فجوة التمويل تهدد استدامة الأردن.. استياء من مخرجات قمة Cop29 ودعوات لدعم دولي اكبر كيف سيواجه الأردن مشروع ترمب؟ إيلون ماسك: أنا كائن فضائي البيان المشترك للقمة الثلاثية الأردنية القبرصية اليونانية الرابعة في نيقوسيا بحضور رسمي لافت.. إقامة حفل تأبين للراحل زيد الرفاعي الإيثار السياسي الأردني وصفي التل وإرثه: مدرسة سياسية للمستقبل متابعة لـ إحصائيات المركزي .. أسباب وتحديات تراجع الدخل السياحي توقعات بـ انخفاض البنزين بنوعيه ... وارتفاع الديزل لـ شهر كانون الأول شريحة مجهولي النسب.. من رعاية ال"5 نجوم" إلى تحديات الحياة ومواجهة المستقبل "زراعة اربد": رقم قياسي بحفر الآبار حسين الجغبير يكتب : بلديات تُصارع الموت الهدنة أم السيطرة.. صراع يعكس تقاطع المصالح الكبرى بالشرق الأوسط التنمية الاجتماعية تتابع الحالة الصحية للحاجة وضحى...ورئيس الوزراء يوعز بتأمين مسكن لها الترخيص المتنقل للمركبات في إربد غداً الحسين يتأهل للدور الثاني رغم الخسارة أمام شباب الأهلي عمدة معان الدكتور ياسين صلاح يوعز بتأمين مساحات امنة للنساء الحرفيات في معان. فارس إحسان القواقشة يكتب :مقارنة بين اقتصاديات نشوء الدولتين الاسلامية والأمريكية البطاينة يستقيل رسميا من حزب إرادة ويوجه رسالة للهيئة العامة الملك سلمان بن عبد العزيز يفتتح مشروع قطار الرياض

محمود الدباس يكتب : رسالة إلى أصحاب اللمسة السحرية..

محمود الدباس يكتب  رسالة إلى أصحاب اللمسة السحرية
الأنباط -
في الصف الخامس الابتدائي في مدرسة سعيد البحرة "السلط".. كنت اعشق مادة الرياضيات.. وعند طرح اي سؤال.. كنت في احيان كثيرة اصل لعند الاستاذ وانا رافع اصبعي ولساني يردد "انا يا ستاذ"..
وعندما اجيب.. كان يميل علي احد الزملاء ويقول "انا اصلا عارف الجواب.. بس انت جاوبت".. وكان هذا التصرف يتكرر من اكثر من طالب في غالب الاحيان.. مع علمي اليقيني انهم لم يكونوا يعرفوا الجواب..

كان مدير المدرسة -المربي الفاضل علي ابو عميرة- يعمل وقتها مثل المرشد التربوي في وقتنا الحاضر.. فكان كل فترة يختار طالب ويجلس معه في احدى زوايا الساحة الداخلية بين غرف الصفوف.. ويستمع له..
ومرة جلس معي.. وسألني عن اي مشاكل او مضايقات او ملاحظات.. فقلت له وبكل براءة وبساطة.. مشكلتي في جواب اسئلة الرياضيات وما يقوله زملائي..
فقال لي.. الحل بسيط.. لا ترفع يدك.. ولا تجاوب الا اذا لم يجيب احد على السؤال.. وعندما يكرر الاستاذ "شو ولا واحد عارف الجواب؟!" ارفع اصبعك.. وكمان عادي انك تسأل "في حد بيعرف الجواب؟!" قبل ما تحكي جوابك..

وفعلا.. كانت وصفة سحرية اسكتت كل المتنطعين والذين يتشعبطون على افكار الاخرين.. مُقولِبينَها بطرق اكثر ما اقول عنها "هبلة" لتبدوا انها افكارهم..

بقيت على هذا المنوال في معظم حياتي العلمية والعملية.. فكنت التزم الصمت الكامل اذا طرح احدهم نفس طرحي او قريبا منه.. واذا ما تم الطلب المباشر لي بابداء الرأي.. كنت اقول دون اي تردد.. ما تفضل به الآخرون.. إن لم يكن قريبا من رأيي.. فهو افضل بكثير.. فلا أقبل لنفسي ان اكرر المكرر.. او اخذ افكار غيري وانسبها لنفسي..

ولم اتعامل بعكس هذه القاعدة الا في بعض الاحيان.. مع اشخاص عزيزين علي.. واتعشم فيهم انهم فعلا يريدون رأيي ويقدرونه..
وحتى بعض هؤلاء المقربين.. تجدهم يتعاملون مع نصيحة او رأي الآخرين وكأنه سيجعلهم يتسلمون مناصب عليا.. او يتملكون ثروات طائلة.. واذا ذكروا ان غيرهم صاحب تلك الفكرة.. فسوف تضيع عليهم الفرصة!!..

ما جعلني اكتب هذا المقال هو قصة قصيرة حدثت معي يوم امس وقبل امس.. حركت عندي هذا الموضوع..
احد الاصدقاء يريد ان يشتري سيارة.. فتواصل معي وقال.. "كونك من زمان وانت بتسوق سيارات.. وكنت بدك تعمل مصنع سيارات.. فبدي تنصحني بسيارة"..
وللامانة اكثر شيء يحيرني هو السؤال او الطلب العام.. فلو حدد نوع الوقود او دول(ة) التصنيع او قوة المحرك او شكل السيارة لكان اخف وطأة على تفكيري..
ولانني والحمد لله اركز كثيرا في حديث الاخر وما يخفونه بين الكلمات.. فبين طيات حديثه استنتجت بانه راغب ويميل لنوع معين.. فذكر في مجمل حديثه ان هذا النوع مريح للنظر اذا وقفت بجانبه.. حتى صوت "الزامور والمحرك" مش مزعج بل يُشعر بالسعادة.. وتظهر الابتسامة لا شعوريا على الوجه..
فقلت في خاطري.. لقد اختصر عليَّ ثلثي الطريق إن لم يكن كله..
فبدأت على الفور البحث والسؤال عن مواصفات وعيوب السيارة.. فوجدت ان فيها عيوبا تعتبر مقتلا.. ولان من عاداتي وقناعاتي ان اعطي البديل دوما اذا كان رأيي مغايرا او سلبيا عن امر ما.. فقد بحثت عن نوع قريب منها وعيوبه اقل بكثير..

قمت بالاتصال به.. وقلت له انني درست عدة خيارات.. وشرحت له.. ووضعت اسم تلك السيارة من بين الاسماء..
فشعرت بامتعاضه وغضبه حين ذكرتها بسوء على غير ما هو مقتنع.. ولكنه تدارك الامر واستمع الى باقي الخيارات.. وبعدها شكرني بشيء من النشافة -على غير عاداته- واغلق الهاتف..

مساء يوم امس.. عاود الاتصال بي.. وبعد السلام.. قال لي بطريقة التساؤلات.. بتعرف قديش انه الله معي وبيحبني.. بتعرف انه دايما الله بيختارلي الافضل.. بتعرف انه دايما الله بيخليني اتريث وما اتسرع حتى ما اخسر فلوسي.. ومن شاكلة هذه العبارات..
فقلت له هذه نعمة من الله..
فرد قائلا.. بتعريف انه الان طلعتي من معرض السيارات.. وكنت بدي اتدبس واشتري السيارة الفلانية -اللي انا نبهته عنها وعن عيوبها- وبالصدفة بطلت..
حكيتله كيف يعني؟!..
فقال ركبت فيها.. واذا بها مريحة نوعا ما.. وتتناسب معي في كل شيء.. ولكن الله خلاني اضيء الانوار الأمامية.. واذا بها ليست بتلك القوة التي اريدها.. فمن الممكن ان اعمل حوادث.. وادهس اناس لا استطيع رؤيتهم.. والله نَجَاني من هذه المصيبة..

طبعا هنا اخذت رشفة شاي باردة.. لانني كنت استمع له ونسيت كاسة الشاي.. وقلت له.. فعلا دائما الله بيفتح عين اللي مثلك على الاشياء السيئة والتي قد تصيبك في مقتل.. قبل فوات الاوان..

صديقي هذا ومن هم على شاكلته.. يجب ان نعلم بأنهم مصابون بهوس الانا.. فان لم يكونوا هم اصحاب الفكرة الصائبة بالكامل.. فيجب ان تكون لمستهم مهما كانت هي اللمسة السحرية في إخراج الموضوع الى ما صار عليه من قوة او صواب او نجاح..
وهؤلاء ان كان رأيك غير صحيح وثبت انه غير صحيح.. فتكون للمسته السحرية الاثر المهم لبيان عدم صحة رأيك..

اصحاب اللمسة السحرية موجودون في كل مكان وزمان.. فهم المتشعبطون على اكتاف وافكار غيرهم.. وهم بارعون في فهم مغازي الحديث واعادة تشكيله ليتم تجييره لهم.. وهم الذين تجدهم متصدرين للمجالس فارغةِ المضمون.. وافضل طريقة لتعرفهم حجمهم.. عليك بنصيحة مديري في مدرسة سعيد البحرة.. ودمتم بخير..
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير