الأنباط -
ويبقى هاجس الأمن الغذائي هاجسا مؤرقا وملفا يحتوي العديد من المفاصل المهمة للمحافظة على الأمن الوطني وسلامة المواطن التي تحتل أولوياتك على الأجندة الملكية، فهناك دعوات متكررة لإيلاء هذا الملف القدر الكافي من العناية الحكومية، بهدف زيادة نسبة الاعتماد على الانتاج الداخلي للمنتجات الغذائية، خصوصا أن التربة الأردنية وتضاريس الأرض الأردنية تسمح بديمومة وسلاسة واستمرارية الانتاج لأجود أنواع المواد الغذائية، ويضاف اليها تنوع وتعدد مصانع المواد الغذائية وقدرتها التنافسية على إيجاد أسواق تصديرية لدعم الاقتصاد الوطني.
وربما ذكرت بأكثر من مناسبة بضرورة الحسم بالملف الصحي والغذائي لتوأمتهما، خصوصا في ظل التوجه السياسي لدعم التخصصات الفنية والتقنية، باعتبارهما الذراع الأساسي لبناء رافعات الإقتصاد، ضمن الأسس العلمية التي تشكل الضمانة لسلامة المنتج وفاعليته، وبعيدا عن نظام الفزعة المؤلم في حاضرنا، وعودة لماضي ليس ببعيد ونحن على مقاعد الدراسة، وفي أبجديات دروس جغرافيا الوطن، بتعريف محفور بمساحة مقدرة من الذاكرة الوطنية بأن الأردن بلد زراعي، يعتمد على مياه الأمطار وتضاريسه المتعددة التي تسمح ببناء خريطة زراعية متكاملة لتطبيق مبدأ الاستغلال الأمثل لتربته، ورعاية متوازية للثروة الحيوانية، والتي هي الركن المكمل للقطاع الزراعي، والدور الحالي المميز لوزارة الزراعة وعبر أذرعها المتخصصة كالمركز الوطني للبحوث الزراعية مثلا، قادر على ترجمة الرؤيا الملكية، لخطط واقعية، وبعيدة عن المبالغة وتضخيم الأرقام البعيدة عن الواقع، فنحن من أفقر الدول بالموارد المائية، والأمن الغذائي والزراعي والحيواني يعتمد بالدرجة الأولى على توفر المصادر المائية؛ تحديات تحتم على صاحب القرار التعامل الواقعي مع المتوفر بشكل مميز لكل قطرة ماء، فباطن الأرض الأردنية وترابها غني بالمصادر الطبيعية، وأرضها الخصبة مناسبة لجميع أنواع الزراعات، وتضاريسها مثالية لتربية الثروة الحيوانية بمختلف أصنافها، كما أن بيئتها الاستثمارية وقوانينها المشجعة، تشكل رابطا متجددا لتقوية وتمتين البنيان الداخلي الذي ينعكس على مختلف الهموم التي تؤرقنا، فهي حلول لأبجديات الحياة بمنتجها، ومن يعيش على الأرض الأردنية والمعروف بانتمائه وحبه للوطن، قادر على الإبداع بالتخطيط السليم للاستغلال الأمثل للمتوفر.
حيث لا بد من إصدار التشريعات اللازمة بصورة فورية للمحافظة على رقعة الأرض الزراعية المتبقية والصالحة للزراعة وحمايتها من التغول العمراني الجائر، فنريد لأرضنا الخصبة أن تتوشح بثوبها الأخضر في موسم الحصاد، ونريد منها انتاجا مضاعفا من الحمضيات والفواكه تمهيدا لفتح الأسواق التصديرية التي تخدم طرفي المعادلة؛ الوطن والمزارع للمحافظة على معادلة العملة الصعبة، ونريد لشبابنا الانخراط بمشاريع وطننا الزراعية ضمن أحدث التقنيات العلمية، وبعيدا عن تدخلات المسؤولين التوجيهية ضمن مفاصل الاعلام الموجهة بمقابلات تخدع نوايانا وأحلامنا، فالعودة للأرض هي خطوة صحيحة وموفقة، وهي العودة التي تسجل بالتوقيت والظرف المناسب بتحديات الحاضر، ضمن مفاصل البناء ومحاربة الفقر والبطالة، بعد وأد ثقافة العيب؛ تهمة التهمت من أمانينا سنوات وفرص، لأن القاعدة الصحيحة التي تترجم الشعور الوطني المستحق برسم التنفيذ بالفعل، بضرورة العمل على بناء وتشجيع المشاريع الزراعية للمنتجات وصناعاتها وثروتنا الحيوانية، فعندما نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع، سيكون لنا أسهم للمنافسة على سلم الحضارة بقيادة هاشمية فذة، وعدت فأوفت، حيث مكانة الأردن العالمية رقم صعب لا يمكن تجاوزه أو العبث بأركانه، وعلينا أن نتذكر أن تحقيق الأمن الغذائي بمفرداته يتحقق عبر البوابة الزراعية والاعتماد على الذات وللحديث بقية.