كتّاب الأنباط

هناك إلحاح فكري من النخب السياسية ، لماذا الآن الحرب على غزة؟

{clean_title}
الأنباط -
د.أنور الخُفّش

كيف يتلاعب المستبدّون المتطرفون الصهاينة بالتاريخ للتشبُّث بالسلطة؟ بل يتلاعبون بأمن منطقة الشرق الأوسط ، من السهل جداً أن يصبح اليمين المتطرف الإسرائيلي الحاكم مستبداً ضارباً بعرض الحائط مصالح شعبه ، لعلّها من أهم النتائج في حرب إسرائيل على غزة وعلى شعبها في آن واحد، حين وصف الإعلام الإسرائيلي المستوطنات المحيطة لغلاف غزة بأنها كانت أيام من الجنون تحت ضغط الصواريخ من فصيل واحد وهو الجهاد الإسلامي ، كما ماتت الحياة في مطار بنجوريون وفي تل أبيب وغلاف تل أبيب. كذلك تُعزّز وترسّخ واقع جديد بأن المقاومة الفلسطينية قادرة على حماية شعبها من خلال تكريس معادلات ردع جديد هو عندما تستنجد الحكومة الإسرائيلية بمصر الى التوسُّط لوقف إطلاق النار ، كذلك فعلت الأمم المتحدة ، عندما تسرّبت معلومات بقصد مفادها أن الجهاد الإسلامي لديه صواريخ دقيقة كاسرة لقواعد التوازنات عسكرياً في الإقليم ، من صاحب القرار؟ فكانت الإجابة بهدوء لم يَحِن وقت معركة الساحات كلها ، قرار الملحمة الكبرى ، قرار التحرير جماعي .
من خلف ستارة السلام الإبراهيمي يَبرُز إلحاح سياسي وإعلامي ، ماذا بعد الحرب على غزة؟ التاريخ والسلطة في المنطقة كيف يتلاعب قادة إسرائيل بالسرديّات التاريخية عن أسباب خيار الحرب ويشوّهونها، متَّخذين من ذلك أسلوباً للحفاظ على سيطرتهم على السلطة وتعزيز سطوتهم في الحُكم ، مع رفَع ذاكرة الحرب الصهيونية إلى مصاف بأهداف الديانة القومية اليهودية.
هذه الحماسة نفسها في أوساط النُخب السياسية العربية ، هي التي دفعت إلى المطالبة بدور في صياغة سياسته في الشرق الأوسط خلال حملة وجهد دولي متعدد الأطراف. في مقابلة التعنُّت والتطرف الدائم لحكومات اليمين الصهيونية والتي دفنت إتفاقيات السلام العربية ، طالما تستمر في التوسع سياسات الإستيطان والقتل والأسر وإنهاء أي إمكانية في التطبيق الفعلي نحو حل الدولتين . كانت عملية تأكيد هذا الخيار صعبة، وفي محاولة للحصول على دعم من أمريكا، مما اضطر البيت الأبيض رفع شعار حل الدولتين ، دون أي جهد حقيقي لإتمام العملية السلمية ، إما إلى التخفيف أو التراجع عن بعض المواقف التي إتخذها . وهذا يعني أن أنصار اللّوبي الصهيوني في الشرق الأوسط كونهم سجناء لعملية سلام وهمية لا تبعث عن الأمل في الأفق المنظور بخطوات جدية نحو تحقيق السلام العادل في المنطقة دون الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم التاريخية القابلة للحياة. متأملاً في وصف واقع الحال على أنه خطأ تكتيكي ، وإستمراره خطأ إستراتيجي سيدفع ثمنه جميع دول المنطقة ، كون فلسطين من صلب المجال الحيوي الإستراتيجي والأمن القومي لمصر والأردن وسوريا والعراق ولا يمكننا تجاهل هبّات الشعب اليمني نُصرة للشعب الفلسطيني جرَّاء أي عدوان إسرائيلي ، شعار توحيد الساحات من منظور شعبي وتطوير إمكانيات المقاومة الشعبية وعسكرتها ، المُتغيِّر والمنتج الجديد ليُغلق ستارة مسرحية السلام الإبراهيمي ، طالما اليمين المتطرف يصرّ على يهودية الدولة وعدم إلتزامه بخيار السِّلم وِفق الإتفاقيات المبرمة.
وفق تقرير وتحليل قام به معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ، حول عمليّة كسر الفجر ضد الجهاد الإسلامي وتحليل حول النتائج الإيجابية والسلبية للعملية من وجهة نظر المعهد ، نستخلص أهم النقاط : العملية العسكرية نجحت في إستشهاد عدد من كبار قادة الجهاد الإسلامي ، في ظل واقع متوتر ، تطلَّب هذا الإنجاز تحريفاً ووهماً بالسلبية ، الأمر الذي أثار بدوره الكثير من الإنتقادات الواسعة ، إضافة إلى ذلك ، فإن تواجد أكرم عجوري "وزير الدفاع" في حركة الجهاد الإسلامي ورئيس التنظيم زياد نخالة في إيران يشكِّل حدثًا غير مسبوق. وبالتالي ، هناك أزمة في تسلسل القيادة والسيطرة في المنظمة والميزة بالنسبة لإسرائيل هي التأخير وعدم تنسيق الجهود العملياتية للجهاد الإسلامي. الجانب السلبي هو الحاجة إلى آلية خروج أكثر تعقيداً وبيئة محيطة بقيادة المؤسسة تشجع التصعيد بقوة. المخاوف تمثَّلت في إجابات الأسئلة الرئيسية التي طُرحت : هل ستنضم حماس؟ كيف سيرُد حزب الله وماذا سيسمح من الشمال؟ كيف تنتهي المعركة بحيث لا تنجر إلى حملة طويلة ومرهقة؟ وماذا سيحدث في المدن المختلطة؟ والتخوُّف من إشعال المدن المختلطة من السكان اليهود والعرب ، ولكن هذه المرة لا يوجد عنصر القدس الذي يعمل كعامل تحريضي لتسريع المراحل الإفتتاحية للحدث.
إن الرؤية والصورة الإنطباعية الأولية حول عملية كسر الفجر كونها موجهة ضد أصغر وأضعف خُصوم إسرائيل وفق توصيف الحكومة الإسرائيلية. لذا ، فإن الأمر يستحق تقديم تحليلات منطقية وصحيحة للأحداث. حماس تعمل وفقاً لإطارها الزمني ومصالحها. وسترد إذا اضطرت إلى ذلك ، فقط من منطلق إعتباراتها الخاصة وإذا إقتضت الظروف ذلك (ضحايا مدنيون ، أو إلحاق الأذى بشعبها ، أو تصعيد في الحرم القُدسي) وهذا هو الحال حتى تتغير قواعد وإعتبارات التكلفة والعائد . بينما حزب الله يراقب ويدرس سلوك إسرائيل في سياق التصعيد المحتمل في سبتمبر. الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد نحالة موجود في ايران. الحرس الثوري في لبنان وسوريا يراقب الأحداث بدقة ، إيران راضية عن الإشتباك الذي بدأه نشطاء الجهاد الإسلامي على الأرض في الضفة الغربية وغزة. تصريحات قائد الحرس الثوري حول إقتراب نهاية إسرائيل مرتبطة بحلم نصر الله الموصوف في مقابلة في 27 يوليو.
بالنسبة لهم جميع الأطراف ، غالباً ما يختلط الحلم والواقع حتى لا يدركوا الفرق وكما الإستمرار بحالة دولة غير مستقرة منذ إنشاؤها ، متجاهلين البُعدين الجغرافي والديموغرافي ملهاة ومقامرة كما يرقص السُكارى . أو حتى يدركوا واقع فاعلية وحدة الساحات ، في ظل خسارة بالتكتيك ضد أصغر وأضعف خصوم إسرائيل.
غدا موعدنا حول الجبهه الداخليه الإسرائيلية، هل باتت اكثر تصدعا؟
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )