الأردن سيرة ومسيرة
بمناسبة مئوية المملكة الاردنية الهاشمية لمحة تاريخية
الدكتور يحيى توفيق الكعابنة
سأحاول إعطاء لمحة عن المملكة الأردنية الهاشمية تاريخيًا وحاضرًا، من خلال تتبع جميع الحضارات التي مرت عليها، وبداية نود التعريف باسم الأردن، حيث أكد جميع الباحثين بأن هذا الاسم مرتبط بالنهر المقدس نهر الأردن، ومن هنا نعلم بأن الأردن لم يكن مهجور نظرًا لتعاقب العديد من الحضارات عليه، ولموقعة الجغرافي الذي يربط بين جميع قارات العالم القديم كان مزدهرًا في مختلف أركانه.
وعند ذكر الأردن نستذكر المملكة المؤابية ومملكة الأنباط وتحالف المدن اليونانية العشر، ومن بعد ذلك دخلت المنطقة تحت الحكم الروماني إلى أن جاء الإسلام، وأصبح الأردن بوابة الفتح الشامي والإفريقي، وكان الأردن مركز انطلاق الثورة العباسية، وبعدها كان مركز انطلاق لتحرير بيت المقدس من الصليبيين.
وبعد ذلك دخل الأردن في العصر الحديث مع بقية بلاد الشام تحت الحكم العثماني حتى بداية القرن العشرين، ومع تنامي الحركة الطورانية والمناداة في سيادة العنصر التركي بدأ الشعور العربي القومي بالتنامي، ومع ازدياد الاضطهاد التركي للشعوب العربية كان لساحات الأردن أسوة بالولايات العربية ثورات ضد الدولة العثمانية، مثل:
1-هبة الكرك.
2-ثورة بني حميدة.
3-ثورة عشائر القرعان.
ونتيجة الحركة الطورانية انطلق فرسان الثورة العربية الكبرى من بطاح مكة متجهين إلى بلاد الشام، وانطوت القبائل الأردنية تحت راية الثورة، وساهم أهالي الأردن مساهمة فعالة مع جيوش الثورة العربية، والعمليات العسكرية التي جرت في بلادهم وفي سوريا.
وبعد خيانة بريطانيا وفرنسا للعهود التي قطعوها للشريف الحسين بن علي نودي بالأمير فيصل ملك على سوريا.
ودخل شرق الأردن تحت حكومة الملك فيصل 8 آذار1920م، وكانت تتكون من ثلاث ألوية:
1-لواء الكرك.
2-لواء البلقاء.
3-لواء حوران.
نتيجة احتلال سوريا وإنهاء الحكم الفيصلي بها من قبل الفرنسيين قدم الأمير عبدالله على رأس جيش قوامة ألفين شخص لتحرير سوريا، حيث وصل الأمير مدينة معان بتاريخ 21 تشرين ثاني 1920م، وبدأت مباحثات مع الحكومة البريطانية انتهت على إقامة إمارة وحكومة وطنية شرق الأردن بقيادة الأمير عبدالله بن الحسين، هذا وتشكلت أول حكومة وطنية بتاريخ 11 نيسان 1921م برئاسة رشيد طليع مع بقاء الإمارة تحت الانتداب البريطاني.
وبعد تأسيس إمارة شرقي الأردن بدأت مسيرة العطاء الهاشمي، وأخذ الأمير عبدالله بإرساء أركان الدولة الفتية، وبدأ بتحقيق الاعتراف الدولي بالإمارة، وأصدر دستور للإمارة 1928م، واجراء الانتخابات التشريعية، وأخذ على عاتقة تأسيس الجيش العربي ورعايته وتطويره وفتح الأفاق السياسية أمام التطور السياسي، وتكريس هيبة الدولة وحصلت الإمارة في عهده على الاستقلال من الانتداب البريطاني في 25 أيار 1946م، وتحقيق وحدة الضفتين بعد حرب 1948م في الأول من كانون الأول 1948م، ولم يمهله القدر وقضى شهيد على أرض القدس من يوم الجمعة الموافق 20 تموز عام 1951م. واعتلى عرش المملكة من بعد جلالة الملك طلال بن عبدالله، والذي جسد أفاق التطور السياسي، وحق التعليم المجاني، وتوطيد العلاقات الأردنية العربية، وإنجاز الدستور الأردني عام 1952م، ولكن تعذر استمراره في الحكم بسبب مرضه. وفي الحادي عشر من آب لعام 1952م اعتلى جلالة الملك الحسين بن طلال العرش، وتولى سلطاته الدستورية في أيار عام 1953م، وحقق في عهده أعلى مستويات النهضة المدنية والسياسية، وعلى مدى سبعة وأربعين عامًا من قيادته شهد الأردن تقدم ملموس في كل المجالات وأولى جلالته القوات المسلحة الاهتمام الخاص.
وفي عهدته حصلت معركة الكرامة 21 آذار 1968م، حين حقق الجيش العربي أعظم انتصار على الكيان الصهيوني، أعاد روح الثقة والانتصار لكل العرب بعد نكسة عام 1967م، وفي عهده تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1974م، ممثلاً وحيدًا لشعب الفلسطيني، اتبع ذلك قرار فك الارتباط عام 1988م، حيث كان جلالته رجل حرب وسلام، ويمتاز بالشجاعة وبعد الرؤيا.
وفي السابع من شباط لعام 1999م، اعتلى جلالة الملك عبد الله الثاني الملك المعزز عرش المملكة الاردنية الهاشمية بعد وفاة الراحل العظيم الحسين، حيث بدأ عهده في بناء الدولة العصرية الحديثة والتقدم في مجالات التنمية الشاملة والمستدامة وعدالة التخطيط، وتنفيذ وتمكين الشباب لأجل مستقبل أفضل.
كما استمر جلالته في المحافظة على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسحية في فلسطين من طغيان الكيان الصهيوني، وفي توحيد الصف العربي وتعزيز علاقات الأردن بأشقائه العرب وبمختلف الدول الصديقة في أرجاء العالم ودعم مسيرة العالمية والدعوة إلى إحقاق الحق بين الشعوب .
وفي الثاني من تموز عام 2009م أمر جلالة الملك بتعين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي للعهد، ويحرص سمو الأمير على متابعة كل ما يرتبط بمستقبل الشباب في الأردن وانخراطهم في المجتمع، وحصولهم على التعليم والفرص الاقتصادية، وهو ما ظهر واضحًا في مبادراته وبرامجه ونشاطاته الساعية للتواصل مع الشباب، حيث يدعوا سموه إلى بناء جيل من الشباب الملتزم بخدمة المجتمع والعمل التطوعي.
حمى الله الأردن قيادة وشعبًا ومليكًا في ظل الراية الهاشمية، وجلالة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين وحفظ الله ولي عهده الميمون الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.