رئيسة وزراء نيوزلندا جاسيندا أرديرن ، وقبل عام حين وضعها فريقها في تحدي لتقدم ما أنجزته خلال عامين مضوا في ثلاث دقائق متلفزة وبدون قراءة وهي تنظر الى الشاشة ، في أول 30 ثانية قالت أنها وفرت 92 الف وظيفة ، وأنشأت أكثر من 2200 منزل حكومي، وزرعت 140 مليون شجرة، وقدمت زيارات أرخص للأطباء لأكثر من 500 الف شخص، ورفعت الحد الأدنى للأجور، وبنت عددا أكبر الفصول الدراسية فى المدارس يتسع الى 100 الف طالب، بينما وصلت البطالة إلى أدنى معدل لها في 11 عامًا، والقائمة تطول بعدها لتعرض إنجازاتها خلال عامين مضوا ، حتى السامع لا يستطيع أن يتبع لهذه الانجازات فقد سبق الانجاز القول ، وللعلم عدد سكان نيوزلندا 5 مليون نسمة . رئيس أمريكا السابق ترامب كانت كلمة وظائف ” Jobs ” هي الكلمة التي يتباهى بها دائما وها هو الرئيس الحالي يكررها في كل المحافل ، وإذا تحدثنا عن أنجيلا ميركل فلك أن تتخيل ما وصلت اليه ألمانيا . كان الاساس في قياس الانجاز خلق فرص العمل والتشغيل فكل شيْ محسوب ، فأين نحن من هذا كله ؟
صدر مؤخرا تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بعنوان "الأردن .. تراجع مضطرد في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، وتحدث عن التحديات والظروف التي وصلت اليها الاردن إقتصاديا وإجتماعيا ،ونسبة البطالة التي وصلت 25 % وبالشباب 50%، وزيادة أعباء الدين العام ليصل اليوم الى 34 مليار دينار ما نسبته 108% من الناتج المحلي الاجمالي ، وإنتشار شبهات الفساد والتهرب الضريبي ، والمساس بشكل مباشر بحق الاردنيين في كرامة العيش والعمل والصحة والتعليم والمياه وغيرها والتي هي بالاصل مكفولة في القوانين المحلية والدولية ذات العلاقة مشيرا الى المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وتراجع القطاع الصحي وهجرة المستثمرين الاردنيين الى دول اخرى وضرب مثلا أن 70 مصنعا إنتقلوا من الاردن الى مصر ، وتراجع حوالات المغتربين والدخل السياحي ، والبيروقراطية الواضحة في الاجراءات الحكومية ، والتحدي القائم في شُح المياه ، وإرتفاع معدلات الفقر الى 15.7% ، فأرتفعت النسبة 38% بين الاردنيين و 18% بين اللاجئيين السوريين ، وأن مليون اردني يعيشون تحت حد الفقر . أما عن فرص العمل فالاقتصاد الاردني يستطيع أن يستحدث 40 الف فرصة عمل مقابل ما يقارب دخول 100 الف باحث عن العمل سنويا. فماذا بعد؟
الصحيح لم يفاجئني التقرير ، فنحن أبناء الوطن ونعرف تماما أين الوجع ، فالوطن هو الانسان ، فدعونا نتسلح به وننشر الطاقة الايجابية، لنضع خط ونمشي ، لنقيس إنجازاتنا باليوم ونقول نحن أفضل من أمس . اليوم نحن في تعافي ، صادراتنا زادت بنسبة 23%، وحتى عند إستثناء البوتاس والفوسفات والفواكة والخضار الحية فإن نسبة الارتفاع زادت عن 25% ، أي أن عجلة الانتاج تسابق الزمن، وإرتفع الدخل السياحي على الرغم من أنه القطاع المنكوب فها هو الامل يعود ووصل الى 1.4 مليار $ ، احتياطنا النقدي من العملات الاجنبية وصل الى أعلى مستوى له على مدى تاريخ البنك المركزي ليصل الى قرابة 17 مليار $ ويغطي أكثر من 9 شهور ، الحدود السورية والعراقية فتحت وتبشر بالخير ، فما أجمل المنظر عند رؤية تزاحم الشاحنات والمركبات على المعابر الحدودية ، البرنامج الوطني للتشغيل بدءا من العام المقبل وخصص له 80 مليون دينار ، برنامج أولويات الحكومة وضع حيز التنفيذ وعلى المحك .
سيد البلاد وجه الحكومة لاتخاذ إجراءات واضحة وسريعة ليلمس المواطن والقطاع الخاص أثرها، على أن يتم تزويد جلالته بتقرير شهري عن تقدم سير العمل ، فقياس الانجاز على رادار جلالته ولا هَمَّ له إلا الوطن ، والوطن هو الانسان ، فالانسان أغلى ما نملك.
نَعَمْ … يستحق الوطن ان يكون هَمّكْ ، يستحق الانسان أن يكون هَمّكْ ، فهَمّكْ ما أهَمّكْ ، في كل خطوة ، في كل عمل ، لا تبتعد عن الوطن، دع الانجاز شعارك ، قُل ماذا أنجزت اليوم أفضل من أمس ، لا تسهو عن الوطن … فَكُلّنا الوَطنْ .
حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه .
m@alqaryouti.com