الأنباط -
حسين الجغبير
رسائل عدة حملها حفل استقلال المملكة الأسبوع الماضي، تعكس أن الأردن قادم على مرحلة جديدة، عنوانها تنوع الآراء والتوجهات، وهي ما أكد عليه جلالة الملك خلال لقائه الأحد رؤساء الوزراء السابقين، بقوله أن تنوع الآراء يقوي الأردن.
يبدو أن المملكة في مئويتها الثانية، والتي قال جلالته أن اساسها الشباب، ستشهد تغييرا في النهج المؤسسي، والتفكير للفترتين الحالية والمستقبلية، بيد أن ما يميزها أن ستبدأ بخطوات مدروسة، ومخطط لها.
من أبرز الملاحظات التي يمكن رصدها في حفل الاستقلال، بعيدا عن ابداع التنظيم، والاخراج، أن دعوات المشاركة في هذا الحفل وجهت لكافة أطياف المجتمع الأردني، السياسي، والاقتصادي، والرياضي، والاجتماعي، والثقافي، على اختلاف ألوانهم وتوجهاتهم، وقناعاتهم. أي أن المجتمع الأردني جميعه كان موجودا في قصر الحسينية.
وما يميز هذا اليوم، أن يقام حفل تكريم بهذه الضخامة، والشمولية في قصر الحسينينة، وقد اعتدنا أن يحتضن قصر رغدان العامر مثل هذه المناسبات، وقد شهدنا الاحتفال الكبير الذي اقيم فيه سابقا، والخاص بتكريم الذين كان لهم أثرا بالغا في مئوية الدولة الأولى، من رموز وطنية، سياسية، واقتصادية، وعلمية، ورياضية، الأحياء منهم والأموات.
في فكر الملك تلحظ اللهفة لأن نخطو نحو أردن جديد، وفي فعله، كان مشروع التحديث السياسي وما انبزغ عنه من تعديلات دستورية، وقانوني انتخاب وأحزاب تضمن مشاركة حقيقية، وتمكين للمرأة والشباب، وصولا إلى حياة حزبية، تشكل البرلمان الحزبي، القادر على إيجاد حكومة برلمانية يقيمها المواطن ويراقب أدائها، إلى جانب الورش الاقتصادية، ومن ثم لجنة تطوير القطاع العام، وكل هذا ينصب في صالح البلد، والذي لن يتحقق إذا ما كان هناك أدوات قادرة على مواصلة المسير نحو الأمام.
مؤشرات سياسية محلية أفرزتها المرحلة، وعلى رأسها انتخابات نقابة المحامين تؤكد على أن القادم يختلف شكله كليا، بيد أن الدولة بحاجة لأشخاص جدد قادرين على تحويل لهفة الملك نحو الأردن الجديد، إلى واقع، بحيث لا يكونوا معطلين للخطط، أو يائسين من الاصلاح، أو كل هدفهم هو المنصب واللقب، دون الاكتراث بالصالح العام.
بالتأكيد ما حدث في حفل الاستقبال، ليس صدفة، أو غير مدروس، فدائما الرسائل التي تنبثق عن مؤسسة العرش، يجب أن تقرأ جيدا، مع الأخذ بها للبناء عليها، بعيدا عن فكر الاقصاء، والرفض، والاستحواذ على كل شيء من منطلق الشللية والمحسوبية، والتخلص من سياسة اختيار الأشخاص بناء على صلة المعرفة، بدلا من دراسة الامكانيات التي يملكها الشخص إذا ما أردنا تأهليه لأي موقع أو منصب.
المئوية الثانية بدأت، ولا خيار سوى الوصول للأردن الجديد، القوي، لأن في ذلك منعة داخلية وخارجية، ومصلحة للأفراد قبل الدولة. الأمر يحتاج إلى وجوه جديدة قادرة على سبر الأغوار بكل قوة وإرادة.