الأنباط -
لفت مدير مركز الشوبك للبحوث الزراعية الدكتور حسان العسوفي إلى أن التغيرات المناخية المتعاقبة منذ عقود من الزمن في البيئة الأردنية لا زالت زاخرة بتنوعها الحيوي وتحتفظ بأنواع نباتية ذات بعد تاريخي مما يشير إلى مركزيتها في البيئة الأردنية، مؤكدا على أن نبات القَراصيا الأصيل الذي يتخذ من معان مركزًا أصيلا لتواجده عبر التاريخ , اشتهر به الأسر المعانية إكثارا وإنتاجيا حتى أصبح سمة زراعية للنشاط الزراعي المعاني. تكاد لا تخلو كروم وبساتين معان القديمة والحديثة من شجرة القراصيا.
ونوه العسوفي إلى أن القَراصيا أو البرقوق المجفف (Prunus domestica ) كما يسميها البعض من النباتات الزهرية التي تتبع العائلة الوردية، أشجارها صغيرة متساقطة الأوراق. أوراقها عريضة وفروعها مستقيمة . إزهارها بيضاء وثمارها ناعمة دائرية إلى مستطيلة بألوان مختلفة وجذابة منها الأحمر والأرجواني والأخضر والأصفر، وتستخدم ثمار القَراصيا على نطاق واسع في إنتاج الطعام والشراب لصنع المربيات والمعلبات وتعطي أفضل مذاق عندما يُسمح لها بالنضوج على أشجارها مشيراً إلى أن لهذا النبات نوعان رئيسيان الأوروبي و الياباني. حيث يعتبر الأوروبي منها أكثر ملائمة للتجفيف لقلة المحتوى المائي بثمارها.
واضاف العسوفي ان وجود القراصيا يرتبط بمدينة معان كموروث اجتماعي حيث ينشط السكان في مواسم حصاده في جمع ثمارها وبطرق معقدة تخالطها الطرافة والدقة في الأداء . حيث يتم استخدامها طازجة أو تجفيفها وتعليبها لتكون غذاء ودواء فيما بعد
وفي ظل الازدحام وزيادة الطلب على الغذاء والدعوة للرجوع للزراعات الأصيلة حفاظا عليها وعلى التنوع الحيوي بها , فقد دأب المركز الوطني للبحوث الزراعية على توثيق الأصالة التاريخية ومركزيتها لبعض الأنواع النباتية كمركزية زيتون المهراس في جرش . واليوم يسلط الضوء على القَراصيا المعانية لأهميتها في سلة الإنتاج المنزلي وقيمتها في التصنيع الغذائي.
واضاف العسوفي انه من الناحية البيئية للقَراصيا تتمثل في القيمة للحياة البرية إذ أن القراصيا نبات غذائي لعدد كبير من الفراشات والعثث ، وتجذب أزهاره العديد من الحشرات الملقحة. وتعتبر ثمار القراصيا أيضًا مصدرًا غذائيًا للطيور والثدييات.
المتجول في بساتين معان " البيارة والشامية والمحطة وغيرها" يجد قصة عشق تربط المزارع مع القراصيا . إذ يعكف البعض على إكثارها وتوزيعها للآخرين بغية الحفاظ عليها عنوانا زراعيا تاريخيا للمنطقة.
المركز الوطني للبحوث الزراعية ومن خلال حاضنة الابتكار الزراعي يشجع الرياديين الشباب للحفاظ علي القراصيا كموروث تاريخي معاني وبأساليب حديثة كإنشاء المشاتل وفتح مراكز تسويق لها وترويجها لتكون مصدر دخلا واعدا في المستقبل القريب.
وأخيرا , القراصيا تحتاج العديد من الدراسات باعتبارها واعده في البيئة الأردنية وهذه دعوه لكل المهتمين بتناولها كمكون بحثي وتنموي يمكن استغلاله في رفد سلة الغذاء الأردنية وتشغيل الرياديين الشباب.