الموقع يقدّم ملخصا للراغبين بالسفر عن كل دولة حول العالم، يتضمن جميع المعلومات والتحذيرات والنصائح، التي قد يحتاجها الكندي في حال سفره إلى تلك الدول.
للأسف، فإن المعلومات المذكورة عن الأردن كفيلة بأن تدفع أي كندي راغب في زيارة المملكة إلى التراجع عن قراره، والبحث عن دولة بديلة دون نقاش أو تردد، فالصورة التي ترسمها المعلومات الواردة فيها كثير من السلبية، وبعضها يثير الرعب في خيال أي متصفح لذلك الدليل.
وفق ما ورد في الموقع الكندي -على سبيل المثال- فإن هناك كثيرًا من المناطق في الأردن عرضة لعمليات إرهابية بأي وقت، وأن هناك ضرورة حتمية للابتعاد عن بعض الأماكن التي قد تكون مستهدفة كالمباني الحكومية، والمساجد، والكنائس، والمراكز الأمنية، والمواصلات، والمطار، والمطاعم، والمولات!أضف إلى ذلك، فإن من الأمور التي قد يتعرض لها السائح الكندي في الأردن كثرة المظاهرات التي قد تحدث بأي لحظة، مع الإشارة إلى الحذر على الطريق الصحراوي الذي يشهد حالات إغلاق متكررة بسبب المظاهرات التي يشهدها.
هذه الصورة القاتمة، لا تترك أمام السائح الأجنبي أي خيارات لزيارتها، فلماذا يخاطر بنفسه، وربما بعائلته، بينما تتوفر خيارات أخرى في دول آمنة ولا تشكل أي خطورة!
في زاوية "أمن المرأة”، يقدّم الموقع نصائح للسائحة الكندية بألا تسافر وحدها، وألا تتحرك ليلا، كونها ستكون عرضة للتحرش الجسدي أو اللفظي.
ندرك تماما، أن المبالغة الكبيرة هي ما حكمت عمل كاتب هذا الدليل، والذي ربما استقى معلوماته من بلد آخر، وألبس الأماكن الأردنية عليه، ولكن، في المقابل، فإن إيراد هذه المعلومات لا يمكن قبوله، فهو تشويه وتحريف للواقع، كما لو أنها تروي عن بلد يعيش حربا أهلية، أو بلد ما يزال يعيش عصر ما قبل الدولة.
هذه المعلومات، والتي قال لي أحدهم إنها لا تشكل سوى جزء بسيط مقارنة بما هو موجود على موقع الـ”CIA” الأميركي والذي لم أطلع عليه، تشكل عبئا كبيرا على الأردن، الذي يجب أن يعمل على إعادة بناء صورته إذا ما أردنا تحقيق الفائدة القصوى من اقتصاد السياحة الخارجية.
من أهم واجبات هيئة تنشيط السياحة، التي تعاني الأمرين جراء خفض المبالغ المالية المخصصة لها لترويج الأردن، هو الاشتباك المتواصل بالتعاون مع السفارات الأردنية بالخارج من أجل تسويق المملكة لجذب السياح، عبر عكس الصورة الحضارية التي نعيشها، والأمن والسلم المجتمعيين اللذين يتمتع بهما الأردن، مع تسويق ثقافة الناس وتسامحهم وكرمهم.
الأردن ليس بمعزل عن العالم، وما يحدث في داخله نراه في كل الدول، وهو يدفع ضريبة ما يحدث من حوله في بعض الدول، حيث يشير الموقع الكندي إلى المناطق الحدودية الأردنية مع سورية والعراق وما يجري فيهما، ونتيجة لعدم قدرة أغلب مواطني العالم الغربي على فهم جغرافية العالم العربي، فإن النتيجة الحتمية تكمن في البحث عن دولة أخرى يعتقدونها أكثر استقرارا وأمنا.
لا يمكن لوم الحكومة الكندية لأنها تقدم معلومات لضمان حماية أبنائها، رغم تأكيدنا ضرورة ألا تظهر هذه المعلومات الدول وكأنها في حالة دمار شامل. المسألة الأهم اليوم متعلقة بنا نحن في الأردن، وتبني سياسات وإجراءات ننسف فيها هذا الانطباع السائد.
كثيرا ما تم التحذير من أن هناك كلفة عالية قد يدفعها الأردن جراء ما يحدث أحيانا من عبثية مقصودة أو غير مقصودة، فالعالم يرصد كل ما يجري في دولنا، وحكوماته ومنظماته تراقب، وهي لا تفرق بين حادثة أو ظاهرة أو سلوك.
لكن المسؤولية، في الأساس، تقع على عاتق الدولة التي يتوجب عليها أن تعمل من أجل تغيير الصورة القاتمة تلك، والتي لم تعد مجرد انطباع، بل "معلومات” موثقة على مواقع رسمية.