الأنباط -
خليل النظامي
يبدو ان المطبخ السياسي في الدولة العميقة لم يعد يقرأ المشهد العام لـ المملكة من نافذة الموضوعية، فـ الكثير من الأحداث التي تشهدها وشهدتها سابقا الساحة المحلية كشفت لنا كـ خبراء ومتابعين لـ مجريات الشأن المحلي اللثام عن الملامح الحقيقية التي أصبح عليها شكل ومضمون الدولة الأردنية، والعلاقة التي تجمع بين الجماهير والحكومة من جهة والجماهير والنظام السياسي من جهة اخرى، والعلاقة بين الحكومة والنظام السياسي من جهة والعلاقة بين النظام السياسي ومجلس النواب من جهة اخرى.
الملامح التي أتحدث عنها هنا تنذر بـ الخطر من جهة وتعتبر تجسيد وتمثيل حقيقي لـ أسس العمل الديمقراطي من جهة اخرى، والخطورة التي اتحدث عنها هنا ليست على ثبات الدولة وسيادتها وهذا أمر لا جدال فيه، وإنما الخطورة تكمن عناصرها بـ تفتت الطبقات والشرائح الإجتماعية وإنفصالها عن المكونات الرئيسية لـ الدولة في وقت نحن بحاجة فيه لـ تكاتف وترابط كافة المكونات على إعتبار أننا نعيش مرحلة إنتقالية بحسب أجندة التطوير والتحديث السياسي والإداري والتصحيح الإقتصادي التي تعمل كافة المكونات على تنفيذها بحسب الرؤية الملكية.
ومن السهولة رصد وتشريح مشهد الإنفكاك الحاصل من خلال متابعة النمطية التي تتعاطى فيها الكثير من وسائل الإعلام المحلية والخارجية العاملة في الأردن، ومخرجات وإدراجات المواطنين من كافة الشرائح والفئات عبر منصات التواصل الإجتماعي إزاء أبرز القضايا العامة، والتي تشير في غالبها إلى أن حالة من الإنقسام الكبير تتعرض لها المكونات العامة لـ الدولة، وشروخ في كل ركن ومطرح، وعدم ثقة بين المكونات كافة، وتفرد بـ الرأي، وإسلوب مخاطبات لا يليق بـ مستوى السلطات والجماهير.
اللافت بـ الامر أن شبح وهمي يعيش في سماء المملكة خطف وسرق "طاولة الحوار" التي كانت ملجأ لـ إيجاد الحلول وتبادل وجهات النظر وتقريبها بين المنتفع والمتضرر سواء كانوا سلطات أم أفراد، وبسرقتها باتت العشوائية والفوضى تتسيد المشهد العام، ما نتج عنها الكثير من أشكال التخاطب لا تنتمي بـ صفتها العقلانية والعلمية لـ منظومة الحلول والخطط والإتصال السليم.
وفي المقابل، هناك زاوية إيجابية يمكن ان نرى من خلالها كـ خبراء أن هذه العشوائية والفوضى التي تتسيد المشهد شكل من أشكال الديمقراطية والحرية في إبداء الرأي ووجهات النظر على إعتبار أننا دولة ذاهبة بـ إتجاة خلق مناخ ديمقراطي حقيقي تفاعلي بين الجماهير والسلطات، خاصة أن الدستور الأردني كفل لـ المواطن حقه في حرية التعبير والمشاركة في الإحتجاجات السلمية على القرارات التي يعتقد أنها تضر بـ مصلحته والمصلحة العامة.
وما اود قولة لـ مطبخ الدولة العميقة،،
أن رؤية المشهد من زاوية الموضوعية أمر يجب ان يكون على رأس طاولة صناعة القرار لديكم، خاصة أن الرؤية السيادية الحالية لـ الدولة تتمثل بـ إعادة بناء المنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية من جديد، وهذا البناء إن تم على أسس غير صحيحة وغير عادلة فحتما ستكون نتائجة كما نتائج ما بني وفشل في السابق.
والشروخ والإنفكاكات الحاصلة بين المكونات العامة لـ الدولة، يجب أن يعاد ترميمها بشكل يتناسب مع الرؤية السيادية وينسجم معها، وإعادة طاولة الحوار لـ مكانها الأساسي ومعاقبة من يحاول سرقتها بـ الطرق النزيهة مهما بلغ منصبه ومكانته سياسيا وإقتصاديا أو حتى إجتماعيا، فنحن هنا نتحدث عن بناء دولة.