محليات

القيادة الهاشمية بإرثها التاريخي وشرعيتها الدينية فاعل أساسي إقليميا ودوليا ..

{clean_title}
الأنباط - وتزامنت المبادرات الهاشمية تجاه مدينة القدس، وتحديداً في المسجد الأقصى المبارك مع الاستمرار الفاعل للدبلوماسية والسياسة الأردنية الثابتة في الدفاع عن الحق التاريخي والشرعي للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، فإلى جانب التوجيهات الملكية المباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني لكافة المؤسسات الرسمية والأهلية الأردنية لتكثيف جهودها في مساندة الأشقاء في مدينة القدس، تأتي المبادرات الملكية الهاشمية إنموذجا في ترسيخ الهوية الثقافية والحضارية والدينية لمدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وفي سياق دعم الرباط والصمود المقدسي في ساحات المسجد الأقصى المبارك، أمر جلالة الملك عبدالله الثاني العام الماضي بإنشاء "وقفية المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك"، عبر إنشاء حلقات لتعليم وقراءة القرآن الكريم، التي تدلل على العمق الديني والروحي للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والتي تعود في جذورها لحادثة الإسراء والمعراج.
ولأن جلالة الملك عبدالله الثاني يعتبر أي مساس بالقدس ومقدساتها خطا أحمر، لا يمكن السكوت عليه، أعاد جلالته التأكيد في مقابلته الأخيرة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، على مكانة القدس "كمدينة تجمع ولا تفرق"، محذرا من تجاوز "الخطوط الحمراء" التي تخص الوصاية الهاشمية عليها واستغلالها لأغراض سياسية. مبينا أن "المدينة المقدسة يجب أن تكون مدينة تجمعنا.
وأضاف جلالته في المقابلة "نحن الأوصياء على المقدسات المسيحية كما الإسلامية في القدس، وما يقلقني هو وجود تحديات تواجه الكنائس بسبب السياسات المفروضة على الأرض، وإذا ما استمر استغلال القدس لأغراض سياسية، يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة".
وشكل خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين في شهر أيلول من عام 2022، دعوة أردنية لدول العالم لتحقيق مستقبل أكثر أمنا وازدهارا تسوده العدالة والنمو الاقتصادي المستدام، والفرص الواعدة وفرص عمل أكثر وأفضل، من خلال الاتحاد والعمل المشترك الفاعل، وإيجاد شراكات حقيقة وقوية لإدارة واستدامة الموارد الطبيعية وخاصة المائية، وحفظ مواقع التراث العالمي والبيئات الطبيعية، وتحقيق الأمن الغذائي.
وجاء الخطاب، ترجمة لموقف الأردن الذي كان وما زال، مصدرا للاستقرار الإقليمي وموئلا للاجئين، ودور للأردن أراده جلالته أن يصبح نقطة ربط حيوية للشراكات الإقليمية، والتعاون للتصدي للأزمات الدولية وتوفير الإغاثة الإنسانية، وتحقيق مصلحة الشعوب باعتبار ذلك ثابتا وأولوية.
ويؤكد جلالة الملك وعبر أكثر من مناسبة خلال العام الماضي أن المنطقة ليست بحاجة لمزيد من الأزمات والصراعات، بل إلى التعاون والتنسيق. ودوما ينادي الأردن بمد جسور التعاون بدلا من بناء الأسوار والحواجز، وهو معني بأمن المنطقة، فأمن الأشقاء العرب هو جزء من أمننا.
وضمن هذا المفهوم، قال جلالته في مقابلة مع صحيفة الرأي في 24 تموز 2022" بدأنا في الأردن مبكرا بتشجيع التعاون الإقليمي لبناء مجموعات المنعة الإقليمية، ولدينا آلية للتعاون الثلاثي مع الأشقاء في مصر والعراق.
ويتابع جلالته "وهناك تعاون مستمر مع الأشقاء في السعودية ودولة الإمارات، إضافة إلى آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص، فبلد بمفرده لا يُمكن له أن ينجح في مواجهة كل هذه التحديات المشتركة وتحقيق الأهداف الطموحة التي نريدها، خصوصا في مجالات مثل الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي والدوائي والبيئة وغيرها من القطاعات الحيوية، ونحن معنيون بالانخراط في أي جهد إقليمي يستهدف تعاونا يحقق الازدهار والتنمية لشعوب المنطقة، ويتصدى للتحديات المشتركة".
وجلالة الملك الذي يجوب العالم لتحقيق الرفاه لشعبة داعيا للسلام، كانت القضايا الإنسانية حاضرة بقوة لديه، لذا لا غرابة أن يكرم جلالته بالعديد من الجوائز الدولية حيث حصل جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله، في أيار 2022 جائزة "الطريق إلى السلام"، التي تُمنح من قبل مؤسسة الطريق إلى السلام التابعة لبعثة الفاتيكان في الأمم المتحدة تقديراً لدورهما في تعزيز الحوار والوئام بين الأديان، وفرص تحقيق السلام، وجهود الأردن الإنسانية في استضافة اللاجئين.
كما استحق جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة زايد للأخوة الإنسانية لعام 2022 تقديراً لجهود جلالته المبذولة في تعزيز الأخوة الإنسانية واحترام التنوع والتعايش السلمي.
كما تشير نشاطات جلالة الملك إلى اهتمامه الكبير بقضايا الأمن الغذائي ودعم القطاعات الإنتاجية وتغير المناخ وآثاره، ودعوته إلى أن يكون هناك تعاون لبناء الأمن الغذائي على مستوىً عالمي، حيث لا بد من أُطر عمل تنظيمية متينة، تشمل توفير الأدوات المالية المطلوبة، وتبادل الخبرات العالمية في تقنيات الزراعة.
وضمن هذا المحور، استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني في الثامن من تشرين الثاني 2022، وفدا من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، حيث أكد جلالته ضرورة تكثيف الجهود والتنسيق الوثيق إقليميا ودوليا للتصدي للآثار التي تتسبب بها الأزمات العالمية في مجالي الأمن الغذائي والتغير المناخي.
ويعتبر جلالة الملك الأمن الغذائي، أولوية عالمية في حين ينام مئات الملايين في العالم جياعا، وهذه الأعداد في تزايد مستمر، ويتساءل كيف للآباء والأمهات أن يتمكنوا من تنشئة أطفال أصحاء؟ كيف للطلبة أن يتمكنوا من تلقي تعليمهم، وكيف للعمال إنجاز عملهم وهم يواجهون اليأس وانعدام الأمن الغذائي؟
وتطرق جلالة الملك في خطابه أمام الأمم المتحدة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين، إلى أن أزمة المناخ، مبينا جلالته أنه لا يمكن لأي بلد أن يعالج بمفرده، أثرها على البيئة.
وأوضح جلالته إلى أننا بحاجة إلى شراكات قادرة على إحداث تغيير حقيقي، والأردن جزء من هذه الجهود، إذ يعمل على بناء شراكات قوية لإدارة واستدامة الموارد المائية، ولديه المزيد من الفرص للعمل مع الشركاء للحفاظ على مواقع التراث العالمي والبيئات الطبيعية المميزة بالمملكة، كالبحر الميت ونهر الأردن والشعاب المرجانية في خليج العقبة، المهددة جميعها بفعل التغير المناخي".
وبين جلالته في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 الذي استضافته جمهورية مصر العربية في 7 تشرين الثاني 2022 أن مخاطر التغير المناخي القاتلة ما زالت بازدياد مطرد، تدفع ثمنه جميع الدول، وخاصة الدول النامية.
ليس من السهل الالمام بكافة الجهود الملكية الكبيرة التي بذلت على مدار العام المنقضي من عمره المديد، والذي حوله من يوم للراحة إلى يوم للعمل والإنجاز والبذل العطاء، لكن من السهل أن نشاهد ونلمس النتائج الكبيرة التي تحققت لوطننا بفضل تلك الجهود الملكية المخلصة، والتي ننعم بها في ظل ظروف إقليمية ودولية غاية في الصعوبة سياسيا واقتصاديا، حيث لم نكد يخرج العالم من أزمة جائحة كورونا حتى دخلنا بأزمة الحرب الروسية الأواكرانية أو انعكاساتها على أزمة الغذاء والطاقة عالميا.
وما يجعل المتابع يشعر بالاندهاش هي تلك الطاقة الإيجابية الكبيرة التي يتميز بها جلالته وحالة التعب والإجهاد التي تظهر على محياه أحيانا نتيجة تعدد المناسبات في اليوم الواحد، حيث لا يكاد تحط رحاله من زيارة خارجية إلا وتجده في إحدى المحافظات يجالس أبناء شعبه مستمعا لهم، متابعا لقاضياهم، باحثا معهم عن وضع الحلول للتحديات التي تواجههم، لينطلق للقاءات تكاد لا تنتهي مع ضيوف وقادة ورؤساء ورجال أعمال ، وقطاعات وطنية وغيرها في حركة مستمرة بوصلتها مصلحة الوطن وابنائه.
--(بترا)
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )