الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة.
تناقضات غريبة وعجيبة حدثت وتحدث في الأردن في الآونة الأخيرة، تدفعنا للإندهاش والتساؤل، ما الذي يجري في الأردن؟، عندما دعا جلالة الملك عبدالله الثاني إلى تحديث التشريعات الناظمة للحقوق السياسية، إنتابنا شعور بالسعادة والفرح والبهجة، والتفاؤل بتقدم خطوة للإمام نحو تحقيق التنمية السياسية على أصولها المنشود التي نطمح إليها، وعندما إجتمع رؤساء السلطات الثلاث، التنفيذية والأعيان والنواب، إزددنا تفاؤلا وأملا بأن هناك جدية حقيقية بالإصلاح السياسي، وسيكون هناك جهد جماعي ومشترك من السلطات بالشراكة مع الجهات المعنية لإطلاق حوار وطني حيادي مشترك للوصول إلى توافق وطني يمثل الأغلبية من مختلف الشرائح والقطاعات الوطنية والمجتمعية والسياسية على النظام الإنتخابي الذي نصبوا اليه ويحقق طموحنا، بما يفعل ويعزز المشاركة المجتمعية بالانتخابات مما يؤدي إلى رفع نسبة المشاركة بالتصويت إلى أعلى نسبة ممكنة، وعندما سحبت الحكومة قانون الإدارة المحلية من مجلس النواب لإعادة دراسته، تفاءلنا أكثر بأن يصدر قانون إيجابي يمثل البلديات واللامركزية، بإدخال تحسينات عليه وتعديل السلبيات لإصدار قانون ينهض بالبلديات واللامركزية والمشاريع التنموية إلى ما هو أفضل مما هي عليه الآن، ولكن الذي جرى على أرض الواقع عكس ما توقعنا، حيث تشعبت وتشتت جهود الحوار السياسي، إلى حوارات متنافرة، فمجلس الأعيان أخذ على عاتقه البدء وإطلاق الحوار السياسي لوحده دون التنسيق مع النواب والحكومة، لا بل فقد وجه رقاع الدعوة إلى النواب المنتخبين من الشعب للحضور لمجلس الأعيان المعين تعيينا للتحاور حول القوانين الناظمة للحقوق السياسية، في حين أن الحكومة بقيت في سبات عميق غائبة عن المشهد السياسي، وكأنها ليست معنية بهذه القضايا والحوارات، وليست هي المعنية بتقديم مشاريع هذه القوانين، رغم وعودها المتكررة عدة مرات بأنها ستتقدم بمشروع قانون الإدارة المحلية بشقيه البلديات واللامركزية من أسبوع لآخر ولعدة أشهر ما زالت تراوح مكانها، ولنتفاجأ بتسريبات حكومية أن مشروع قانون اللامركزية سيتضمن نصا قانونيا على أن اختيار أعضاء مجالس المحافظات سيكون بالتعيين من رؤساء مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، ما يعني العودة بالديمقراطية إلى المربع الأول، والإنقلاب على الديمقراطية وعلى فكرة مشروع اللامركزية التي دعا إليها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه والتي لم تأخذ حقها وفرصتها بإثبات النجاح أو الفشل، وعلى الرغم من قيام دولة رئيس الوزراء بتشكيل لجنة وزارية للبدء بالحوارات السياسية ووضع مشروع قانون الإدارة المحلية من أجل تقديمه لمجلس النواب إلا أنه وللأسف لم يتحقق ذلك على الواقع، واقع حكومي مؤلم، هذا على مستوى السياسة، أما على مستوى جائحة كورونا فالأغرب أن وزير الصحة الحالي، وقبل أن يصبح وزيرا صرح لإحدى المحطات الفضائية الإعلامية المحلية أن الكمامة لا تحمي الشخص من فيروس كورونا، ليتراجع عن تصريحه بعد أن أصبح وزيرا للصحة، ويؤكد أن الكمامة ضرورية للحماية من عدوى فيروس كورونا، كما أنه بعد الوزارة، يتخذ قرارا باستبعاد كافة الخبرات الوطنية في مجال الأوبئة من لجنة الأوبئة الوطنية، بعد أن أصدر تعليماته إليهم بعدم الظهور الإعلامي وإعطاء أي تصريحات بخصوص وباء كورونا، في الوقت الذي كان نفس الوزير عندما كان عضوا في لجنة الأوبئة يتصدر الفضائيات وشاشات التلفزة بتصريحاته وتحليلاته المختلفه حول أزمة كورونا، والسؤال هل استبعاد خبراء الأوبئة من اللجنة الوطنية يمنعهم من الظهور الإعلامي وإطلاق التحليلات والتصريحات الطبية بشأن جائحة كورونا؟، فهم كخبراء لهم الحق في الظهور الإعلامي وإبداء أرائهم الشخصية بخصوص هذه الأزمة ولا احد يستطيع منعهم، تنأقض غريب من الوزير قبل الوزارة وبعد الوزارة، أما الحدث الثالث تصريحات وزير الإعلام المستفزة والتي كانت أولها حديثه عن دحرجة الرؤوس ولغاية هذه اللحظة لم نرى أي دحرجة لأي رأس، والتصريح الآخر بشأن التقليل من قوة ومنعة وقدرة جيشنا الهاشمي الباسل وإغفال بطولاته الحربية والإنتصارية التي حققها وسطرها في الحروب العربية المختلفة وعلى رأسها حرب الكرامة، ومن ثم يخرج علينا مبررا ونافيا لتصريحاته، كما خرج علينا وزير المياه كذلك بتصريح ناري عن سرقات للمياه تقدر بملايين المترات من أشخاص ذو خلفيات عشائرية تحميهم دون تسميتها، ومن ثم يعود كذلك ويصرح بأنه تم تحويلهم للمحاكم ، أما الحدث الأخير فهو غياب دولة رئيس الوزراء عن المشهد السياسي الداخلي والخارجي والظهور الإعلامي لبيان رأي وتوجهات وموقف الحكومة من كل ما تقدم من قضايا وطنية. نعم أحداث غريبة ومتناقضة تحتاج إلى إجابات وتوضيحات حكومية لتعلمنا ما الذي يحدث في الأردن؟، ولماذا هذا الصمت الحكومي، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.