الأنباط -
حسين الجغبير
كالعادة، عشرات التصريحات الصحفية، والبيانات، والتأكيدات من أمانة عمان ووزارة الأشغال وغيرهما من المؤسسات الرسمية بأن الاستعدادات على أعلى المستويات بخصوص التعامل مع فصل الشتاء، والاستعداد للظروف الجوية القوية.
لكن، كالعادة نرسب في أول امتحان، كالذي تعرضت له عمان أول من أمس، وهو امتحان من المستوى السهل، أي أن التقلبات الجوية التي سادت لم تكن بذات الخطورة، أو المفاجأة، ومع ذلك نسجل فشلا كبيرا في التعامل معها، ونذهب إلى نشر توضيحات هدفها تبرئة الذات من الخلل الذي حدث، وهي تبريرات ساذجة، لا منطق فيها، ولا يقبلها عقل، حيث قرأ الجميع بيان أمانة عمان مساء الأحد واللغة التي استخدمت فيه، والتي تهدف فقط إلى رمي المسؤولية عن عاتقها.
وكالعادة أيضا، لا نحاسب أي مقصر في أداء عمله، حيث نستهين بالأخطاء التي تقع، حتى ولو كان ضحيتها ممتلكات الناس، أو أرواحهم، وقد رأينا أحد المواطنين كيف كاد أن يفقد حياته في عبارة مياه لولا عناية الله وانقاذه في اللحظات الأخيرة.
ما العيب، أو تحديدا لماذا نحن في هذا الضعف أمام ترسيخ محاسبة المسؤول، الذي استهان بكل شيء، لاطمئنانه من غياب العقاب، حيث يدرك أن كرسية ثابت لا يتغير مهما أخطأ أو قصر في عمله.
الحكومة في أوهن حالاتها ولا تفكر في متابعة أداء المسؤولين ومحاسبتهم؛ كيف لا، وهي في الأساس تعاني خللا في منظومة عملها بشكل عام.
هل ننتظر كارثة جديدة حتى نستفيق من الغيبوبة التي نعيشها، وهل ننتظر فقدان أرواح الأردنيين حتى نذهب إلى اتخاذ اجراءات هدفها ذر الرماد في العيون، ما الذي يحدث في هذا البلد الذي دخل في مئويته الثانية، الم يحن الوقت ليتحول الى دولة مؤسسات، لا أشخاص ومصالح متشابكة بين المسؤولين.
تجب مراجعة سياساتنا في إدارة الملفات الهامة في أوقات صعبة كفصل الشتاء، وقد شهدت الفصول السابقة حوادث عديدة لم نتعلم منها، ولم نستفد من وقوعها ولم نبن سياسات جديدة للاستعداد لها ومعالجتها حتى لا تتكرر.
اطمئنان المسؤول الذي يجلس على كرسيه لسنوات وسنوات دون محاسبة أو مراجعة لأدائه، أو حتى تقييم إدارته، هو السبب الأساس الذي يجلعنا نفشل دائما في الأوقات الحرجة، والحساسة.
بعض مناطق عمان عانت في أول شتوة، وهي شتوة لا تصنف بأنها قوية، وشاهدنا الشوارع تمتلىء بالماء، والاستعدادات والتجهيزات كانت ضربا من الخيال والاستعراض الاعلامي.
في الحقيقة التجارب تؤكد أن الفشل عنوان دائم في مثل هكذا ظروف، وربنا يستر مما هو مقبل ان بقينا على هذه الحال من عدم محاسبة المخطىء؛ لانه سيبقى مطمئنا دون اكتراث، وعندها سيزداد الاهمال وترتفع وتيرة الاخطاء، والوطن والمواطن يتحمل النتائج السلبية والكارثية احيانا.