الأنباط -
لا تزال تبعات إعتراف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل بِشَقّيها الشرقي والغربي وفَرضه مزيداً من الضُغوط على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها تتفاعل داخل أروِقة مؤسسات صُنع القرار الفلسطيني والعربي والأردني بوجه الخصوص ، غالبية المحللين السياسين المعنيين بإدراك النظرة الإستراتيجة يُصرّحون من مخاوف الخطوات القادمة من قبل اليمين المتطرف الإسرائيلي ، والأهم من ذلك أن إدارة الرئيس بايدن لم تُقدّم أي تصوّر جديد على مسار إيجاد الحلول ، خلاف ما قدّمه الرئيس ترامب وما عُرف بصفقة القرن والإعلان عن دعمها لحل الدولتين وتبريد الميادين سوى إطلاق شعارات دون الإقدام خطوة واحدة نحو أي مسار فعلي لفرض مفاعيل الإتفاقات السلميّة التي أُنجزت بِرعايتها . لقد أصبحت مدينة القدس قضية مثيرة للنزاع أكثر من أي وقت مضى والتَعدِيات الشبه يومية على المسجد الأقصى وتنفيذ إغتيالات لصحافين ولنشطاء فلسطينين يدافعون عن حقهم بالدفاع على ممتلكاتهم من مساكن ومزارع ، وجيش الإحتلال يدعم قطعان المستوطنين في القدس وحيّ الشيخ جراح وكافة القرى والبلدات الفلسطينية التي تُعتبر تحت ولاية السلطة الفلسطينية . إن أبسط الإجراءات المطلوب اتخاذها من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والتي تُشكِّل أعلى سلطة تنفيذية فلسطينية البدء فوراً في إعداد الخُطط والمشاريع لفك الإرتباط مع إسرائيل على كافة المستويات، بما فيها السياسية والأمنية والإدارية والإقتصادية . للأسف لم تُعلِن القيادة الفلسطينية عن خُطة متماسكة وواقعية يمكن أن تُقرِّب الفلسطينيين خطوة واحدة إضافيّة من حُلم إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 .
جاءت الحرب القائمة المستمرة على الكل الفلسطيني من القدس وغزة وفلسطين الدّاخل أكبر تحدّي ، إذ تواجه الأمة العربية والإسلامية والأردن وفلسطين بوجه خاص تحديّات ما بعد حقبة ترامب التي تجاوزت التدمير والفوضى ومخاطر المتغيرات الدولية وفشل أوسلو وإنهاء حلّ الدولتين فعلياً دون إعلان رسمي ، وإستمرار الممارسات القمعيّة الإسرائيلية من الجيش والمستعمرين التي ترتقي الى جرائم الحرب الموصوفة والمثبتة وفق تقارير الإعلام العربي والغربي أيضا. إن تشتّت الجهود والمواقف العربية وَضَعت الجميع أمام مأزق سياسي ، والسؤال الكبير حول جدوى سياسة السلطة الفلسطينية والرِّهان على الصمت العربي وإنهاء المبادرة العربية فعلياً وبقاء المشروع المطروح زيادة سيطرة الإحتلال الصهيوني والإستيطان مستمر والأسرى في السجون والصمت العربي والخليجي مستمر والتحالف العربي الإسرائيلي بعنوان التطبيع عنوان مرحلة خطرة على الجميع ، إستمرار حالة الجمود الأمر الذي يُشكّل خطر وجودي على الأردن وفلسطين ودول الخليج أيضاً ، إحذر من المسارات السياسية الجاري تنفيذها ، تستهدف إستغلال الموارد الطبيعية والوفورات المالية الخليجية لمئة عام قادم إنه مشروع ومخطط الإحتلال الصهيوني الإقتصادي الجديد .
نُدرِك جميعاً أن الأردن هو الثابت الوحيد في معادلة الصراع الفلسطيني الصهيوني من البُعدين الديموغرافي والجغرافي والإقتصادي ، لذلك السياسة الخارجية الأردنية تعتبرها القضيّة المركزيّة ومن ضمن أولويات الثوابت الوطنية الأردنية قيادة ودولة وشعب . إن استقرار المنطقة يبدأ من القدس ، وإستقرار العالم ينتهي من فلسطين ، ويُخطئ من يظُن أن الإقتراب من القدس من الممكن أن يمُر كأي حَدث عابر ، إن الوصاية الهاشمية ممثلة بعميد آل البيت جلالة الملك عبدالله لثاني حفظه الله ورعاه من الثوابت الفلسطينة ، وكذلك إتفاقيات السّلام والقرارات الدولية .
الشعب الفلسطيني يشيد دائماً بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني ، وهو بِحَق الناصر للقدس وللمقدسات الإسلامية والمسيحية والمُنتصر للشعب الفلسطيني وجهوده مُقدّرة عالياً متمثلة بقيادته للدبلوماسية والحراك السياسي بالتنسيق مع مصر وكل من الرئيس الفرنسي والأمريكي ، كما يحرص جلالته على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور مع الأطراف الدولية الفاعلة و تكثيف الجهود للدفع باتجاه إعادة إطلاق مفاوضات جديّة ومُنتجة بين الفلسطينين والإسرائليين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ، والتشديد على أهمية دور المجتمع الدولي في وقف الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تؤدي الى التوتير والتصعيد ، كما أن الأردن مستمر بجهوده في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من مُنطلق احترام جميع الأطراف للوصاية الهاشمية عليها . حفظ الله القيادة الهاشمية وعاش الشعبين الأردني والفلسطيني مُوَحدين في مواجهة كافة التحديات المصيرية .
anwar.aak@gmail.com