانون من تفعيل مشاريع الشراكة لتصل إلى المستوى المأمول، وبما يساهم بنحو
إيجابي وملموس في زيادة الاستثمارات ودعم البيئة الاستثمارية ودفع عجلة النمو
الاقتصادي.
وأشار
إلى عدم التشاور مع القطاع الخاص عند إقرار القانون أو الاستفادة من خبراته
الواسعة في مجال الاستثمار وإقامة المشاريع، رغم أنه شريك مهم وأساسي، لضمان نجاح
مشاريع الشراكة، فالقطاع الخاص هو المستثمر الرئيسي، والحكومة هي المنظمة.
واعتبر
أن "عنوان موضوع الشراكة بين القطاعين غير دقيق فكلٌ له خصوصية وعليه
مسؤولية، لذا يمكن اقتراح أن يكون هناك تعاون وتنسيق وتشاور بدلاً من الشراكة، وأن
يكون للحكومة قناعة تامة بدور القطاع الخاص في التنمية".
وفيما
يتعلق بأسباب عدم نجاح القانون؛ بين الطباع وجود عوامل عديدة ومتداخلة منها ما
يعود للبيئة التنظيمية والاستثمارية ومنها ما يعود لنصوص القانون نفسها، ومن أبرز
هذه الأسباب، الإجراءات الإدارية "المعقدة" التي أثرت على تطبيق
القانون، وهي نفسها المتمثلة بالمعوقات الاستثمارية؛ كالبيروقراطية وعدم وضوح
العديد من المتطلبات والإجراءات المتعلقة بتنفيذ مشاريع الشراكة.
ولفت
الطباع إلى أن جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أعدّت ملاحظاتها عندما كان القانون
موضع نقاش في عام 2020، مبيناً أن عدم وجود دور استشاري للقطاع الخاص يساهم في
متابعة مشاريع الشراكة ومدى مساهمتها الاقتصادية ويكون له دور في اختيار المشاريع
ضمن لجنة محددة لتلك الغايات، وحصر دور القطاع الخاص كجهة تمويلية فقط، هو من أحد
الأسباب الرئيسية لعدم نجاح القانون من وجهة نظر مجتمع الأعمال الأردني.
وأكد
أن نجاح مشاريع الشراكة لا يقتصر فقط على توافر التشريعات والأنظمة، بل يتطلب
لنجاح القانون العمل جنباً إلى جنب على تعزيز الحوكمة والشفافية والإفصاح
والمساءلة، بهدف تعزيز التنافسية وتوفير المتطلبات الأساسية لنجاح قانون الشراكة،
مع توافر آليات واضحة لإدارة المشاريع واختيارها.
وعدّد
الطباع مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تضعها الحكومة بعين الاعتبار في حال
التعديل على القانون الحالي، لضمان نجاحه، من أهمها، العمل على الاستفادة من
الخبرة والمعرفة الفنية والتقنية لدى القطاع الخاص في إنشاء المشروعات وإدارتها من
خلال إشراك ممثلين من القطاع الخاص، ضمن لجنة تهدف إلى مساهمة القطاع الخاص كجهة
استشارية، وتوسيع نطاق مساهمة القطاع الخاص بنحو فعلي وملموس، خاصة فيما يتعلق
بتقييم دراسات الجدوى الاقتصادية لمشاريع الشراكة المحتملة لدورها المهم في نجاح
المشروع في المستقبل واستفادة جميع الأطراف منه.
واقترح
إيجاد آليات وبرامج عمل، موجهة نحو مساعدة الجهات المتعاقدة من قبل القطاع الخاص
على إنشاء مشروع يندرج ضمن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في الحصول
على التراخيص والموافقات اللازمة للبدء بالمشروع، وأن يتم تخصيص جهة ضمن بنود
القانون، تتابع وتنسق مع وزارة الاستثمار ضمن وحدة مشروعات الشراكة.
وأكد
أهمية اتسام الإطار التشريعي للقانون بعدم التعقيد وسهولة التطبيق والتنفيذ على
أرض الواقع، بالإضافة إلى أهمية أن تكون مواد القانون واضحة لتجنب حالات اللُّبس
والتعقيد التي يعاني منها القطاع الخاص باستمرار.
وبين
أهمية أن يتيح القانون وبنص صريح، الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية دون فرض
قيود وذلك لإتاحة المجال لإقامة مشاريع استثمارية متنوعة في مختلف القطاعات، على
أن يتم تحديد القطاعات ذات الأولوية بناءً على تطلعات المستثمرين والقطاعات الأكثر
إقبالاً للاستثمار من قبلهم.
ودعا
لتخصيص لجنة لمتابعة تحقيق شركة المشروع القيمة المضافة والعوائد الاقتصادية
المتفق عليها خلال فترة عمر المشروع، بحيث يكون هناك متابعة متواصلة وفق جداول
زمنية وآليات عمل محددة بدقة كبيرة، إلى جانب التشديد على ضرورة الإفصاح المستمر
لضمان الشفافية وزيادة ثقة المستثمرين بمشاريع الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
من
جانبها، قالت النائب الأول لأمين عام حزب الميثاق الوطني، ريم بدران، إن الإجراءات
والمعايير اللازمة لمشاريع الشراكة بين القطاعين، غير واضحة، مما يصعب عملية تقييم
أفضل الشركات للقيام بتنفيذ المشاريع، بالإضافة إلى صعوبة معرفة المعلومات اللازمة
لتقييم المشاريع المؤهلة للطرح على طاولة الشراكة.
وأضافت
بدران إن الحكومة طرحت العديد من العطاءات للمشاريع، دون اللجوء لقانون الشراكة،
بسبب إدراكها لوجود مشاكل فيه، مشيرة إلى ضرورة وضع معايير واضحة للمشاريع المؤهلة
للشراكة، وتوفير المعلومات الشفافة حول آليات التقييم والمساءلة.
وأكدت
ضرورة توفير الحماية للعمالة المحلية في المشاريع التي تنضوي تحت إطار الشراكة،
وتشجيع مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص في وضع أطر القانون في المرحلة
المقبلة.
وأشارت
بدران إلى وجود مشاريع ناجحة بالفعل، يمكن البناء عليها، مثل مشروع مطار الملكة
علياء الدولي، الذي يعد نموذجاً ناجحاً لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام
والخاص، من خلال وجود شركة استشارية دولية وفرت مهنية عالية في طرح العطاء.
-- (بترا)