مقالات مختارة

"الرّؤية الإستراتيجية" للأُخُوَّةِ والصَداقة الرّوسية العربيّة الإسلاميّة

{clean_title}
الأنباط -
يلينا نيدوغينا
سُعدت كثيرًا بنشر "مَجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي" لمقالتي السابقة، التي تتحدث عن الذكرى الـ58 لبدء العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والاتحاد السوفييتي السابق، وهي روابط ورثتها روسيا المُعَاصِرة. المقالة تطرّقت كذلك للزيارة الأخيرة التي نفَّذَها جلالة الملك عبدالله الثاني المُفدى إلى موسكو، ومباحثاته مع فخامة السيد الرئيس فلاديمير بوتين الجَليل، بهدف تحقيق المزيد من تعميق العلاقات والشرَاكة الأردنية الروسية في شتى العناوين.
في مهام هذه "المجموعة" الرئاسية التي تم تأسيسها بموافقة سيادة الرئيس بوتين، نقرأ عناوين كثيرة ومتفرقة، إلا أن جميعها تُعنى بهدفٍ واحد أحد مستقيم الإتجاه ولا حياد عنه، هو الاجتهاد من قِبلِ قيادات المجموعة بتطوير الآليات والروافع التي من شأنها أن تكفل تطوير وتوسيع وتأكيد وتعميم كل ما يمكنه أن يُشكّل رِباطًا حقيقيًا ومَكفولًا لمَسيرة العلاقات العربية الروسية وتوثيقها، إذ تعود الأضواء الأولى التي بزغت فيها إلى طريق الحرير العربي الروسي القديم، الذي اشتهر في تاريخ الأمتين الروسية والعربية بكلمة عربية واحدة مُختصرة، وغنية المَضامين والأهداف والواقع، ألا وهي: "أرباط" – الشارع الأبهى في موسكو، الذي بقي نابضًا بالحياة والبهجة عبَر الأزمنة وحتى اللحظة، وسيبقى كذلك شاهدًا بشموخ على تاريخ لا يُمحى في أسفَار الحَيـاة العربية والروسية.
تأسست "مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا – العَالم الإسلامي" في عام 2006، بإشراف من يفغيني بريماكوف ومينتيمير شاريبوفيتش شايمييف، وذلك بعد انضمام روسيا الاتحادية إلى "منظمة التعاون الإسلامي" بصفة عضو مراقب. ونشطت المجموعة بعقد جلساتها في مُدنِ موسكو، قازان، إسطنبول، جِدّة والكويت. وفي كل مرة كان يُعقد فيه لقاء للمجموعة، كان فخامة الرئيس فلاديمير بوتين يوجه رسالة ترحيب به.
وفي عام 2014، قرّر سيادة الرئيس فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، أن تستأنف "المجموعة" نشاطها، وكلّف رئيس جمهورية تتارستان، روستام نورغالييفيتش مينيخانوف برئاستها، بعد أن كان الأكاديمي يفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف الرئيس الفخري للمجموعة حتى وفاته.
تضم "المجموعة" عشرات الشخصيات الحكومية والعامة من 27 دولة إسلامية، بما في ذلك، رؤساء وزراء، و وزراء خارجية، والعديد من رجال الدين الكِبار في الشرق الإسلامي من إندونيسيا، المغرب، المملكة العربية السعودية، إيران، الكويت، وغيرها من الدول. وفي الاجتماعات التي جرت في أجواء تسودها الثقة المتبادلة والصراحة، تم مناقشة المشاكل الأكثر حدّة في العلاقات الدولية، والحالة في الشرقين الأدنى والأوسط، بالإضافة إلى مناقشة مجمل العلاقات بين روسيا ودول الشرق الإسلامية. ولهذا، لاحظتُ، أن نشاط "المجموعة" يُقابَل بأصداء إيجابية مُتَّسِعة على الدوام في رِحاب البلدان العربية والإسلامية وفي غيرها أيضًا.
في الراهن من الأيام وعلى مدار السنين الأخيرة، تُركّز "المجموعة" على وضع تدابير لتعزيز التعاون طويل الأجل بين روسيا وكَوْكَبَة الدول الإسلامية، وتنسيق التدابير المشتركة لمكافحة الإرهاب الدولي، والتنفيذ العملي للشراكة الإستراتيجية بين روسيا الاتحادية وبين العَالم الإسلامي. واتصالًا بهذا الهدف، تتم مناقشة الخطوات في مجال الترجمة المكثفة للكتب من اللغة الروسية إلى عددٍ من اللغات، وهي العربية، والفارسية، والتركية وغيرها، زد على ذلك ترجمة المطبوعات من لغات العديد من الدول الإسلامية إلى اللغة الروسية، ما من شأنه تعزيز عُرى التضامن والصداقة والتفاهم وروح الشّرَاكة الإستراتيجية للنأي بالمجتمع البشري عن المواجهات أيًّا كانت، وفي سبيل نشر روح الوئام والسلام والتفاهم الجماعي بين الدول والشخصيات والزعماء الدينيين والمدنيين والبشر أجمعين، وتوظيف الفِكر والقَلم والعقل والقلب في هذا الاتجاه المُفعم بالإنسانية وروح العصر ومتطلباته السلمية.
في الفعالية الأخيرة التي عُقدت مؤخرًا، هذا العام، لـِ "مجموعة الرؤية الإستراتيجية: روسيا - العَالم الإسلامي"، والتي إلتأمت روسيًا ودوليًا عَبر الفيديو عن بُعد، تميّزٌ عالمي أحرزته "المجموعة" في فكرتها وبحثها وأهدافها المباشرة ومراميها البعيدة المَدى، إذ أنها قد عُقدت تحت شعار: التربية وحوار الأديان: تجربة روسيا ودول العَالم الإسلامي. والموضوع الأساسي الذي شَغَل شخصيات روسية وأجنبية وازنة بالبحث والاستنتاج، هو المدرسة الصيفية الدولية في الذكرى الخامسة لـِ"حوار بولغار للثقافات"، ذلك أن هذا هو العنوان الذي يُقام عادةً في صَرح أكاديمية بلغار الإسلامية، ويُشارك فيه ثُلة من المُنظِّمين أصحاب الخبرة، ضمنهم، مؤسسة الحوار الإستراتيجي والشَراكة مع العَالم الإسلامي؛ وأكاديمية بلغار الإسلامية؛ ومكتب التخطيط للتعاون الشبابي الدولي روسيا - منظمة التعاون الإسلامي.
أتمنى مزيدًا من النجاح والسؤدد للمجموعة، وازدهار علاقاتها مع جميع الدول، وفي طليعتها العربية والإسلامية.
*كاتبة وإعلامية روسية / أردنية، ومؤسِسة «مُلحق الرؤية الروسية» في جريدة «ذا ستار».
...؛
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )