بدا الأمر اكثر ازعاجا وكأن المجتمع الأردني الذي نعرفه تغيرت ملامحه بفعل مواقع التواصل الاجتماعي التي يصر العديد من المواطنين على إظهار جوانبهم السلبية خلالها، حتى باتت المسألة فوضى تصعب السيطرة عليها، وغدا هناك من يسيطر على المشهد ويتحكم به وللأسف هؤلاء يمثلون مجموعة لا تفقه من الحياة شيئا سوى كسب المتابعين والاعجابات والتعليقات، فانتشر الوباء بصورة هستيرية.
لا أريد أن اتحدث عن جزئية المواطنين الذين يعيثون في الأرض فسادا في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر التسابق لنشر الاشاعة، واستسهال اغتيال الشخصية، ما أود الإشارة إليه هم من يطلقون على أنفسهم المؤثرين في العالم الافتراضي.
هذه الفئة من الشباب والشابات يتمتعون من السخف ما لا يمكن تخيله، وباتوا يملكون ملايين المتابعين الذين يلهثون وراء محتوى هزيل ومتدني المستوى، حيث يقوم هؤلاء المؤثرون ببث مقاطع فيديو لا معنى لها، فيها من الاسفاف ما يكفي لإفساد شعب بأكمله، مقاطع بلا هدف أو رسالة تبث دون رقيب أو حسيب، وهم ينتشرون على مواقع التواصل الاجتماعي كما النار في الهشيم، لتصل عدد مشاهدات بعضهم إلى ملايين المشاهدات.
إن محتواهم الدخيل على مجتمعنا، يصنع فارقا سلبيا، فكيف للمواطنين المثقفين أن يتسابقوا إلى متابعة مثل هؤلاء، لا يمكن فهم المعادلة، وأكثر ما يزعج في الأمر هو أن تجد شخصا يلتف حوله المئات لالتقاط صورة معه في الشوارع، أو يحضر المئات أيضا حفلات غنائية يؤديها بعض المؤثرين ممن لا يملكون أدنى متطلبات الغناء من لحن أو صوت أو الحضور.
على الدولة وضع حل لحالة العبث التي يمارسها المؤثرون مجتمعيا، عبر ادخالهم سموما لم نعتد عليها سابقا، سيدفع أولادنا الصغار ثمنها غاليا، خصوصا أن هؤلاء الأطفال هم نواة مستقبل الدولة، فليس من المعقول بناء الدولة على أكتاف جيل تربى ونشأ وتعلم على يد ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بتنا نرى سلوكات غريبة في منازلنا ولا نستطيع السيطرة عليها أو الحد منها أو وقفها.
صحيح أن الدولة عالجت الأمر المالي الخاص بها عندما فرضت ضريبة على هؤلاء الذين يتحكمون بمواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أمر في غاية الأهمية نظرا لتأثر شركات تشغل الاف الأردنيين من حالة الفوضى التي يعيشها سوق الإعلان، لكن على الحكومة أيضا أن لا تنظر للأمر من زاوية مالية فقط.
فيجب ضبط المحتوى الذي يقدم في العالم الافتراضي سواء عن طريق الجرائم الإلكترونية أو حتى لو تطلب الأمر سن تشريع خاص لذلك، لأن من الخطورة بمكان استمرار المهزلة التي نعيشها بهذا الشكل جراء الخطر الذي يعصف بنا ونحن نقف أمامه بلا حراك..نعم سارعوا بوضع حل لهذا الإسفاف وإلا فقدنا كل شيء.