الأنباط -
اتصل بي المهندس عمر الريحاني طالبا لقائي، فضربت له موعدا عاجلا، لأنه ابن عاطف شريكي في يفاعتي و صفّي في المفرق الثانوية.
زارني عمر، وهو في سن إبني عمر، في الدستور، وقد استحوذ على اهتمامي واحترامي واعجابي، حتى إنني قلت له، ولاحقا قلت لإبني عمر "لازم تتعارفوا". فثمة مشترك بارز بينهما، هو الرشد والنضج.
لم التقِ عاطف الريحاني منذ المدرسة، وعلمت إنه أصبح رجل استخبارات محترفاً، في حين ذهبت أنا إلى اليسار، وبعد تقاعده، توجّه عاطف إلى الكتابة حيث كان ذا قدرة بارزة على التحليل السياسي والاستراتيجي، فاشتركنا في القراءة والكتابة.
لفتني أن ابنه عمر، يستشيرني في تجميع إرث والده في كتاب، ولما طلبت منه أن يسهب في الحديث، عن فكرته ومحتواها، تكشف لي شابا مثقفا مسيسا منظما.
وخلصت إلى ما قلته له:
إنني اكبر فيك هذا الإخلاص لوالدك.
إنني اكبر في والدتك هذا الحرص على توثيق إرث والدك الثقافي وترتيبه وتوبيبه.
إنني أعتبر ما تركه عاطف الريحاني من كتابات وتحليلات، إرثا وطنيا يحتاج إلى توثيق ونشر.
وقد تداولنا في هذه المسألة، عمر و انا، وقطعنا فيها شوطا تحضيريا مهما جدا.
تُصادف اليوم ذكرى رحيل العميد المتقاعد عاطف الريحاني الخامسة عشرة، وأَنسَب ما أستحضر في هذه المناسبة الحزينة، بيت أمير الشعراء العرب أحمد شوقي:
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرَها،
فالذكرُ للإنسانِ عمر ثاني.
و لمن لا يعرف عاطف ضيف الله الريحاني أبو عمر، أقول إن اصدقاءه يصفونه بأنه قائد عسكري لامع، عميق الحدس، اصطبغت صفحات حياته بالعمل الجاد الشاق وتولي المهام الصعبة، وتميزت أعوام عمله بالصدق والإخلاص.
وتميّز عاطف بعشق الأردن والإيمان بالأمة العربية وبالنزاهة والشدّة والولاء للعرش.
وعاطف من مواليد المفرق عام 1947، تخصص في الاستخبارات السرية، والاستخبارات المضادة ومكافحة التجسس، وفي إدارة الازمات ومكافحة الإرهاب.
الراحل عاطف الريحاني أبو عمر، رجلٌ ذو ذكر جميل، وارث وطني أثيل، وعطاء مايز أصيل، يستحق أن يعرفه أبناءُ وطنه على نطاق واسع، وهو ما سيتم قريبا.