السياسات الضريبية في الأردن جاذبة أم طاردة للاستثمار بدء محاكمة المشتبه به بمحاولة الاغتيال المفترضة لترامب باحث أردني يفكك شيفرة "أهرامات مصر" لتطفوا بكتلة وزن صفر الشرطة يفرض التعادل على النصر في دوري أبطال آسيا باحث الآثار الدكتور عبد القادر الحصان يوقع اتفاقية مع رئيس بلدبة رحاب الجديدة لابراز الموقع الأثري وجذب السياحة. د. بشير الدعجه يكتب:جهاز الأمن العام : نموذج في الاحترافية والسيطرة على مخرجات الانتخابات البرلمانية دون استثناء. الخارجية تدين محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة والإبداع تهنئ جلالة الملك بالمولد النبوي محافظ المفرق يتراس اجتماعا مع رئيس مجلس المحافظة ومدير عام مياه اليرموك لمناقشة الواقع المائي. سلطنة عُمان تُشارك في اجتماع المركز الدولي لشبكة المدارس المنتسبة لليونسكو مندوبا عن الملك وولي العهد.... العيسوي يعزي عشيرتي العلاونة ومحافظة الملك يحدد مسارات الاقتصاد الوطني في كتاب التكليف السامي للحكومة الجديدة وزارة البيئة ومنظمة هلفيتاس ينظمان ورشة عمل دولية لمواجهة التحديات المناخية قمر الحصادين العملاق ينير سماء الأردن في حدث فلكي مميز افتتاح محطة ترخيص في القطرانة على الطريق الصحراوي الأمير فيصل بن الحسين يترشح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية بلدية الزبابدة في جنين تطلق اسم الرمثا على احد شوارعها المستشفى الميداني الأردني شمال غزة/79 يوزع مساعدات غذائية لأهالي القطاع أقوى إعصار يضرب شنغهاي الصينية منذ 75 عاما إبراهيم أبو حويله يكتب : الخوف القاتل ...

الفواتير الطبية الباهظة ترهق كاهل الفقراء وتحرمهم من العلاج

الفواتير الطبية الباهظة ترهق كاهل الفقراء وتحرمهم من العلاج
الأنباط -
فرح موسى
عندما يكون الفقر والمرض وجهان لعملة واحدة، حتماً ستظهر الكثير من الحالات المشابهة لحالة الطفل الأردني "أمير" الذي انتقل الى رحمة الله بسبب مرض لو وجد العناية الكافية، والاهتمام المناسب من قبل القطاع الطبي، لما فقدنا الكثير من أبناء وبنات الوطن لأنهم من ذوي الدخل المحدود، ولا يملكون القدرة على معالجة أولادهم وبناتهم كما يفعل الأغنياء، وأصحاب المناصب العليا في الدولة.
هناك ثبت بما لا يدع مجالا للشك ان هنالك استهتار ولا مبالاة فيما يتعلق بحياة المواطن عند كل الحكومات، وخصوصاً بالقطاع الطبي، وقطاعات الأخرى، بسبب تكلفة الفواتير الطبية الباهظة، وعدم قدرة الفقير على تأمين الحد الأدنى من العلاج اللازم لإنقاذ نفسه من براثن المرض، وشبح الموت كما حدث مع الطفل أمير، وغيره من اطفال لم يستطع ذويهم معالجتهم ولم تبادر الجهات المختصة الى القيام بواجبها تجاه هؤلا الاطفال.
كثير من الناشطات في مجال حقوق الطفل والمرأة، طالبن الحكومة بضرورة اتخاذ خطوات سريعة لحل مشكلة التأمين الصحي، وتقديم الخدمات الصحية لمن لا يملك ثمن العلاج، بالمجان، وأن تفتح المستشفيات عياداتها لمعالجة الحالات المستعصية.
ويقول يزن محادين وهو أحد الأشخاص الذين أصيبوا بنفس مرض أمير؛ التليف الكيسي، إن المشكلة لا تكمن فقط بالتأمين الصحي، إنما في تأمين الأدوية التي يحتاجها المريض والتي تتعلق بإلتهابات الرئة، فالمريض يحتاج الى مضاد حيوي بالوريد، وهو غير موجود في الأردن نهائياً، وهذا الأمر يشكل الطامة الكبرى بالنسبة للمرضى، وقال؛ نحن نحتفل بمؤية الدولة، ولا يوجد أدوية لهذه الأمراض الخطيرة.
وتابع؛ إن تكلفة هذه الادوية عندما نستوردها من الخارج، كبيرة جداً، إذ يصل ثمنها ما يقارب (٢٥٠٠) دولار،  ويقول: حتى الماء والملح غير موجود في الأردن، ونقوم بشراء ما نحتاجه من الخارج، وهذا الأمر يجعلنا من الضروري إعادة النظر بالمنظومة الصحية بشكل عام. 
واضاف محادين؛ إن مشكلة الطفل أمير هي مرض التليف الكيسي، ويعاني من عدم قدرته على التنفس، لأن الرئة لديه معطلة بالكامل، وكان يعاني من بكتيريا يُطلق عليه (pseudomonas)، وهذه البكتيريا علاجها مكلف جداً، ويمكن أن يصل ثمن العلاج الى (١٠٠) الف دينار، مبينا أنه يتواصل مع أطباء خارج الأردن، ويشتري علاجه من الخارج، ويقوم بمعالجة نفسه بنفسه، ولا يذهب الى الاطباء في الأردن.
المواطن أحمد بني ياسين، طالب بالضرب بيد من حديد على كل مسؤول مستهتر، أو مقصر بواجبه، كما طالب المعنيين بإنشاء مستشفى خاص لأصحاب الأمراض الخطيرة، والمستعصية، وخصوصاً لمن ليس لهم تأمين صحي من ابناء الفقراء، وذوي الدخل المحدود، مقرحا بنشاء (صندوق خاص يمول من الحكومة، وتبرعات من الشعب) لعلاج الحالات التي لا يتوفر لها علاج داخل المملكة؛ كحالة أمير المرضية.
مستشار العلاج الدوائي السريري، للأمراض المعدية، الدكتور ضرار بلعاوي، قال؛ إن مثل هذه المواضيع تخضع لتعقيد كبير، وتداخل بين الاقتصاد، والسياسة، والطب، وأنا بصفتي طبيب أجد أن أفضل الحلول، هي أن يتم تأمين جميع المواطنين، وعلى الحكومة أن تضع خطة استراتيجية، قابلة للتنفيذ، يكون هدفها أن تصل لتأمين كافة المواطنين في جميع المستشفيات الحكومية، ومن لا يرغب بالعلاج الحكومي المجاني، يمكنه معالجة نفسه في المستشفيات الخاصة.
واوضح الدكتور بلعاوي لـ"الانباط" انه لا يوجد داع لبناء مستشفيات خاصة لغير المؤمنين، أو مستشفيات لأصحاب الحالات الخاصة، لان جميع مستشفيات الحكومة، ومستشفيات الخدمات الطبية الملكية، والمستشفيات الجامعية؛ قادرة على التعامل مع كافة الحالات، لذلك، ليس الحل بناء مستشفيات، والحل هو؛ أن يتم شمول جميع الحالات بالتامين الصحي الشامل، وأن يتم معالجتهم من الألف الى الياء، ولا يضطر المواطن للذهاب الى مستشفيات القطاع الخاص، أو لا سمح الله يفقد حياته لانه لا يملك تكاليف العلاج.
ومن الإجراءات المقترحة، وعلى الحكومة تنفيذها، أن تتعاقد مع شركات تأمين، أو تفرض على المواطن مبلغ بسيط سنوياً، فيصبح مؤمناً صحياً، أو القيام بما يسمى التأمين التشاركي، وهو أن يدفع الجميع مبلغ تستطيع الحكومة ان تستخدمه في هذا التأمين، وهذه هي الحلول التي أرى أنها مناسبة، لأننا عندما نفقد شخص، أو طفل بسبب مشكلة مالية، يعتبر هذا الأمر؛ معيب.
من جانبها، ترى المُدرسة في كلية نسيبة المازنية الدكتورة إسلام أبو لبدة، أن علاج المشكلة من أساسها لابد أولاً من علاج المنظومة الصحية، لان سقف التأمين الصحي لا يشمل الجميع، مع أن جلالة الملك أوصى الحكومات بتوسيع مظلة التأمين الصحي، والآن وبناءً على التوجيهات الملكية السامية؛ نجد أن التأمين يشمل جميع الموظفين، وإضافة على ذلك، الأطفال دون السادسة، وجميع من بلغ سن الستين.

واضافت، لذلك تكمن مشكلتنا مع الذين تجاوزوا ستة أعوام، واقل من ستين عاماً، وخاصة من هم ليس لديهم تأمين صحي، هؤلاء يجب توفير لهم التأمين، وخصوصاً مَن يعانون من حالات مزمنة، وأمراض تحتاج لأدوية بشكل دوري، لذلك لابد من إخضاعهم للتأمين الصحي. وكثير منهم أصبح يلجأ الى الإعفاءات، ولولا الاعفاءات التي يقدمها الديوان الملكي، لوقعنا في مشاكل طبية كبيرة جداً، ولا حصر لها، وتابعت ان الحل يكمن في علاج منظومة التأمين الصحي، ويمكن عمل بطاقات بيضاء لمن لا يملك تأمين صحي، ولكن يتم معاملته بمعاملة القادر على الدفع. ولابد من أن يصل سقف التأمينات للجميع.
بدوره، قال الدكتور عاطف محمد أبو معالي، محاضر بالدراسات الاجتماعية؛ إن أطفال اليوم هم شباب الغد ورجالات الوطن، وقادته، والاهتمام بهم يعني الاهتمام بمجتمع سليم ومعافى، لذا؛ من أولويات المجتمعات الراقية الاهتمام بصحة الاطفال، وتأمينهم بالرعاية الصحية اللازمة، وقال، إن بعض الدول الأجنبية تعمل على الإشراف المباشر على الاطفال وهم بين أسرهم أو في حضاناتهم، أو داخل رياض الأطفال، والمدارس.
وأضاف إن الأردن اتخذ خطوات جيدة في هذا المجال، بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، كالتامين الصحي للاطفال الذين تقل أعمارهم عن ستة أعوام، وفتح حضانات في  بعض المدارس ورياض الأطفال، لكن الطموح المجتمعي، يطالب بمزيد من الإهتمام بالاطفال من خلال تفعيل منظومة التامين الصحي الشامل والمستشفيات المتخصصة بالعناية بالاطفال، والتوسع في نشرها على رقعة الوطن، وتزويدها  بالتخصصات اللازمة من  الأطباء، والاجهزة الطبية، والتي من خلالها يمكن أن يشعر الآباء والأمهات بمدى عناية الدولة باطفالهم، والاطمئنان على مستوى الخدمة الصحية المقدمة لهم مما بجعلنا في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، وأن يصبح هناك توجه من المجتمع المدني لدعم مثل هذا الأمر الذي يؤكد على أن الاهتمام بصحة الاطفال من أولويات  الدولة، والمجتمع.
الدكتور محمد فواز البطاينه - دكتوراه في القانون العام قال؛ إن الموضوع مهم، ويلامس معاناة شريحة كبيرة، لكن المناشدة، أو المطالبة بالحل تعتبر هشّة وضعيفة نوعاً ما، وهي بحاجة لتسليط الضوء بشكل أكبر على حيثيات المشكلة.
وقال: يفترض إثارة الموضوع على عدة محاور، أولها، وأهمها؛ وجوب منح كافة الأطفال الرعاية الصحية المجانية، لتغطية كافة المشكلات الطبية الذين يتعرضون لها. وثانياً: تغطية فئة الشباب والشابات والعاطلين عن العمل بتأمين صحي، لعلاج الحالات الطارئة، والخطيرة، والمُكلفة والتي تستلزم إجراء اللازم على الفور، إذ أن فئة الأطفال معرضة دائماً للظلم من الناحية العلاجية، والسبب عدم قدرة ذويهم على علاجهم، وأقرب مثال الطفل أمير الرفاعي الذي راح ضحية عدم الإكتراث، وقلة المال، والشباب كذلك الأمر، كونهم يعانون من البطالة والتي بالنتيجة تجعلهم غير قادرين على تقديم العلاج لأنفسهم، وعدم وجود تأمين صحي مقرونٌ بوظيفتهم، يحميهم عند اللزوم.
 ومن ضمن الحلول المقبولة يرى الدكتور البطاينة؛ إن وجود مستشفى مخصص تماماً لهذه الفئات العمرية مع أن حق العلاج كفله الدستور.
من جانبه، نفى مدير صحة إربد الدكتور رياض الشياب أن المستشفيات ترفض غير المؤمنين، وقال؛ كل من يحمل رقم وطني يستطيع ان يتوجه الى أي مستشفى حكومي ويحصل على العلاج اللازم، وإذا كان بحاجة للدخول؛ يتم إدخاله الى المستشفى، وجميع المستشفيات دون استثناء تستقبل المرضى.

وقال في بعض الحالات، يتم إدخالها الى المستشفيات الحكومية، ويكتب له تقرير يحصل من خلاله على إعفاء من الديوان الملكي.
فيما قالت الدكتورة دانييلا القرعان باحثة وأكاديمية في الشؤون القانونية والدولية: إن الكثير من المواطنين في الأردن، يعيشون بدون تأمين صحي، وهي كارثة صحية حقيقية، يجب الانتباه لها، ووضع الحلول المناسبة، لأن الكثير من الأطفال يموتون في عمر الزهور، بسبب عدم توفر تأمين صحي مناسب. 
أما فيما يتعلق بتأمين العمال، عادة ما يحصل عليه من مكان عمله، وعندما يفقد ذلك الشخص عمله لسبب أو لآخر، يفقد معه أيضاً إمكانية تأمين علاجه، وفي أحيان أخرى، تتهرب الشركات، والمؤسسات من مسؤوليتها في هذا الشأن، وتلقي العبء على كاهل الموظف الذي قد لا يكسب ما يكفيه هو وأسرته لدفع تكاليف التأمين الصحي الباهظة.
وأضافت: الصحة؛ حق أساسي من حقوق الإنسان، لا غنى عنه، ويحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من العلاج، يمكن بلوغه، ويفضي إلى العيش بكرامة، ويمكن تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة، وعلاوة على ذلك، يشمل الحق في الصحة بعض المكونات التي يمكن تطبيقها قانونياً.
واضافت القرعان؛ حق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية، واشارت: ولمواجهة ارتفاع أسعار تكاليف الرعاية الصحية، ظهرت أنواع مختلفة من التأمين الصحي، بينها الخاص بالأفراد القادرين، وتأمين العمال من قبل أصحاب العمل، وتأمين الجنود، والموظفين، والأطفال، وطلاب المدارس، والفقراء الذين يتلقون مساعدات حكومية، والأمهات والمسنين. 
تبعا لذلك؛ تحمّل الحكومات كلفة علاج بعض الأمراض السارية، والأوبئة، لمنع انتشارها، والأمراض العقلية للحدّ من تأثيراتها السلبية على المجتمع، لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمجابهة عبء المرض، والمحافظة على صحة المواطنين حتى في الدول المتقدمة؛ إذ بقيت نسبة كبيرة من المواطنين غير قادرة على الحصول على رعاية صحية لائقة، تمكنهم من مجابهة الأمراض، لارتفاع تكلفة هذه الرعاية، وبدأت تُطرح، وتُرفض مسألة التمييز في الرعاية الصحية، ولم يبق أمام العالم إلا الاعتراف بالرعاية الصحية، بوصفها حقًا من حقوق الإنسان الأساسية.
بدوره، أكد الإعلامي تحسين أحمد التل على أن حل المشاكل الطبيعة المستعصية يلزمه؛ بناء مستشفى خاص على غرار مستشفى الحسين للسرطان، يكون مدعوماً بكوادر طبية على درجة عالية من المهنية والتخصص، وتكون موازنته مدعومة من القطاع الخاص. ولدينا شركات، وبنوك، ومؤسسات ضخمة، قادرة على توفير المبالغ اللازمة لبناء المستشفى، وتأمينه بأحدث الأجهزة الطبية، واستقدام أطباء من مختلف دول العالم، وتوفير العلاج للحالات التي يتطلب توفيرها صرف مبالغ كبيرة، سيما وأن أغلب المؤسسات المالية حصلت على تسهيلات من الحكومات السابقة، ما يجبرها على أن تُقدم القليل من الأموال لدعم القطاع الطبي.
واضاف، ان بعض الحالات المرضية أدمت قلوبنا، وبالذات حالة الطفل الأمير، إذ لو كانت لدى البعض نخوة أصيلة، وأقصد بعض (كبار البلد)؟، لما وصلت حالة الطفل، وغيره من الأطفال، والحالات المرضية الى هذا السوء الذي أدى الى الموت نتيجة الإهمال، وعدم الإكتراث. وعلينا أن ننتبه ولو مرة واحدة في حياتنا، الى أن الإهمال قد طال العديد من مؤسسات الوطن، وما تعاني منه الصحة، والقطاع الطبي؛ يجعل من السكوت على ما جرى ويجري بمثابة الظلم الشديد؛ لا تقبله كل الشرائع السماوية. 

ولم نكد ننسى كارثة الأكسجين، ومستشفى السلط حتى نصحو على كوارث طبية، تتمثل في وفاة الأطفال، والفتيات، ونتساءل الى متى سيستمر هذا الإهمال، ويكون العلاج باستقالة وزير، أو مدير مستشفى، أو مدير عام، والسوس ينخر في عظامنا

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير