بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) صدق الله العظيم
إن المجابهاتَ السياسيةَ التي يخوضها الأردن والضاربة في عمقِ القضايا العربية والقومية والإسلامية باتتْ ترسمُ ملامحَ الأردن الذي لا يقبلُ المُهادنة أو التراجع عن المواقف الثابتة التى تؤكدُ شرعية الأردن في حملِ الوصاية الهاشمية على المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحية في القدس والتي سوفَ تبقى عربيةَ المَنبت في عيونِ بني هاشم وهنا جائتْ رسالةُ جلالة الملك الواضحة لإسرائيل قبل ساعاتٍ من إعلان نتنياهو عن تشكيل حكومته بأن أي سياسات بإتجاه القدس سوفَ تقابل بتعاملاتٍ حازمةٍ نستذكرُ من خلالها الأزمة الحادة للعلاقات التى استمرتْ قُرابة الأربع سنواتٍ مع نفس هذه الحكومة ليكون تأكيدُ جلالة الملك هنا بأن لا مكان لإسرائيل إلا مع حقوق الفلسطينيين ليتضح هنا بأن المرحلةَ القادمةَ هي مرحلةٌ سياسيةٌ صعبة بإمتياز خصوصًا وأن هذه المجابهة سوف تكون مع حكومةٍ إسرائيلية عرفتْ بأنها اليمينية الاكثر تطرفًا في تاريخِ الحكومات الإسرائيلية وهنا كانت الاشارات واضحةً في لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع قناةِ ال CNNوالذي مررَ من خلالها رسائل حازمة تؤكد للمجتمعِ الدولي ولإسرائيل موقفَ الأردن الراسخ في هذا الإتجاه ويذكرُ الجميع باللاءات الثلاثة والإستعداد للصدام مع الصهيونيةِ المتطرفةِ وتقديم مصلحة القدس وإبقائها حاضرةً في كل الإتجاهاتِ الراميةِ إلى تشكيل رأيٍ عامٍ عالمي ينصفُ حق الفلسطينيين ويبعدُ أي محاولاتٍ لتهويد القدس بأي شكلٍ من الأشكال وكانت الحنكةُ السياسية حاضرةً في لقاء جلالة الملك عندما أكد أن للشعبِ الإسرائيلي حقّ إختيار من يقودهُ عندما قال ( نحن جميعًا على استعدادٍ للمضي قدمًا وسنعمل مع أي شخصٍ وكل شخصٍ طالما أنه يمكننا جمع الناس معًا ) لتكون الإشارةُ واضحةً هنا بأن مواقفَ الأردن لم ولن تتغير وفقًا لطبيعةِ أفكار الطرف الآخر وأن الأردن مستعدًا للدخول في أي صراعٍ إذا كان هناك محاولة من الآخرين لتجاوزِ الخطوط الحمراء أو التغوّلِ على المباديء الثابتة والواضحة .
سيبقى عمقُ العلاقات الأردنية الفلسطينية خالدًا وجزءً لا يتجزأ من قناعات جلالة الملك الذي تصدى لكل العقباتِ السياسية والإقتصادية التي طالتْ الأردن نتيجةَ مواقفهِ الثابتة وهنا لا بد من الإشارة إلى عمقِ التناغم بينَ الرأي السياسي والشعبي في هذا الإتجاه ليكون وقوفُ الشارع الأردني واضحًا خلف رسالةِ جلالة الملك ودعمهُ اللامتناهي لجميعِ الحقوق والمطالبات الفلسطينية المشروعة وعلى رأسِها القدس التى كانت ومازالتْ وستبقى شقيقة عمان في فكر جلالة الملك ووجدان الشعب فالثوابتُ الأردنية في العلاقاتِ مع الجانبِ الصهيوني تندرجُ وفقَ المفاصل الواضحة التى كانت في عام ٢٠١٩ ( لا للتوطين ولا للوطن البديل والقدسُ خطٌ أحمر) وهنا يجب أن نستذكرَ بأن هذا الموقف كان ضد صفقةِ القرن ومشروع الضم الذي تبنته نفس هذه الحكومة بقيادةِ نتيناهو .
( إن الباقورة والغمر ليستْ عنكم ببعيدٍ ) ثقتنا بجلالة الملك كبيرةٌ وقدرته على المجابهةِ عظيمةٌ فالأردن لا يلينُ ولا يستكينُ ولا يُساومُ على أرضٍ أو مقدساتٍ وجدَ كالجبلِ المنيع في وجهِ الرياح الآثمة تدعمهُ قوةُ إرادتهِ السياسية والشعبية فهو العاكفُ على الأرضِ والمضحي من أجلها، إعتادَ على تقديمِ الشهداء والبذل والعطاء والحب والوفاء فكان صاحبَ الفضل والسبق يسيرُ إلى السلام وهو ممتطي جوادَ الإقدام يضعُ نصبَ عينيه ثقةَ الواثق وسلامَ القوي فكان النهجُ واضحًا والقول حازمًا (إذا سِرتُم نحو السلام سِرنا وإذا اخترتُم الصدام فنحنُ مستعدون ).
العين /فاضل محمد الحمود