عايش: الاولوية للمدن القائمة ٠٠ والمخامرة: قد تتعارض مع رؤية التحديث
الأنباط – سبأ السكر
تساءل بعض الخبراء والمختصصين من الجدوى من أقامة مدينة جديدة في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي تواجهها المملكة، في حين تأتي المدينة الجديدة انسجامًا مع رؤية التحديث الاقتصادية وخريطة تحديث القطاع العام؛ لتكون مدينة ذكيةتقع على حدود العاصمة عمان، قائمة بذاتها؛ وميزتها أنها مدينة مخططة سلفا تستوعب الزيادة السكانية في إقليم الوسط وخاصة العاصمة عمان والزرقاء.
و قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن المدينة الجديدة طرحت من قبل في الحكومات السابقة، وتم التطرق إليها اخيرا في الحكومة الحالية ضمن رؤية التحديث الاقتصادية، مبينًا أن القضية الأساسية تتعلق بأولويات الدولة بهذا الشأن.
وتساءل عن الأولوية التي تحتاجها البلاد الآن هل هي إقامة مدن جديدة بكلف مرتفعة أم اصلاح المدن القائمة حاليًا لتجويد حياة الأفراد داخلها، ومواجهة المشاكل الكبيرة التي تعيق النشاط الاقتصادي والاجتماعي، و تؤثر في نتيجتها النهائية على صحة الفرد، نظرًا للاكتظاظ السكاني والازدحام المروري زيادة الكربون المستهلك في البيئة المحيطة بهم، مبينًا أن الطريقة التي تقام بها المؤسسات الحكومية والخاصة داخل المدن تحتاج إلى المراجعة والتقييم بتأثيرها على سكان المدن القائمة وقدرتهم على متابعة حياتهم لوجود مشاكل عديدة تخلقها هذه المؤسسات وموظفيها.
وبين عايش، أنه في بداية الأمر على الحكومة أن تعمل بشكل جديد من التنظيم والتحسين بالمدن القائمة، ثم النظر بانشاء مدن جديدة، لافتا إلى أنه لا تجب زيادة ديون الدولة السنوية الداخلية والخارجية المقدرة لها بارتفاع ما يقارب 2.3 مليار دينار في 2023 والتي تعبر عنها موازنة التمويل بالبالغة 8.8 مليار دينار لسداد ديون وسندات حالية، بالإضافة لسد عجز الموازنة ومواجهة سندات محلية بالدولار والتزامات اخرى.
وتابع، انه يتم الحديث عن كلف هائلة يفترض على الحكومة أن تتحملها في انشاء مدينة جديدة، في حين أنه لا بأس أن تشارك في تحسين البنية التحية بالعديد من المدن القائمة حيث تنظم عملية أقامة العقارات والسكان والقطاعات الاقتصادية داخلها؛ وفقًا لمواصفات تحددها الحكومة، مضيفًا إلى أن تقليد الدول الأخرى "كموضة" يستدعي المراجعة فيما يتعلق باي كلف مرتفعة تنجم عنها وتحمل الحكومة مسؤولية عبء الدين.
وأشار عايش إلى أن بناء مدينة وفق مواصفات عالمية ورقمية وباستدامة، يمكن ان تطبق بالمدن القائمة كمدن ذكية، الذي يؤدي إلى تحسين حياة سكانها، معبرًا عن قلقه بالانتقال إلى مدن بدرجة أولى وثانية والاتجاه إلى العناية في المدينة الجديدة على حساب المدن التقليدية والقائمة ما يعني تعرض سكانها إلى المزيد من الاعباء الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية وغيرها.
وأوضح، أن دول أخرى تنهج مبدأ الدول مكتملة الخدمات التي لا يحتاج سكانها إلى الذهاب لمدن اخرى لإنجاز معاملاته وشراء الخدمات أو للحصول على متطلبات العيش الأمن والكافي، مشيرًا إلى أنه يجب على الحكومة النظر في هذا الأمر خاصةً إذ تم النظر للعاصمة عمان التي أصبحت عبارة عن مدن أقيمت بالفعل، ووجب على الحكومة تنظيمها بالشكل المطلوب مقابل ما يقوم بدفعه المواطن.
وعلق الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، من جهتهُ، على أهمية اقامة مدينة جديدة بمبلغ 8 مليارات دينار مع وجود ارتفاع مديونية تجاوزت 110% من ناتج المحلي الاجمالي، مبينًا أن هناك نقاط ضعف واضحة في البيئة الاستثمارية لتحقيق الغايات المرجوه من انشائها.
ولفت الى أن مشروع المدينة الجديدة ما زال خطة؛ وفقًا لما أشارت إليه الحكومة، ولم يتأخذ القرار بعد من خلال الجهة الاستشارية، وستتم دراسة لتحديد ملامحهُ بشكل واضح، مشيرًا إلى أن هذا يؤدي إلى تساولات كثيرة على جدوى اقامة هذه المدينة ضمن الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة، خاصًة ضمن العجز في الموازنة العامة وكيفية تمويل انشاء البنية التحتية لها.
وأشار مخامرة إلى أن أمانة عمان الكبرى تبنت فكرة تحويل المدن إلى مدن كبرى، وفقًا للمخطط الشمولي 2007 في ظل احتواء العاصمة 45% من سكان المملكة، الذي زاد من مشاكل الاكتظاظ، في غياب منظومة النقل الحضري لها، ما ادى إلى التفكير بانشاء مدن جديدة تتحمل جميع المشاكل التي تواجه العاصمة عمان، وتساهم في تكوين رافعة اقتصادية وحواضن اجتماعية للسكان، لافتًا إلى أنه توجد مدن اخرى تم انشاؤها كمدينة الحرمين في الزرقاء، واجهتها عدة مشاكل لتحقيقها لتوجه العام لهذه المدن.
وتابع، أن المدينة الجديدة قد تتعارض مع رؤية التحديث الاقتصادية لوجوب متطلب التنمية المتوازنة، لتبنيها نشاطات اقتصادية غير المتاحة حاليًا، وامكانية توفير المياه في ظل العجز المائي في المملكة، مؤكدًا أنه لا يشترط تطبيق التجارب نفسها للمدن الجديدة في دول أخرى، ولا يجوز مقارنتها بها، ما يعني أنه قد يكون تكلفة المشروع ضعف المقدر له، كتجارب سابقة كمشروع الباص السريع.
الجدير ذُكره، أنه في العامين (2023- 2024) ستتركز على كيفية إنشاء مدينة مستدامة ذكية وتستخدم التكنولوجيا الحديثة، ورفع كفاءة شبكات الطاقة والمياه والنقل وتشجيع الصناعات الخضراء وتوفير مراكز أعمال معتمدة لقطاع الاقتصاديين المستقلين، وسيشملان اعداد المخططات التفصيلية للمرحلة الأولى التي ستبدأ عام 2025 لتنتهي بـ 2033، وفي العام 2028 الأصل أن تنتهي أعمال المؤسسات الحكومية التي ستنتقل، ثم المساكن.