الأنباط -
مع بداية الألفية الثالثة سعت العديد من الدول لوضع خطط وإستراتيجيات إقتصادية تحت عنوان رؤية الدولة في العام كذا . وهذه الرؤى بديلاً عن الخطط الثلاثية والخمسية وحتى العشريه التي برع بها الأردن في القرن الماضي وكان لها الأثر الكبير في التطور الذي تحقق في جميع المجالات ، وبعض من منجزاتها ما زال شاهد على عبقرية صانع القرار على الرغم من أن الكثير منها قد تخلت عنه الدولة لصالح الغير تحت بند الخصخصه التي يدفع ثمن قرار بيعها الوطن والمواطن .
رؤية التحديث الإقتصادية للأعوام العشر القادمه خلت من جملة عناصر النجاح وإلاستدامة في إستراتيجية تحقيق الهدف الإقتصادي ، التي من أهمها راس المال ومصادر تمويله والمشاريع الموصوفة المنوي إنجازها أو تطويرها والعائد الإستثماري والاثر المالي والإجتماعي لكل مشروع في جميع مراحل البناء والتطوير أو التحديث ، وكذلك التوزيع الجغرافي والديموغرافي لتلك المشاريع ، وعوضاً عن ذلك ركزت الرؤية على الجانب النظري مع الإفراط بالعموميات من باب سنقوم وسنعمل تحت بند مبادرات بعيداً عن كلف المسائلة لاحقاً في عملية تقييم نسبة الإنجاز ونجاح المشاريع ، حيث تم تقسيم مراحل التطبيق إلى ثلاثة مراحل مترابطة مع بعض ، وقد لا نحكم على نجاحها من عدمه إلا في نهاية المرحلة الثالثة والأخيرة ، مما استوجب ترك الباب مفتوح ' بالورب ' لتبرير الإخفاق أن حصل لا سمح الله بعوامل داخليه أو خارجيه وشح الموارد.
تنفيذ الرؤية بحسب القائمين عليها تحتاج لاحقاً إلى التشبيك مع الدول المانحة والممولين ، وتحفيز الشراكه مع القطاع الخاص وجلب الإستثمار ، بالإضافة للإنفاق الرأسمالي المتاح في الموازنة السنوية ، وهذه المتطلبات الأساسية في إنجاح أي إستراتيجية أو خطط يجب أن تكون جاهزة من قبل إطلاق الرؤيه ، وما يجب العمل عليه هو فقط وضع التشريعات الملائمة وإزالة العوائق البيروقراطية وبدء العمل الفوري في التنفيذ حتى يلمس المواطن أثرها من اول عام .
شعبياً لم يلقى إطلاق الرؤية الإهتمام المناسب لإنشغال الناس بالإرتفاعات المتتالية في أسعار بعض السلع نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ، وإرتفاع كلف المعيشة حكماً ، إضافة لحالة الإرباك الناجمة عن ارتفاع أسعار المحروقات وتصريحات بعض المسؤولين الحكوميين بأن هناك إرتفاعات لاحقه للمشتقات النفطية ، والتي هي بالاصل وصلت إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة صعود أسعار النفط عالمياً ، وقيام الحكومه سابقاً بفرض ضريبه ثابته ' مقطوعة ' ، بالإضافة للمبالغة في حساب كلف سلاسل التوريد وآلية التسعير ' الغامضة ' الشهريه . مما يترتب على اي زيادة مستقبلاً إرتفاع لإغلب السلع ، ويعمق أيضا معاناة المواطنين في تدبير مستلزمات معيشتهم .
الرؤية الاقتصادية المعلنه عابره للحكومات كما تم التصريح عنها قبل وبعد إطلاقها وهذا مدعاة للتسائل عن جدية تشكيل حكومات برلمانية برامجية صاحبة ولاية عامه . إذ ما الجديد الذي سوف تقدمه هذه الحكومات للناخب في المجال الإقتصادي بعدما قُيدت صلاحياتها السياسية والدفاعية والأمنية دستورياً بموجب تعديلات تحديث المنظومة السياسية مؤخراً .
من خلال ما تم الإعلان عنه ' على أهميته ' لسنا أمام رؤية للأردن عام 2032 كما إعتادت الدول المجاورة والبعيدة التخطيط له بل أمام أمنيات وتطلعات بعناوين فضفاضة . نسال الله لها والقائمين عليها التوفيق والسداد في ترجمتها إلى مشاريع ناجحه تُسهم في تحقيق مستويات نمو عاليه تساعد على خفض نسب الفقر والبطالة .
حمى الله الأردن واحة أمن واستقرار . وعلى أرضه ما يستحق الحياة.