الأنباط -
لقد اصبحت التكنولوجيا حاضرة في كل مكان منزل او مكتب وغيرها بحيث اصبح لكل قضية او ازمة اثر على الجميع لتكوين رأي فردي او جمعي مجتمعي ، اي ان هناك عقل جمعي له تأثير مجتمعي يسبب تلك المعلومات المتبادلة والأراء المشتركة ، وهذه بحد ذاتها ظاهرة نفسية لتكوين موقف مشترك ، تعكس سلوكاً موحداً خاصة للقضايا التي فيها غموض لا يستطيع الفرد ان يحدد ابعاده ومغزاه ، مما يستدعيه ان يلجأ للآخرين من مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد موقف مشترك معهم، فهناك سطوة اثر الجماعة على الفرد تجعله ينصاع الى رأيهم بغض النظر عن تأثيراتها وابعادها ، فيصبح سلوك القطيع سائد عبر تلك المواقع اي الانحياز تلقائياً الى احد الاراء المتفق عليها الاغلبية ذات الدائرة الكبيرة ، خاصة عندما يفقد الفرد قدرته على اتخاذ موقف من امر معين ، لذلك يلجأ الى الرأي الجماعي بحثاً عن مؤشرات واحدة بموقف مناسب ، على ان تفسير الجماعة الاكثرية لهذا الموقف الغامض هو اكثر صواباً مما قد يختاره الشخص لوحده .
وهناك كثير من الامور والمعطيات تؤثر على العقل الجمعي ، فالتأثير الديني مؤثر بقوة واي مساس بشرع الله وسنة نبيه يجد رد فعل جمعي لا يستطيع احد فرد ان ينقضه او يحلله كما هو يراه من وجهة نظره الفردية، لا بل الرأي الجمعي هو سيد الموقف .
كذلك هناك ابعاد سياسية واقتصادية للازمات المختلفة ، يتخللها مصالح ذاتية وشخصية او مصلحة جهة على المصلحة العامة ، مما تسبب في اثارة الرأي العام خاصة عندما يحللها شخص او شخصيات يقنع فيها الاكثرية فيتقبلها العقل الجمعي ويتغلب فيها على العقل الفردي .
كذلك كثير من العادات والتقاليد المتوارثة والسائدة منذ امد بعيد والتي قد يكون لها اثر سلبي او ايجابي حيث يتناولها الجميع من وجهات نظر جمعية اي انه قد آن الاوان
لتجاوزها وتصحيحها مع ما يتناسب والوضع الحالي الوبائي والصحي بوجود خطر انتشار الكورونا ، فنجد ان العزاء قد اختصر بشكل كبير على الاهل والمقربين فقط ، والتعزية اصبحت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كذلك مناسبات الافراح وغيرها .
وهذه لا تعتبر هزيمة مجتمعية بقدر ما هي تحضر ايجابي يتكيف مع الوضع الوبائي وانعكاساته السلبية على الجميع ، حتى ولو كان هناك من يعتبرها هزيمة نفسية لتعير تلك العادات والتقاليد ، الا ان رأي الجماعة اصبح يغلب الرأي الفردي .
والاستجابة لرأي الاغلبية هو انصياع للعقل الجمعي.
والعقل نور يهدي صاحبه الى افضل الطرق ، وعملية صقل العقل وتنميته تحضر.
المهندس هاشم نايل المجالي
Hashemmajali_56@yahoo.com