الأنباط -
هل تَركَب الانظمة والحكومات والمنظومات الدولية موجة الأحداث.. لتسريع تحقيق خططها واستراتيجياتها؟..
ان الانظمة بفطرتها تعشق السيطرة والنفوذ المطلق.. وما تنازلت عن هذه الغريزة الا بمطالبات كثيرة وضغوطات اجتماعية وسياسية كبيرة.. او بدماء ثورية اريقت على الطرقات..
تعلمنا في التخطيط الاستراتيجي ان ثمة هدفا اساسيا لاي مؤسسة او هيئة او دولة او منظومة دولية.. وان هناك مجموعة اهداف ثانوية لتحقيق الهدف الاساسي.. ويجب ان يكون هناك مجموعة من الاحداث (مشاريع.. خطط.. اعمال..) لتحقيق تلك الاهداف..
وتعلمنا ايضا انه لكل حدث زمن مقترح وفترة لإنجازه..
ولضبط عملية الأداء.. يوجد هناك مقاييس لتقييم الأداء ولمعرفة اي خلل قد يعيق تطبيق الاحداث لخدمة تحقيق الاهداف بشكل سليم..
قد تطرأ أحداث خارجة عن سيطرة القائمين على تطبيق الاستراتيجيات.. وتؤثر سلبا او إيجابا على خطط العمل والانجاز.. وهنا يبرز دور الادارات العليا والقيادات لحسم بعض المواقف والاستفادة القصوى من الطاريء من الاحداث دونما تغيير جذري على الاهداف او خط سير وتنفيذ الخطة..
ففي السياسات مثلا.. قد تختصر هذه الأحداث على القيادات الشيء الكثير من الاجراءات لاقناع شعوبها بقبول قرار ما.. وتراها تركب موجة هذا الحدث.. وتبدأ باختصار الفترات وتطبيق ما خططوا له مستغلين انشغال الناس بهذا الحدث..
من جهة اخرى قد تستفبد الانظمة من الاحداث بتجربة نمط من الانماط يصعب تجريبه في الاوقات العادية.. وليس من السهل عليها تجربته وقياس مدى التزام وانصياع الشارع له في الظروف الاعتيادية.. الا اذا كان هناك ما يبرره..
فمثلا فرض حالة عدم التجول.. او عزل منطقة معينة عن باقي المناطق.. او فرض نمط تعاملات غير مرغوب ثقافيا.. او تغيير اسلوب حياة مخالف لبعض العادات والاعراف الاجتماعية..
وهنا اقتبس مقولة من ستيفان والت وهو اكاديمي وسياسي امريكي.. "سيقوي الفيروس مفهوم الدولة ويعزز القومية وقبضة الحكومات التي فرضت إجراءات إستثنائية للسيطرة على الفيروس وسيكون من الصعب أن تتخلى عن سلطاتها الجديدة بعد انتهاء الأزمة"..
كما لا ننسى ان المنظومات الدولية العلنية او السرية تستغل الكثير من الاحداث وتركب موجتها.. وهنا لا اريد الدخول كثيرا في نظرية المؤامرة والتي هي احدى قناعاتي ومسلماتي واقول افتعال الاحداث وليس فقط استغلالها.. لان هناك الكثيرين ممن لا ولن يقتنعوا بان ثمة من يضحي بارواح العديدين من البشر من اجل تحقيق هدف ما..
فمثلا في موضوع فايروس كورونا.. نلاحظ تسريع وتيرة التعامل مع التطبيقات الالكترونية والتعاملات المالية الالكترونية والتي كان يرفضها الكثيرون.. واصبح الحديث يكثر عن العملات الالكترونية الموحدة.. والتي كانت قبل فترة بسيطة غير مستساغة الطرح..
كانت هذه خاطرة مرت على مخيلتي وانا أراقب ما يحدث من حولي وأحلل الكثير من الرسائل التي تصلني من اصدقاء.. وكان ردي دائما عليهم لا تنظروا دائما للخبر.. وانما دققوا وحللوا ما وراءه..
كورونا حدث طاريء أكان مفتعلا أم حدث صدفة.. ولكن كن على يقين بأن ما وراء كورونا سيكون أعظم مما شهدناه ونشاهده اثناء فترة كورونا.. فأكاد أجزم أن تغييرات سياسية واجتماعية وجغرافية ستكون أمرا واقعا ولن تعود مجرد حبر على ورق..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..
أبو الليث..