الأنباط -
أثناء إسدال الستار على موسم تخريج فوج الجامعة الأردنيّة السابع والخمسين
وصلنا مسك ختام موسم الفرح الذي امتدّ لتسعة أيام متتالية احتفلت خلالها الجامعة الأردنية بأبنائها وبناتها الذين حقّقوا مرادهم ونالوا مبتغاهم بالحصول على الدّرجات العلمية التي يستحقّون، تلك التي سعوا من أجلها سنوات أمضوها في التعب والسهر والكدّ والاجتهاد.
اليوم، تسدل الجامعة الأردنية الستار على احتفالاتها بتخريج الفوج السابع والخمسين من طلبة كليات الطب وطب الأسنان وطلبة الدراسات العليا ومركز دراسات المرأة الذين قطفوا ثمار جهدهم وسهرهم، وها هم يعانقون السماء فخرًا.
وفي هذا الصّدد، قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات إنّ حفل التّخريج الرائع لهذا العام يكتسب ميزةً فريدةً إذ يتزامن مع الذكرى الستين لتأسيس الجامعة الأردنية.
وأضاف بأنّ الجامعة ستمنح دائمًا أبناءها لونًا آخر من ألوان الحياة، وتدرك كذلك بأنّ علينا، ونحن على أعتاب المئوية الثانية، استشرافَ المستقبل والتحضير له، بما في ذلك تحديث الدولة والمجتمع تحقيقًا لرؤية جلالة القائد للأردن الجديد.
وتابع عبيدات مخاطبا الطلبة "تدركون جيّدًا أنّ التحديات الجديدة في هذا العام المتغير تحتّم علينا أن نقوم بمراجعةٍ كاملةٍ لبرامجنا التدريسية، وقد بدأت الجامعة بها، إلّا أنّ الكليات والأقسام مطالبةٌ بتحمّل مسؤوليّاتها الجسام بهذا الخصوص. وندرك جيدًا أنّ هذه المراجعة تتطلب ضخ دماءٍ جديدةٍ مُطّلعة وقادرة في هيئتها التدريسية تعطي للجامعة دفعةً قويةً في مسيرتها، وندرك أيضًا أن البيئة الصفية لا بد أن تكون قادرةً على مواكبة ومجاراة الثورة التكنولوجية التي تعصف بالعالم حتّى تلبي متطلبات التغيير والتحديث".
وأكّد أنّ الجامعة ستوفي بوعدها في أن تكون الذراع القوي للدولة الأردنية في عملية التحديث، بدءًا بالمنظومة السياسية وليس انتهاءً بالمنظومة الاقتصادية والإدارية، فهي تملك كل أسباب النجاح رغم التحديات، تلك التي ستعمل مع الشركاء والداعمين من أبناء الأردنيين وبناته على حلها.
وأشار عبيدات أنّ الجامعة تفخر بتاريخها وحاضرها، فقد مرّ من هنا كبارٌ وعظماء، ودرس على مقاعدها وفي صفوفها وعاش في أروقتها طلّابٌ أبهروا العالم بعبقريّتهم، منهم من حمل اسم الأردن ورفع رايته عاليًا، حتّى بقيت أسماؤهم محفورةً في تاريخ الجامعة والوطن.
وزاد أنّ الجامعة الأردنيّة تحتلّ اليوم مواقع متقدمةً في التصنيفات العالمية، إذ هي واحدةٌ من أفضل ستّمئة جامعةٍ في العالم، ومن أفضل خمسمئة جامعةٍ في خمسة عشر تخصصًا.
وقال عبيدات مخاطبًا الآباء والأمّهات، إنّهم متواجدون اليوم للاستمتاع بوهج إنجاز أبنائهم الجماعي، ممطرين إيّاهم بدفءٍ وسعادةٍ عارمين، وبأنّهم يضيفون لاحتفالنا هذا جمالًا آخر، مشيرًا إلى أنّ الحضورَ سيستمتع بتصفيقهم الذي يشبه تصفيق المشاغب المحب، حاثًّا إيّاهم على عيش لحظات الفرح والأمل بمستقبلٍ أبنائهم وبناتهم الزاهر.
وأضاف بأنّ ما يجعل هذه اللحظة مميزةً هو الشعور الذي يتملّكه ويتملّك الأهالي بأنّنا نعيش مع أبنائنا الخريجين لحظات نهاية فصلٍ انقضى بهذه اللحظات الجميلة، فهم يستعدون لكتابة فصلٍ آخر من حياتهم يبدأونه بهذا الفرح والسرور، رغم وجود بعض الخوف من توفّر الأوراق والأقلام التي سيكتبون بها سطور الفصل القادم.
وبيّن، في سياق متّصل، أنّ بعض الشك وبعض الخوف يجب ألا يمنع الخرّيجين من السّير في أعماق هذه الحياة ليكتشفوا بعض أسرارها، طالبًا منهم أن يكتبَ كُلَّ واحدٍ منكم قصّته في هذه الحياة، لافتًا إلى أنّ الأبوابَ ستُغلقُ وسيذهب كُلُّ واحدٍ منهم في طريقٍ خاصّةٍ به، لذا عليهم ألّا ينتظروا دورهم في ديوان الخدمة المدنية، بل أن يصنعوا طريقهم بأيديهم، فالحياة تعج بسلسلةٍ من المفاجآت، لكنها أيضًا ملأى بمسامير الإلهام، وفي كثيرٍ من الأوقات، تلك اللحظات هي ما يصنع التغيير والإنجاز.
ووجّه حديثه للخرّيجين قائلًا إنّ نجاحهم في عملهم مهما كانت طبيعته غير كافٍ إن لم يكن فيه جزءٌ من نظرةٍ إنسانيةٍ لفئات المجتمع الفقيرة والمهمشة.
ووجّه دعوةً للخريجات بأن يكُنَّ في القادم من الأيام أجمل الأمهات، والخريجين بأن يكونوا أعظم الآباء، وأن يكون كلاهما أكثر الناس قربًا من آبائهم وأمهاتهم، وأكثرهم محبّةً وتواضعًا أمامهم، وأن يستمتعوا بجمال وجوههم ورقة أيديهم.
كما خصّ في كلمته الخريجين الأطباء، طالبًا منهم أن يغتنموا الفرص ويستمتعوا بأجمل أنواع العطاء، حين تتهيأ لهم فرصة مساعدة أمٍّ في غرفة الطوارئ حضرت ملهوفةً لإنقاذ طفلها من خطرٍ جادٍّ أصابه، وإزالة الحزن والخوف عنها بأن يعيدوا لها فرحها وسعادتها. كما أسدى لهم النصيحة بالقول "لا تحرموا أنفسكم من أن تكونوا بلسمًا لعلاج يأس مرضاكم أو محبيهم".
وختم عبيدات في كلمته التي امتلأت بعبارات الشكر والثناء للجميع والتقدير للخريجين من الدول العربية والشقيقة والصديقة وأهاليهم ومحبيهم، متمنّيًا أن يكونوا، بعد عودة كُلِّ واحدٍ منهم إلى بلاده، سفراء للأردن والجامعة، ومشدّدًا بأنّ أسماءهم ستبقى محفورةً في ذاكرة الجامعة.
من جهته، قال عميد شؤون الطلبة الدكتور مهند مبيضين إنّ هذه الجامعة كانت وستبقى مساحة أردنية عربية إسلامية إنسانية النزعة، وطنية الثوابت، تنتمي لحلم الأمة الكبير، وفي دفاتر التاريخ المؤسسي علم ومعرفة وشعراء وأدباء وحركة طلابية مثابرة وسجل من المبادرات والإنجاز والتميز.
وبارك للأهل هذا الغرس الوطني المثمر فهو حصيلة جهدهم وتعبهم، مهنّئًا الخريجين الذين حملوا معهم كل صباح في مسيرة العلم آمال ذويهم ومحبيهم وآمال الوطن وأمنيات الأمهات الصابرات، شاكرًا العلم والمعرفة اللذين تُقدّمهما كل جامعاتنا ومؤسساتنا من أجل وطن أفضل منيع بشعبه وقيادته، ومن أجل مستقبل يليق بتاريخ هذا الوطن المُشعّ عروبة وكرامة.
وقبل بدء مراسم التخريج، كرّم عبيدات كبار الباحثين والقادة والعلماء ممّن كانت لهم بصمة واضحة في تقدّم العلم والارتقاء بالوطن، كما كرّم أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على جائزة الباحث المتميز.
هذا وتسلم اليوم 1910 طالبًا وطالبةً من تلك الكليات شهادات تخرجهم، مسلحين بعلم ومعرفة تؤهلهم للمساهمة في تنمية المجتمع والدولة حسب اختصاص كل فرد منهم.
وفي التفاصيل، خرجت كلية الطب 388 طالبًا وطالبةً، وكلية طب الأسنان 233، أما الدراسات العليا فخرجت 284 طالبًا وطالبةً أنهوا متطلبات درجة الدكتوراه، و988 آخرين أكملوا درجة الماجستير، و17 أتموا الدبلوم العالي.
وهنأ عمداء الكليات الطلبة الخريجين لنيلهم الدرجة التي سعوا جاهدين للحصول عليها، ودعوا الطلبة لئلا ينسوا بأن حصولهم على هذه الشهادات العلمية لا يعد نهاية المطاف، بل البداية لمستقبل حافل بالنجاح والتميز والتألق ليكونوا على الدوام في طليعة المنافسين على فرص العمل المرموقة محليًا ودوليًا، شبابًا طموحًا متعطشًا للعلم والمعرفة هاجسه التفوق والتميز.
هذا وقد ابتدأت الجامعة موسم تخريج الفوج السابع والخمسين الجمعة الماضية، حيث احتفلت بتخريج ما يقارب 9800 خريج من مختلف تخصصات وبرامج مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا.
وهنا، وبعد اكتمال الإنجاز، لا بد من الإشارة إلى الجنود المجهولين، أولئك الذين تمثلوا في اللجنة العليا للتخريج واللجان المشرفة على الحفل، والجهود المبذولة من القائمين عليه من عمادة شؤون الطلبة ووحدة القبول والتسجيل ووحدة الإعلام والعلاقات العامة والإذاعة ودوائر الأمن الجامعي والصيانة والخدمات وغيرهم ممن قدم جهدًا وعملًا مميزًا طيلة أيام التخريج، عاكسين الصورة المشرقة للجامعة الأم.