الأنباط -
كثر الحديث في هذه الأيام عن ضرورة تغيير قانون الإنتخاب وتحديثه، بعض هذه الأصوات التي نادت بتحديث قانون الإنتخاب، أتت نتيجة التغييرات التي شهدها العالم الغربي مؤخراً وبناءً على ذلك بنت مطالبها بالإصلاح السياسي، آخرين وجدوا مساحةً أوسع لمطالبهم الدائمة بقانون إنتخاب يكون هو الأساس لإصلاح شامل يشمل الأقتصاد والسياسة والتعليم.
الإصلاح السياسي، بإعتقادي إن أتى يجب أن يكون الدافع الوحيد له هو المصلحة الوطنية المبنية على أن هذا الإصلاح لم يعد ولم يكن أبداً ترفاً بل هو العماد لجميع الإصلاحات الأخرى والدوافع يجب أن تكون فقط هي دوافعنا الداخلية المبنية على إصلاح مدروس مبني على الأوراق النقاشية لجلالة الملك الشاملة للأجندة الوطنية الأردنية.
البعض يعتقد أن الإصلاح السياسي ليس ذو أولوية وبنظرهم هناك ما هو أهم، إعتقادي الدائم أن الإصلاح السياسي هو أم الإصلاحات جميعها دون أدنى شك، لأن حسن إختيارنا لنواب الأمة والذين سيقومون بالمناقشات المتعلقة بالصحة والإقتصاد والتعليم لن يتم بالطريقة الصحيحة إن لم يتم ذلك من خلال إنتخاب مجلس يضمن العمل الجماعي والقيام بفرز من يمثلنا للقيام بهذه الإصلاحات المطلوبة وهذا يتم من خلال برنامج شامل يتضمن السياسات التي يجب إتباعها ويضمن الحلول لكافة المشاكل التي يواجهها الوطن وعلى أساس هذا البرنامج يتم إنتخاب النواب.
دوافعنا الداخلية تقول أن قانون الإنتخاب الحالي أصبح أمراً محققاً من حيث تكريسه للعمل الفردي سواء داخل القوائم أم داخل البرلمان نفسه وبالتالي أضعف مؤسستنا البرلمانية لأبعد الحدود بحيث لم يعد مجلس النواب ممثلاً للشعب الأردني بأكثر من 15-20%، لأن من نختارهم هم فرادى وبالتالي لن يشكلون أبداً أغلبية نيابية، كذلك سهولة إختراق والتشكيك بنتائج الإنتخابات وهذا ما أكده المركز الوطني لحقوق الإنسان من حيث الإنتهاكات الجسيمة للإنتخابات الآخيرة وخاصةً بما يتعلق بسطوة المال السياسي في مجراها.
لا أحد ينكر أن القانون الحالي أضعف دور المرأة والشباب في المشاركة السياسية وكل مرة كان العزوف عن المشاركة أقوى مما سبق، لا أحد يقف ضد وصول نواب جدد للمجلس ولكن ذلك يجب أن يكون خياراً مدروساً بحيث يصل السياسيون والإقتصاديون الذين يمنح تواجدهم إضافةً نوعية للمجلس ويكون ذلك بتطعيم وجود النواب أصحاب الخبرة مع نواب جدد لكسب الخبرة، هذا لن يتم إلا بوجود أحزاب مسؤولة ومشاركة بالهم الوطني آخذة على عاتقها هذه المسؤولية وحاملة لها وتفرز المرشحين وتطرحهم بطريقة علمية.
الأوراق النقاشية الأربعة الآولى لجلالة الملك وجمعيها تدعو إلى تعزيز وتعميق النهج الديمقراطي بطرق علمية و عملية غير تقليدية، إسهاماً من جلالته في دعم مسيرة الإصلاح التي رسم خطوطها جلالته داعيا الى البدء بقوة في تنفيذها وتحويلها الى برامج عملية ونظم قابلة للتطبيق، إذاً ما الظرف الأفضل لتطبيق المطالب الملكية والمطالب الشعبية والتي تتطابق كلياً من الظرف الحالي؟ هذا السؤال يجب توجيهه للحكومة والمعنية بالدرجة الأولى بأخذ زمام المبادرة.
هناك أشبه ما يكون بالإجماع لصياغة قانون جديد للإنتخاب دون حاجة لأي لجان أو ما شابه ذلك، المطلوب من الحكومة البدء بحوار وطني مع جميع المعنيين لإقتراح وتقديم قانون جديد لمجلس الأمة بعد ذلك يصاغ بناء على هذا الحوار ويرسل لمجلس الأمة والذي بدوره سيقوم بما هو مناسب لتحسين هذا القانون.
وطننا في بداية مئويته الثانية يستحق منا هذا الإجتهاد والعمل في هذا الإتجاه والأردنيون بعد معاناتهم الدائمة يستحقون أيضاً هذا التحديث للنهوض بالوطن كي نكون بمستوى الدول الحضارية والديمقراطية.
م. عدنان السواعير