الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
لفت انتباهي خلال صلواتي المتتالية في صحن "كنيسة الإتحاد" الأردنية سوياً مع أخي وصديقي الكبيرمازن ميكيل؛ وذلك خلال الأعياد والمناسبات الدينية وآيام الآحاد؛ مايتحلى به رجال الأمن من بساطة لافتة وأدب جم وشخصية مَلِيحة ومَهِيبة، مرفقة بسلوك حَسن ورفيع المستوى، لمِسه المصلون كذلك في أروقة المكان وحدائقه، إذ عزّز وجود "الأمنيين" في رِحابنا الكنسية وحولها ثقة رجال الدين والمصلين بأجواء الآمان الذي يَغمرنا به سيد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني المُعظّم، الذي يُطالب الجميع بأن يكونوا مع المواطنين على مِثاله، بُسطاء ومتواصلين مع كل مواطن، ومُلبّين احتياجاته أيًّا كانت.. في أي مكان كان، وفي أي وقت كان.
في ظل ما نعيشه في منطقتنا من جوائح مختلفة، الأمنيّة منها والفيروسية، يبرز رجال الأمن بمختلف مُرتّباتهم يعملون على مدار الساعة واليوم، من أجل وطن آمن، وضمان تنمية مستمرة في كل الفضاءات، وسلام اجتماعي ووطني، متسلحين بسلوكيات رَشِيقة ولَطِيفة وراقية وحضارية، وعمل دؤوب في مجالهم لحماية المواطنين المؤمنين في صوامعهم والمواقع العامة، وتوفير أجواء كريمة ومستقرة وهادئة للخاشعين أمام عظمة الخالق، تمكّنهم من التواصل معه بسكينة ودون خشية أو خوف من حادث ما، فرجالاتنا الأشاوس، هؤلاء الأبطال، يحسبون بدقة لكل الاحتمالات، ولا تَفُوتُ كل مِنهمُ لا شَارِدَةٌ وَلاَ وَارِدَةٌ.
يَعكس رجل الأمن بسلوكه اللّبقِ والحضاري ودَمَاثَتِهِ مواطنيته الأردنية الكاملة القسمات والرفيعة المستوى، وثقافته العسكرية المُلتزمة بالعادات والتقاليد الأصيلة كمِثال يُحتذى، ويَعرض بشفافية لأخلاق الأردنيين بشهامتهم ومحبتهم لبعضهم البعض، وللسلام والأمان الذي هو القيمة الأولى والأعلى والأثمن في المملكة الأردنية الهاشمية، فهذا نهج ومَسلَك لا يكفيه شكر وتقدير، ولا تساويه مكافأة مادية، فرجل الأمن يَحمي حَيواتنا مُعرِّضًا حَيَوتِه هو للخطر.. وقد تكون ذاته مُستهدَفةً؛ لا سمح الله؛ لصُعُوبَةٍ ومَشَقَّةٍ ما.
لاحظتُ، كيف أن رجل الأمن يُوضِّح وبكل كياسة ولباقة ولطف واحترام للمسؤولين في الكنيسة؛ التي يرعاها الأخ الفاضل المتواضع والمثقف الكبير العَلامة القسيس يوسف حشوة - حامل الإنسانوية الفكرية والأخلاقية والمُعلي قيمة وكفاءة الإنسان بشخصيته المُحبّبة، الانبساطيّة، والإيجابيّة، والمُتَّزنة، والعَطوفة؛ مُوجِبات وأهميات التباعد بين المصلين، ومَعَاني الحفاظ على الأمان لجميع المصلين، خشيةً من انتقال فيروس كورونا، و تَوَجُّساً من خباثته بتسلله إلى هنا وهناك "لا قدّر الله".
السلوكيات التي تتسم بفخامة شخصية رجل الأمن في مكان العبادة، تؤكد أيضًا سَماحته، والتعايش والمحبة والتمسك بالثوابت الوطنية الأصيلة المنغرسة في عقول وذوات الأردنيين، في هذا الوطن الأردني الذي ننعم فيه بحياة مطمئِنة، ونشهد على روحه الوثّابة نحو مزيدٍ من الإعمال النافع والانجازات المتتابعة نحو مُستقبل أردني أكثر دفئاً وأوسع شساعة في إشراقاته.
يَستلزم منّا أن نستذكر على الدوام أعمالاً جليلة لرجال نهضوا بالوطن، وذادوا عن ترابه وحياضه، وحوّلوا أجسادهم إلى تُروسٍ فولاذية لحماية مقدساته ومقدّراته ومكتسباته ومشروعه التاريخي الحضاري والتحرري العروبي والقومي الإنساني ومسيرته، تأكيداً لعالمية المشروع الأممي - الإنسانوي للدولة الأردنية، ماضيها وحاضرها ومستقبلها ومؤسساتها، وعلى رأسها مؤسسة العرش الحامية لرسائل السماء وتعاليمها، والتي تتشرّف بحراسة المقدسات والحريات الشخصية والمجتمعية، وذلك في الداخل الأردني وفلسطين - كنعان السليبة.. هؤلاء هم رجال متعلمون ومثقفون وواعون ويَفيضون باللَّباقَةِ والَفِطْنَةِ، ويتّسمون بَالهُدُوءِ، والتَفَكُّرِ، والرَزَانَةِ، والرَصَانَةِ، ويعملون كل الأوقات من أجل وطن أمين وآمن، وتطوّر وارتقاء مستمر لا يقف عند أي حدٍ.