الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
دُفعة إضافية من الحافلات ظهرت فجأة في الأيام الأخيرة في بكين والمدن الصينية الأخرى، استدعت ابتسامات المواطنين الصينيين وإعجابهم بكل ترتيب جديد وغير مسبوق في حياتهم اليومية، بخاصة وأن هذا "الترتيب" يَعني لهم آلية عَمَلانية جديدة مُبتكرة لإنقاذ أرواحهم من الإصابة بفيروس كورونا الخبيث.
هذه الحافلات ليست عادية لكونها مُخَصّصة ومُتخَصِصة ومتطورة تقنيًا في شؤونها، إذ جرى اختراعها مؤخرًا لخدمة المواطنين الساكنين في الأحياء والمربعات السكنية المكتظة والبعيدة عن مراكز التطعيم. فبدلًا من أن يَتوجّه المواطن إلى مراكز التطعيم البعيدة عن منزله، حَضرت هذه الحافلات بنفسها إليه، وبالتالي حرّرته من الحاجة للانتقال لمسافات طويلة، واختصرت عليه الوقت والجهد.
انتشرت هذه الحافلات في مواقع أعمال العاملين أيضًا. ولذلك، فقد أقبلوا عليها راضين لأنها تنقذهم من الفيروس دون عناء مغادرة العمل نحو المستشفيات والعيادات الطبية ومواقع الخدمات العلاجية البعيدة عن مواقع مؤسساتهم، مع ما يرافق ذلك من إهدار للوقت والجهد وجدول الأنشطة والأعمال المهنية.
هذه الحافلات هي فكرة جديدة وإبداعية لخدمة العاملين والمواطنين في مختلف مواقعهم، لا تُبعثر أوقاتهم إلى هنا وإلى هناك. الموظفون والعاملون عمومًا أصبحوا يوفرون بهذا الترتيب نقودًا غير قليلة فيما إذا انتقلوا إلى مستشفيات، أو توجهوا صوب عيادات ومراكز طبابة بعيدة لتلقي جرعة من المَصل للقضاء على كوفيد/19.
يستطيع أطباء وممرضو الحافلة الواحدة تطعيم 300 شخص "فقط!" كل ساعة. والحافلة تعمل على مدار الـ24 ساعة دون توقّف، ما يعني أنها تستطيع تطعيم ما بين 8000 إلى 9000 شخص كل يوم بنهاره وليله! وهذا أمر يتوقف على قدرات وسرعة وحذاقة الأطباء والممرضين العاملين في هذه الحافلات. واقع هذه الحافلات يكشف بكلمات عريضة، عن أن الصين تستطيع تطعيم شعبها، وعدده حاليًا مليارٌ واحدٌ و600 مليون نسمة على الأقل، بسرعة قياسية لم يسبق لها مثيل في "العملية التطعيمية" للبشرية منذ ولادة أحفاد الإنسان الأول!
تنتشر الحافلات وتقف في كل جهة بكّينية وصينية، ضمنها القصية.. وهدفها هو تسهيل تلقي المواطنين للقاحات دون عناء التوجه إلى مواقع التطعيم المركزية أو المناطقية. هذا يَعني أيضًا، أن الحكومة الصينية هي التي تأتي إلى المواطن بعدما كان المواطن يأتي إلى الحكومة حصرًا في "قضية كورونا". إنها الدبلوماسية الشعبية المُشبّعة بالإنسانية ومحبة الإنسان خدمةً لمصالحه المتعددة، من خلال توظيف الصين لتقنياتها الجديدة المُتجدّدة في المواقع الأكثر اكتظاظًا بالسكان، مِمَّا يُخفّف الضغط عن المشافي والمراكز الطبية على اختلافها. إنها تجربة تقدّمها الصين للعالم لتوظيفها في صالح البشر جميعًا.
*متخصص بالشؤون الصينية.
[1:39 pm, 07/04/2021] ابو الحكم: