الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة،،،
لكل نظام حكم فلسفته الخاصة في حكم شعبه، منهم من يحكم شعبه حكما دكتاتوريا، يجمع بين القسوة والبطش المستند على حكم الفرد بتغييب كل التشريعات الدستورية والقانونية، ومنهم من يحكم شعبه سندا لأحكام الدستور والقوانين الناظمة للحكم، وبعض الحكام من يلجأ لحكم العائلة، أما النظم الغربية فتحكم شعبها بنظام الحكم الديمقراطي بموجب الدستور المكتوب أو العرف الدستوري المبني على احترام الإنسان وحقوقه، وهكذا دواليك، فلا يوجد إجماع على نظام حكم موحد، لكن ما يميز الهاشميين في فلسفتهم في الحكم، أنه قائم على المزيج بين الحكم الديمقراطي المدعوم بالدستور والتشريعات القانونية الناظمة والحافظة لحقوق الإنسان، الممزوجة بالإنسانية والعلاقة الأبوية والأخوية بين الحاكم وشعبه، وهذا أفضل وأميز أنواع الحكم، وهذا النوع من الحكم إمتياز خاص للهاشميين في فلسفتهم في الحكم، يحسدوننا عليه كافة شعوب العالم، فإنسانية بني هاشم في الحكم ترسخت عبر العقود السابقة لتأسيس الدولة الأردنية وأصبحت منهجا ونهجا هاشميا ترسخ كعقد إجتماعي بين الحاكم والمحكومين، فلا تتفاجأ أن تشاهد ملك يقود سيارته بنفسه ويذهب إلى السجن ليفرج عن أحد المساجين تطاول عليه ويسلمه بنفسه لوالدته في بيته، ولا تتفاجأ أن تشاهد ملك يزور إحدى الأسر العفيفة تقطن في منطقة نائية لا يعلم عنها أحد فيجلس على فراشها الأرضي بعيدا عن البروتوكولات الرسمية ويتناول معها كأسا من الشاي ويستمع لمطالبها ويأمر بتنفيذها بأسرع ما يمكن ويعود لزيارتها بعد مدة زمنية ليتأكد بنفسه أنه تم تنفيذ ما وعد به، وليس بغريب على الهاشميين أن تجد الملك والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية يتناول طعام الإفطار أو الغداء أو العشاء مع أفراد الجيش وضباطه ومتقاعديه ممن خدموا بمعية الملك ويكون طعامهم قلاية بندورة ويتبادلوا أطراف الحوار والذكريات أيام الخدمة العسكرية، ولذلك فلا تندهش أن تسمع جلالة الملك قام بالإتصال مع فتاة صدر عليها حكم إطالة اللسان ليخبرها أنها في مقام الأخت ويرفع من معنوياتها ويعتز بها أنها تفتخر بأبيها، أو أن يبادر بنفسه بالاتصال مع عسكري مريض لمساعدته، أو تعزيته، أو الإطمئنان عليه، أو أن يشكر شخصا ما على عمل ريادي قام به، أو أن يستقبله في بيته ليكرمه، أو يشاهد مباراة قدم مع عامل وطن ، أو يوقف سيارته في الشارع العام ليشيد بجهود رجال السير ويرفع من عزيمتهم ومعنوياتهم ويتناول طعام إفطار رمضان معهم، أو أو.... الخ، فالأعمال الإنسانية التي قام ويقوم بها الهاشميين الملوك كثيرة لا تعد ولا تحصى، فهذا ديدنهم، وهذه الإنسانيات لا تحدث إلا في الأردن، لأن كافة أعمالهم تتم عملا بقول الرسول الكريم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وعملا بقوله تعالى " فَبِمَا رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر،..."، فإذا سمعت عن أي عمل إنساني بهذا الخصوص قام به أحد الزعماء فاعلم أنك في الأردن، لأن مثل هذه الأمور لا تتم إلا من قبل الملوك الهاشميين الأحرار في الأردن، ولهذا فإن العلاقة في الحكم في الأردن تقوم على ثلاثة أعمدة، هي ملك إنساني يحب شعبه ومخلص له، وشعب منتمي لوطنه، وولاءه لمليكه، وأرض مباركة يقام عليها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وعليه هذه الزوابع السياسية التي تهب من هنا وهناك لن تلين أو تنال من عزم الأردنيين وصلابتهم، أو تضعف من حبهم لملكهم، أو حتى تضعف ثقتهم به، أو تنال من تماسك الشعب الأردني ووحدته الوطنية، أو حتى تحدث شرخا أو تصدعا ولو بسيطا في جدرانه وأعمدته، لذلك فإن ما حدث لا يعدوا أن يسمى زوبعة في فنجان، أو تمرين حي زاد من قوة ومنعة الأردن قيادة وشعبا، وأظهر للعالم أن شعب الأردن يقظ وواعي، وأجهزته الأمنية من الصعب اختراقها أو تجاوزها لأنها تسمع دبيب النملة، إذا أرادت أن تحدث خرابا في أي بقعة من الوطن، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.