الأمن يعلن مقتل شخص أطلق النار على دورية في الرابية .. واصابة 3 مرتبات البنك العربي يصدر تقريره السنوي الأول للتمويـل المسـتدام وتأثيــره جفاف البشرة في الشتاء.. الأسباب والحلول لتجنب التجاعيد المبكرة رذاذ فلفل وصعق للأطفال.. ممارسات "صادمة" للشرطة الاسكتلندية الأرصاد الجوية: أجواء باردة وأمطار متفرقة مع تحذيرات هامة.. التفاصيل كما توقعت "الانباط" في خبر سابق .. إعفاء الضريبة المضافة على السيارات الكهربائية 50% لنهاية العام 20 شهيدا و 66 مصابا في غارات إسرائيلية على وسط بيروت الامين العام لاتحاد اللجان الاولمبية يشيد بجهود لجنة الاعلام توازن تنظم لقاءً تعارفياً مع عدد من الصحفيين والصحفيات لبحث دور المرأة في الإعلام وتعزيز المهارات القيادية القطاع السياحي يدعو رئيس الوزراء لزيارة البتراء "المنكوبة" الأردن صمام أمان المنطقة وحارس الهوية الفلسطينية والمقدسات يارا بادوسي تكتب : جولات رئيس الوزراء:خطوة مطلوبة لتحفيز قطاع السياحة المرأة بالمحافظات وتحديات سوق العمل الثلاثي الفولاذي.. محور سياسي جديد يعيد رسم ملامح التوازن في الأردن الترخيص المتنقل بالأزرق من الأحد إلى الثلاثاء واتساب يقدم ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص أمانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة اعتبارا من صباح غد ابتكار أردني رائد – إطلاق منتجات Animax+ و Animax++ قرارات مجلس الوزراء مطالبات جماهيرية بالاستعانة بالمحترفين الأردنيين المجنسين

أنا وخُردة الشوارع أيام زمان

أنا وخُردة الشوارع أيام زمان
الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح

ذكّرَني بعض الأصدقاء القُدامى من كُهول العَصر المُنتهي، مِمّن هم على شاكلتي ومِثالي، بأيام زمان. كان ذلك في جلسة ذكريات. حينها، أعاد علي بعضٌ منهم صورًا مؤلمةً في شريط فيديو افتراضي، يَشتمل على مَحطّات خطرة كنتُ سافرتُ أنا من خلالها إلى حقبة موجعة لزمنٍ رحَلَ، لكنه عاد منذ بدء العشرية الأخيرة ليَطغى على يومياتي التي تواجه تحديات مفصلية كُبرى. حينها، في الزمان السابق، كما أنا الآن، أعتمرُ حالة شديدة البؤس. اعتقدتُ مُصِيبًا وتأكدتُ أن تلك الفترة ستمتد إلى آجال طويلة مُقبِلة، وسيَستَعمِر نمطها كامل حياتي ولا فكاك منه. المشكلة كانت، أنني أنا الجامعي، كنتُ أتجول في بعض المناطق العمّانية لجمعِ خُردة الشوارع، والبحث عن مُشترين لها بقليل من "الفكّة" لتوفير بعض الأموال لعائلتي وطفلاتي الصغيرات، ولِسدادِ فواتير الكهرباء والماء والتلفون الأرضي وغيرها.
أصدقائي الخُلص انتقدوني لأنني أكتب عن فقراء الشوارع، بينما أنا أحدهم. قال لي واحد منهم: لماذا لا تكتب عن نفسك وعن التراجيديا التي عشتها أنت سنوات طوالًا والتي صارت دهرًا داميًا، وها هي قد عادت إليك بأقسى من سابق العهود؟!
بَعد مَنحي شهادة الماجستير في علوم الصحافة والإعلام في الاتحاد السوفييتي، وعودتي إلى الوطن الذي اشتقت إليه كثيرًا بعد سبعِ سنوات غياب في الغُربة، كانت جيوبي فارغة تمامًا من النقود، ولم أتمكن من إعالة أُسرتي. ذهبتُ إلى الخدمة العسكرية، وعشنا على عشرين دينارًا شهريًا فقط لا غير! آنذاك، كنت "أسافر" للقطعة العسكرية التي خدمتُ فيها (وتقع في منطقة "خَوْ"، بمدينة الزرقاء)، بسيارة "سرفيس" تقليدي، ويَكتمل مَسيري "على نمرة 11" صوب باقي الجغرافيا، حيث المُعسكر والتدريبات طِوال كل أسبوع. تخلى عني الجميع.. كل الجميع. ففي هذه الحياة العدوانية اللعينة التي تتسم بالإمبريالية بجوهرها وأهدافها ويومياتها اللصوصية التي تَستعمر البني آدم، لا مكان على الأرض لفقراء الجيوب.. ففقراء العقول والمَشاعر هم الأولون وهم السادة. مَررتُ بأزمان عصيبة، وترسّخت في طيات ذهني فكرة مَفادها، أن مَن يَختار الدراسة العليا في موسكو، إنما مكتوب عليه الحَسرة والفاقة والتشرّد، وفي المحصلة الموت جوعًا وعطشًا ونكران المجتمع له. (الإمبريالية الاجتماعية) الراسخة في المجتمع الطبقي المنقسم على نفسه، عَملت على تهميشي تمامًا. "الإمبرياليون الوطنيون!" انتقموا من غالبية خريجي موسكو ومدن السوفيييت. كان استهدافهم لنا إنما لإيصالنا إلى حالة خواتيمها أن نُطلّق بالثلاثة كل الأفكار والأيديولوجيات التي حَملناها واستبشرنا بها خبزًا وخيرًا!
حينها، كنت أرى أن الدهر اختارني مُمَثلًا عن جميع المُشرّدين والمُتعَبين، لأكون "عِبْرةٌ لِمَنْ يَعْتَبِرُ"، في مواجهة شخصيات مُستَكبِرة، "كان" همّها الأول، وما زال وللأسف الشديد، تحقيق "البريستيج" على حساب أشلاء أمثالي، الذين هم أصحاب الكلمة التي أبحرت في فضاء الأزلية، لكونها "البدء"، ولأن أتبَاعها هم الكَثْرَةُ الاجتماعية والعقلية الكَاثِرَةُ!
شَكرتُ أصدقائي ورفاقي لأنهم أعادوني إلى المربع الأول، المُوجِع، حيث كنت، وحيث أنا أبقى مُستحكِمًا ومُستمسِكًا ببندقيتي - قلمي، رافضًا التخلي عن أردِيتي وأسمالي القديمة المُهَلهَلة.. قلت لهم: لم أنسَ ولن أنسىَ. الإمبرياليون وأشياعهم يَصفوني بـِ"العنيد.. ويرددون: "لازم نكسّر رأسه" كما قالوها ورددّوها بالحرف. ليكن كذلك، هذا حسن، فدمي عليكم وعلى أولادكم وأحفادئكم كما قالها السيد المسيح عليه سلام الدهور. أقول للجميع، لمَن يُعجبه كلامي ولمَن لا يُعجبه: سأبقى اليوم وغدًا كما كنت بالأمس وأول أمس، وسأستمر معكم أيها الرُفقاء الخُلص، وبكم أُتابع وأُواصلُ سَيري إلى المُبتغى!

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير