الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
كلنا يعلم أن الإصلاحات السياسية التي تحققت خلال العقدين الأخيرين، أي منذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية تفوق كافة الإصلاحات التي أنجزت على مدار العقود الثمانية السابقة، حيث بدأ جلالته بعملية إصلاحات شاملة وسريعة لكافة القطاعات التربوية والتعليمية والثقافية، والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكانت هذه الإصلاحات نوعية، وتلقى اهتماما ومتابعة شخصية من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني حتى تتحقق وتنفذ على أرض الواقع، ومن الإصلاحات السياسية التي تحققت في عهد جلالته، إنشاء المحكمة الدستورية، التمويل الحزبي، زيادة مقاعد البرلمان، الكوتا النسائية، تعديل الدستور الأردني، إنشاء وزارة التنمية السياسية، تطبيق فكرة اللامركزية، دمج البلديات، افتتاح المركز الوطني لحقوق الإنسان، واخيرا وهي الأهم إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات التي أنيط بها إدارة والإشراف على العملية الإنتخابية برمتها لكافة العمليات التي تجرى سواء النيابية، والبلدية واللامركزية، وانتخابات القطاع الخاص لمن يرغب من مؤسسات القطاع الخاص كالغرف التجارية والصناعية وغيرها، وقد استطاعت الهيئة المستقلة أن تدير الانتخابات التي أجريت منذ تأسيسها بكل مهنية واحتراف، وأن تحقق نجاحات لاقت ارتياحا من جميع التيارات السياسية والجهات الرقابية، وبالأخص الإنتخابات الأخيرة التي جرت في ظل جائحة كورونا، وتم إحرائها ضمن بروتوكول صحي محكم التنفيذ بموجب تعليمات وإجراءات سهلة وميسرة، علاوة عن الحوارات التي تولاها أعضاء الهيئة مع الناخبين في كافة محافظات المملكة بهدف تحفيزهم على المشاركة بالإقتراع، وإعطاؤهم شرحا موجزا عن خطوات عملية التصويت والفرز وإخراج النتائج، والاستماع لملاحظات الناخبين واقتراحاتهم لتطوير العملية الإنتخابية، بالتزامن مع الحملة الإعلامية في كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وفي الطرقات العامة، وكان لعميد الهيئة بحنكته السياسية وخبرته الإدارية وأعضاؤها الفضل في هذا النجاح المميز، كأول تجربة في إجراء الإنتخابات في ظروف انتشار وباء معدي ويشكل خطرا على الصحة والسلامة العامة، وفي ظل الحديث والتوجه الرسمي الجاد لتحديث التشريعات الناظمة للحقوق السياسية، ومن أبرزها وأهمها قانون الإنتخاب، وحيث أن دولة رئيس مجلس الأعيان قد بدأ عملية الحوار الشامل مع كافة الأطياف الوطنية السياسية والإجتماعية، والثقافية والحزبية، وغيرها من مكونات المجتمع الأردني من كافة محافظات ومناطق المملكة، وحتى يكون الحوار مؤسسيا، وفي ضوء غياب وزارة الشؤون السياسية عن هذا الحوار، فلا بد من إشراك الهيئة المستقلة في هذا الحوار كشريك رئيسي ومهم ممثلا برئيس الهيئة معالي الدكتور خالد الكلالدة كونه قادم من رحم اليسار السياسي، ويلقى قبولا من كافة التيارات السياسية، ولديه رؤية سياسية لقانون الإنتخاب النيابي، ويملك قدرات وخبرات ثقافية سياسية تعززت لديه خلال تولية وزارة التنمية السياسية، ومن ثم الهيئة المستقلة للانتخابات ، وكاريزما متميزة في الحوار السياسي وإيصال المعلومة بأريحية بالنظر لهدوءه وطول البال في الحوار والنقاش دون أي توتر أو انفعال، وذلك بهدف تحقيق الحوارات لمبتغاها ونصل إلى مخرجات ترضي معظم أطراف المعادلة السياسية والانتخابية، من خلال العمل الجماعي الذي يجمع ولا يفرق، بما يفضي إلى تحقيق النتائج المرجوة، آملا أن تلقى هذه الأفكار الآذان الصاغية، لكي لا نبقى ندور في حلقة مفرغة، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.