الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي 2021، التأم حول التلفزيون الصيني في بكين الناطق بالعربية، لقاءً جَمَعَ صحفيين رسميين وإعلاميين وكُتّابًا من بلدان عربية من مصر والجزائر، بالإضافة لكاتب هذه السطور من الأُردن، بغية البحث في "الاستفادة القصوى من التبادلات بين وسائل الإعلام العالمية في زمن وباء كورونا والتطبيع".
أدلى جميع المشاركين بأفكارهم ومقترحاتهم السديدة في هذا المَنحى، بقصد الوصول إلى أرضية يتفق عليها أصحاب الأقلام، رغبة بتوحيد كلمتهم في وسائل الإعلام المختلفة من مقروءة ومرئية ومسموعة، لرصِّ صفوفهم في عَمَلانيَّات التصدي أولاً لفيروس كورونا ولتجفيفه؛ وثانيًا، بهدف العمل على "مجتمع المصير السلمي الواحد للبشرية" بأمانة ووعي عقلي وكلمة شريفة، ترفض الإدلاء برأيها مقابل "دفعات" من تحت الطاولة، ولا لمآل مرتبط بهذه أو تلك من الجهات ذات الأسنان المُشْرَئِبَّة الكاسِرة.
أشارت المَحطة التلفازية الصينية الشهيرة، إلى أنّه قبل أكثر من عام ونصف، كان التطبيع مع وباء كورونا خطوة غير منطقيَّة، فهذا الوباء الذي غيّر وجْه المَعْمُورة وحياة المِليارات من الناس رأسا على عقب، ترك البشر في حالة ذهول وصدمة في البداية.. لكن مع مرور أكثر من عام على الجائحة، أصبح التطبيع مع الوباء ضرورة، وإن كان قسريًا. ونوَّهَت شاشة المُبَاصَرة الصينيَّة إلى وجوب التبادلات الإعلامية في عَصرِ التطبيع مع الوباء، من أجل دعوة البشرية جَمعاء لإنجاح التعاون الاجتماعي والاقتصادي والثقافي على أساس الاحترام والتفاهم المتبادل. وبِمَا يَخص الإعلاميين، هذا بلا شك هو جزء من رسالتهم.
ونقل التلفزيون رأي كاتب هذه السطورـ كونه المؤسس والرئيس للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين ـ رأيه بوجوب تنمية وترسيخ التَّمَحْور حول اللقاءات الفاعلة للإعلاميين المُحترفين والكتّاب المؤثرين والمُتقِنين لِ "مهنة المتاعب"، وتحسين "نَوع وكَم" هذا التعاون في المستقبل، بدعوة هؤلاء للتأثير على المُستَمعِين والمُشَاهِدين من خلال التكتل لإبداع مبادئ ومصفوفة واحدة، ولزوم إجادة اقتراحات يمكنها توجيه البشرية صوب العَقل الجَمعي الإنساني الكفاحي، إذ أن الأحداث قد أكّدت بأن ما يتعرّض العَالَم إليه من أحداث وخيمة إنَّمَا تتسم بالخطورة على مستقبل وجود البشرية، ولهذا يجب علينا تعظيم العمل الإعلامي وتوعية الناس بما يجري، وشخصيا شَدَّدتُ على أن الصين بكل ما تملكه من الإمكانيات المادية والمعنوية مؤهلة جدًا لدعوة جماهير الدنيا من خلال الإعلام، إلى توفير رؤية واضحة لِمَا يجري وما نواجهه من ارتفاع في منسوب التعدّي على الدول والأفراد، وتحدّي القانون الدولي.. فهناك اتفاقيات يمكن أن نقوم بتوقيعها سويًا مع الإعلاميين والوسائل الإعلامية المهمة حصرًا، وتتوافر أيضًا رغبة بتأسِيس موقع إخباري شبكي متخصص ورفيع المستوى، ويَتَّسِم بالحرفية اللغوية والتقنية، يُسَاهِم في إعلاء البُنيان الذي نرنو إليه.
ترى الأخوات والزميلات الصحفيات الصينيات اللواتي إجتمعْنَ معنا في هذا اللقاء، بأن كل وسائل الإعلام الصينية والعربية وجّهت جهودها لتقديم المزيد من الخطط، إنجاحًا للتبادلات الثقافية الدولية في ظل الوباء، ففي مايو 2021، أطلقت CGTN نشاط "التحدي الإعلامي"، الذي جَنَّدَ الأفراد من شتى أنحاء العالم، المهتمين بالتعاون الدولي في مجال الكلمة، لتطوير دور أكبرللروافع الإعلاميَّة بغية التواصل بين الثقافات في عَصرِ التطبيع مع الوباء/ ولإزالة الحواجز من أمام عملية التفاهم الشامل، ولتوفير الأساس المَتين للثقة المتبادلة بين الشعوب.
ووافقت لانا - أو شياو لان"، المُخرجة والمُذيعة في المحطة الصينيِّة العربية على أراء زملائها العرب، وأكدت أن هنالك طُرقًا كثيرة أمام الإعلاميين الصينيين والعرب لتنويع التبادلات الثقافية من خلال التعاون الجماعي الوثيق، ويجب على الإعلاميين أن يلعبوا دورًا أكبر في دعم التعاون الاجتماعي والاقتصادي والثقافي على أساس الاحترام والتفاهم المُتبَادَلين.
نتفق مع إدارة التلفزيون الصيني/ العربي على القواسم المشتركة التي تم بحثها كنواةٍ للتضامن الإعلامي الدولي، ضمنها ضرورة التبادل المهني بين بكين والعواصم العربية دون إبطاء، باعتباره جزءًا هامًّا من عملية تدعيم وتوسيع التواصل الحضاري وفهم الآخر الإنساني، ما يوضّح حُسن ونفع التعدّدية وقدرتنا وقابليتنا لاكتشاف جوانب التشابه والتلاقي بين الثقافات بوضوح، إلا أن ذلك لا َيدل على أن تميُّزنا سوف يوضع على قارعة الطريق، ولكن بواسطة التبادل الإعلامي يمْكِن لنا الاحْتِفاء بجوانب اختلافاتنا، وتطوِيع آلية التعرّف على ثقافات بعضنا البعض حتى نَمضي قُدمًا فنُصبح قادة عالميين فعَّالين.