الأنباط -
تحشد الدولة وأذرعها لخوض مواجهة تُجنّب المجتمع دفع أثمان عالية من الأرواح في موجة متحور اوميكرون، الذي يضرب في كثير من دول العالم، وسط إلحاح لا تفتأ تردده الجمعية العامة للأمم المتحدة من أنّ نجاح البشرية في تجاوز هذه الأزمات يكمن في "كسر حركة انتشار الفيروس وفرص تحوره"، إذ هو مرتبط ارتباطا وثيقا بالإقبال العام على اللقاحات والتزام الإجراءات الاحترازية.
ويحضّ أطباء على تشديد الإجراءات على الأماكن العامة، خاصة مع بدء تطبيق أمر الدفاع 35 العام المقبل، وتشديد الإجراءات على الحفلات والإقبال على تلقي المطاعيم بما فيها الجرعة الثالثة المعززة، كوسيلة وحيدة لمواجهة الوباء، والالتزام بارتداء الكمامة والتباعد الجسدي.
عالميا، أودى كوفيد-19 حتى الآن بحياة أكثر من 5 ملايين شخص، وأصيب ما يزيد على 270 مليون شخص.
أمّا محليّاً، فقد أودى منذ بداية الجائحة حتى يوم أمس الاثنين بحياة نحو 12518 شخصا، فيما بلغت حصيلة الإصابات نحو أكثر من مليون إصابة.
مدير مديرية الأزمات في وزارة الصحة، الدكتور هيثم الدويري، يوضح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الحل الوحيد لمواجهة الوباء والحصول على مناعة مجتمعية هو التطعيم، داعيا إلى الإقبال أكثر على الجرعتين من المطعوم، لزيادة نسبة المطعمين إلى أكثر من 80 بالمئة.
فبحسب إحصائيات وزارة الصحة، وصل عدد الحاصلين على الجرعة الثانية نحو أكثر من 3 ملايين شخص.
ويشير الدويري إلى أن عدد الحاصلين على المطعوم المعزز (الثالث) وصل إلى نحو 200 ألف مطعّم، مبينا أهمية المطعوم في تعزيز المناعة.
ويوضح أن نسب الإقبال على المطعوم المعزز الثالث مقبولة، في وقت تحث عدد من الدول إلى أخذ الجرعة المعززة الرابعة، متمنيا الإقبال على المطعوم من الفئات العمرية المختلفة، حيث أن 82 بالمئة ممن يدخلون المستشفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا من فئة الأشخاص غير المطعمين، فضلا عن أن أكثر من 87 بالمئة من وفيات كورونا بالأردن هم من غير المطعمين.
ويبين الدويري أن المطاعيم تنتجها شركات معترف بها دوليا، وتعمل ضمن الأطر العلمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وقد ساهمت إلى حد كبير في خفض نسب الإصابة والوفيات في المجتمعات التي تلقى أفرادها المطاعيم.
ويلفت إلى أن المواطن شريك في عملية القضاء على الجائحة، حيث وفرت وزارة الصحة المطاعيم وسهلت أماكن الحصول عليه، موضحا أن أمر الدفاع 35 والذي سيتم تطبيقه العام المقبل، وهو محاولة تحفيزية للمواطن لغايات أخذ المطعوم.
وبحسب العديد من الدراسات والأبحاث العلمية وبناء على توصيات منظمة الصحة العالمية بمأمونية المطعوم للفئات العمرية من 12 إلى 15 عاما، فإن الحصول على اللقاح سيكون اختياريا، لمن هم دون سن الثامنة عشرة ولغاية الثانية عشرة عاماً، وبموافقة ولي الأمر كون الطفل في ولاية أهله، في ظل إقبال عدد منهم لأخذه، وفقا للدويري.
ومع موسم الأعياد، يشدد الدويري على ضرورة الالتزام بالإجراءات الخاصة داخل التجمعات والاحتفالات، ذلك أن البعض يعتقد أنه محصن وفي مأمن من المرض ما دام أنه حصل على الجرعتين.
ويشير، في هذا السياق، إلى ضرورة الالتزام بالكمامة والتباعد الجسدي، وعدم التواجد في الحفلات والتجمعات إلا ضمن الشروط التي حددتها أوامر الدفاع، وهو تلقي جرعتين من المطعوم المضاد لفيروس كورونا، وإحضار فحص (بي سي آر) سلبي النتيجة خلال 48 ساعة من حضور الحفل.
وكانت منظمة الصحة العالمية دعت عبر موقعها الإلكتروني إلى التنبه في موسم الأعياد من التجمعات بالأماكن المغلقة، فحتى وإن كانت تجمعات صغيرة، فإنه يمكنها أن تتيح الفرصة للفيروس كي يزداد انتشارًا، فلا بد من تقليل عدد الحاضرين، وضمان التهوية الجيدة عن طريق فتح النافذة أو الباب، وينبغي للمشاركين ارتداء الكمامات والحفاظ على التباعد البدني، مشيرة إلى أنه سيقلل أخْذُ اللقاح بجرعاته الكاملة، والالتزام بجميع التدابير الوقائية الأخرى، خطرَ العدوى إلى أدنى حد.
ويقول اختصاصي الأمراض الصدرية وخبير العدوى التنفسية، الدكتور محمد حسن الطراونة، إنه في ظل المعطيات والتغيرات العالمية الحديثة، لابد من الالتزام بالإجراءات والتباعد الجسدي ولبس الكمامة وتهوية الأماكن المغلقة والمحافظة على النظافة الشخصية بشكل جيد، وأخذ اللقاحات، خاصة الجرعة الثالثة المعززة، ذلك أنها ترفع من المناعة وتزيد من مقاومة المتحور الجديد اوميكرون.
ويشير إلى أنه بحسب ما نشرته الشركات المصنعة للقاحات، فإن الجرعة الثالثة المعززة تحمي من المتحور اوميكرون إلى نسبة تصل إلى 70 بالمئة، مبينا أن هذا المتحور ينتشر بسرعة كبيرة حول العالم، وبمعدل 3 أضعاف المتحور دلتا، ولديه القدرة على إصابة الذين حصلوا على اللقاح سابقا، وكذلك الأشخاص الذين أصيبوا سابقا، فهو يحتوي على طفرة "الهروب المناعي".
ويضيف: "يتوجب علينا الان الالتزام بالإجراءات الوقائية والحصول على اللقاح، فلا تقل أهمية الكمامة عن أهمية اللقاح، والآراء العلمية تؤكد أن الجرعة الثالثة المعززة باتت أمرا لابد منه لحماية الأوضاع الوبائية وللمحافظة على ديمومة العمل في القطاعات المختلفة".
وتشير غالبية آراء العلماء والخبراء حول العالم إلى أن الحاصلين على اللقاح تقل احتمالية العدوى لديهم 5 أضعاف، وتقل احتمالية دخولهم إلى المستشفيات عشرة أضعاف، وتقل احتمالية الوفاة الناتجة عن مضاعفات المرض نحو 11 ضعفا، بما يسهم ذلك في توفير أمان للجميع سواء للشخص المطعّم أو ممن حوله، بحسب الطراونة.
ويدعو الطروانة إلى الابتعاد عن الإشاعات، واتباع الآراء العلمية والمعلومات من مصادرها الرسمية كونها صادرة عن خبراء وأخصائيين لهم باع طويل في هذا المجال، فاللقاحات آمنة وفعالة، مؤكدا أنها من إحدى الوسائل المستخدمة منذ عشرات السنين لحماية الإنسان من الأمراض المعدية الفتاكة.
رئيس جمعية أطباء الحساسية والمناعة الأردنية، الدكتور هاني عبابنة، يدعو، بدوره، إلى توحيد المرجعية الطبية المتعلقة بإعطاء المعلومات الخاصة بكورونا والمتحورات عنه.
ويبين عبابنة، وهو مستشار أول حساسية ومناعة، أن ثلث الحالات المصابة، كانت إصابتها بدون أعراض، مشددا على ضرورة لبس الكمامة والالتزام بالتباعد واستعمال المطهرات والمعقمات، فالمطعوم لوحده لا يكفي.
وبحسب عبابنة، لا بد من تحفيز الناس على أخذ المطعوم، وتشديد الإجراءات في الأماكن العامة والرقابة الصارمة على المحلات، مبينا في هذا الصدد أنها مسؤولية مجتمعية، فكل واحد مسؤول عن الالتزام بالإجراءات وأخذ الجرعات المطلوبة من المطاعيم، والبعد عن التجمعات ما أمكن. من جهته، يقول مستشار منظمة الصحة العالمية في الأردن، الدكتور محمد رسول الطراونة، إن ما تبقى من إجراءات للحد من ظهور موجة جديدة من المتحور اوميكرون، والخروج من موجة دلتا، هو عدم التجمهر والابتعاد عن التجمعات، فضلا عن التقيد بالاشتراطات الصحية وبالإجراءات الاحترازية وأخذ اللقاحات.
ويوضح الطراونة، وهو القائم بأعمال نقيب الأطباء، أن نسبة الحاصلين على التطعيم ما زالت دون المستوى المرغوب، داعيا إلى الاقبال على المطاعيم، والحرص على أخذ الجرعة المعززة أي الجرعة الثالثة من المطعوم، لما لها من دور في تعزيز الأجسام المضادة بشكل أكبر من الجرعات السابقة، مشيرا إلى أن التهاون بأخذ المطعوم سيؤدي إلى إرهاق النظام الصحي.
ويشير إلى أنه لسرعة انتشار الاوميكرون فقد شددت منظمة الصحة العالمية على التزام الكمامة، واتباع التدابير الصحية الوقائية.
ويلفت إلى أنه نتيجة لقلة الوعي لدى البعض بالإجراءات الوقائية وما شاهدناه أخيرا من انفلاتات غير مسؤولة، أصبح لزاما تطبيق أوامر الدفاع 35 وتشديد الإجراءات، في ظل توقعاتنا بازدياد أعداد الإصابات في الأسابيع الأولى من الشهر المقبل.
وبين الطراونة أن الاتكال على الوعي الفردي وحده لا يكفي، ولم يؤدِّ إلى نتائج جيدة، وبالتالي أصبح لزاما على الحكومة أن تستخدم صلاحياتها في تشديد العقوبات، وهو ما أثبت جدواه كجزء من أنواع المسؤولية.
وبحسب أمر الدفاع 35 لسنة 2021، الذي سيطبق من الأول من كانون الثاني للعام 2022، فإنه لا يسمح لموظف القطاع العام أو العامل في منشآت القطاع الخاص الالتحاق بالعمل إلا إذا تلقى جرعتي مطعوم كوفيد- 19، وتحسم الأيام التي لا يسمح له بالدوام أو العمل فيها من رصيد إجازاته السنوية، وفي حال استنفاد رصيد إجازاته السنوية يعتبر في إجازة بدون راتب وعلاوات ولا يستحق خلال تلك الفترة أي راتب أو علاوة أو مكافأة.
كما لا يسمح لأي شخص تجاوز الثامنة عشرة من عمره مراجعة أي من الوزارات أو الدوائر الحكومية أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات العامة أو الدخول لأي من منشآت القطاع الخاص إلا إذا تلقى جرعتي مطعوم كوفيد- 19، ويستثنى من هذا البند مَن يقوم بمراجعة المستشفيات والمراكز الصحية في الحالات الطارئة.
وتوقع على الموظف الذي يسمح بدخول أي موظف أو شخص إلى مؤسسات القطاع العام خلافا لأحكام أمر الدفاع هذا إحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في نظام الخدمة المدنية.
كما تغلق منشأة القطاع الخاص التي تخالف أحكام أمر الدفاع هذا لمدة أسبوع إذا كانت المخالفة للمرة الأولى ولمدة أسبوعين في حال تكرار المخالفة، ويجري إعادة فتح المنشأة التي تمّ إغلاقها في حال تصويب المخالفة.
وتعاقب كل من المولات ومراكز التسوق ومنشآت القطاع المصرفي وشركات الاتصالات ومعارضها والمطاعم والمخابز والمقاهي والفنادق ومكاتب شركات توزيع الكهرباء وشركات المياه والنوادي الليلية والبارات وصالات الديسكو والحمامات التركية والشرقية والأندية الرياضية ومراكز اللياقة البدنية والمسابح بغرامة مقدارها 1000 دينار للمخالفة الأولى و3000 دينار للمخالفة الثانية و 5000 دينار للمخالفة الثالثة وبالإغلاق لمدة أسبوع في حال تكرار المخالفة بعد ذلك.
فيما تعاقب المنشآت الأخرى بغرامة مقدارها 100 دينار للمخالفة الأولى و200 دينار للمخالفة الثانية و 300 دينار للمخالفة الثالثة وبالإغلاق لمدة أسبوع في حال تكرار المخالفة بعد ذلك.
ولا تسري أحكام أمر الدفاع 35 على الأشخاص الذين لم يتلقوا هاتين الجرعتين لأسباب طبية بقرار من وزير الصحة أو من يفوضه، لكن يجب عليهم إحضار فحص (PCR) سلبي النتيجة ساري المفعول لمدة 72 ساعة، وابرازه عند دخول أيٍّ من مؤسسات القطاع العام أو منشآت القطاع الخاص.
وحدَّد أمر الدِّفاع 35 إثبات تلقي جرعتي المطعوم من خلال إبراز الشهادة الرَّسمية الخاصة بذلك أو البطاقة الشخصية الصادرة عن دائرة الأحوال المدنية والجوازات أو الهوية الصِّحية التي يمكن الحصول عليها من الصفحة الرئيسية لتطبيق سند.
--(بترا)