الأنباط -
مئوية صينية وعالمنا العربي
يلينا نيدوغينا*
مع حلول العالم الجديد، تدشّن الصين قيادة حزبية وحكومية وشعباً بقومياته الـ56، احتفالات حاشدة في طول البلاد وعرضها لإحياء مناسبة المئة عام الأولى على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، ويُرافق ذلك تعداد واستعراض مآثر الحزب والتي لا تُعد ولا تُحصى، بخاصة في قضية تحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي، ولجم نَهَم القوى الأجنبية إقليمياً صوب الصين، وفي نجاح الحزب بتأكيد الاستقلالية السياسية والوحدة الجغرافية للدولة والتألق الاقتصادي غير المسبوق، وبناء النظام الإشتراكي المتطور بألوان صينية، وإلغاء حالة الفقر، والانتصار المُؤّزر لعُلماء الدولة في السباق التاريخي الذي أفضى إلى بلوغ جمهورية الصين الشعبية قِمم التكنولوجيا المُعَاصرة، والتوفير المجاني وشبه مجاني لكامل الاحتياجات الأساسية للشعب في مختلف المجالات، وبخاصة المتطلبات الجوهرية في الحياة اليومية للصينيين.
في الاحتفالية الكُبرى لتأسيس الحزب يتساءل كثيرون، ماذا قدّم الحزب الشيوعي الصيني لنا وماذا قدّمنا للصين؟
الحزب الشيوعي الصيني هو القوة الوحيدة الحاكمة في الصين والموجّه الأول والأخير للدولة والبلاد، ويمتلك تنظيماً داخلياً حديدياً، وقيادة متراصة كالسِّوار حول المِعصَم حول الأمين العام ورئيس الدولة شي جين بينغ الذي يتمتع بإرادة فولاذية في إدارة الحُكم من خلال هذا التنظيم الحزبي وكوادره المنتشرين في مختلف مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية، وقد أفضى ذلك إلى تفعيلات فورية ودقيقة لأوامر وتوجيهات القائد لانجاح المسيرة، وهو قلّما يَحدث في دول العالم الثالث.
وفي هذا المناخ التنظيمي – السياسي المتكامل والدقيق، تمكّن الحزب الشيوعي الصيني من تطوير وتعميق علاقاته الدولية على أفضل وجه، وضمنها مع البلدان والحكومات والشعوب والأحزاب والتنظيمات العربية. ولهذا، نلاحظ نجاح ألوف الخطط الصينية التنموية الكثيرة والضخمة في العواصم العربية، وأثمرت معها علاقات الصين أيّما إثمار باهر مع جميع الملوك والرؤساء والأمراء والمسؤولين العرب من المحيط إلى الخليج، بغض النظر عن طبيعة ومدى الاختلافات في بُنية النظام الصيني والأنظمة السياسية والاقتصادية العربية وتحالفاتها الدولية، فالقيادة الصينية كانت وما زالت تؤكد أنها مع مساندة الدول العربية ومواصلة دعمها، للحفاظ على ما تحقّق من علاقات صينية عربية وثيقة، يُضرب بها المَثل تاريخياً وعالمياً في العلاقات المتساوية وذات المنافع المتبادلة والمصحوبة بمشاعر عميقة من الاحترام.
أفضت التجارب المتلاحقة للحزب الشيوعي لجمهورية الصين الشعبية إلى تأكيد نهجه التعاوني على صعيدين عربي ودولي وإنجاحه، فهو تنظيم أيديولوجي من طراز جديد، يلتزم بفكره وعقيدته في حدود الصين فقط، ويرفض تماماً تصدير الثورة أو أنماط التنمية والتحديث الوطنية لغيره، ويقف موقف الضد بوجه سياسات الإملاء. ولهذا ولغيره من الأسباب، نلمس نجاحات متواصلة في العلاقات العربية الصينية والصينية الدولية، لا سيّما مع عواصم دول آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، حيث يعمل الخُبراء الصينيون منذ تأسيس الدولة الصينية في مختلف مواقع البناء والتعمير والتعليم وغيرها.
حقق الحزب الشيوعي الصيني والصين بقيادة الأمين شي جين بينغ نمواً هو الأسرع دولياً في النقلات الصينية الواسعة للاصلاح والانفتاح على العالم أجمع، فمنذ انتخابه أميناً عاماً على الحزب، تقدم "شي" بمبادرات عديدة للتشغيلات والتطوير والازدهار العالمي، أساسها مبادرة الحزام والطريق التي تتفرع إلى مسالك أرضية ومائية كثيرة توفّر لمئات ملايين البشر مهناً وأعمالاً ثابتة، ومن شأنها تعظيم مبادرات ويوميات التشغيلات الكبرى والتعاون الشامل، وحماية أركان الآمان في العالم وتعزيزه، فأخذ ذلك بيد الصين والدول الصديقة لها لتمكين مبادىء ووقائع السلام على أوسع نطاق في المعمورة.
*إعلامية وكاتبة أردنية – روسية ورئيسة تحرير جريدة "الملحق الروسي" في الأُردن سابقاً.