الأنباط -
بقلم بلال حسن التل
أيام معدودة ونحتفل بعيد ميلاد مسيح كل الأردنيين عيسى بن مريم عليهما السلام، ذلك أنه لا يكتمل إسلام مسلم إن أنكر مكانة المسيح وأمه العذراء البتول مريم بنت عمران عليها السلام خير نساء العالمين، لأن الله اصطفاها عليهن جميعاً في الدنيا والآخرة, هذه حقيقة عقدية، نرفعها في وجوه فئة من الناس تتعمد في كل عام وبمثل هذه الأيام أن تثير قضية مبتدعة، هي قضية جواز تهنئة إخوتنا المسيحيين بأعيادهم، وعندي أن جل هؤلاء الذين يثيرون هذه القضية جهلة وأصحاب نظر قصير تحركهم أيدي ونفوس خبيثة، لتحُدث شرخاً في وحدتنا الوطنية، ونسيجنا الاجتماعي، ذلك أن العرب المسيحيين خاصة في بلاد الشام، ليسوا مجرد أهل كتاب، ولا مجرد معاهدين، لكنهم مواطنون شركاء لإخوانهم المسلمين بالوطن والتاريخ والثقافة، فهل يستطيع أحد من هؤلاء الجهلة الذين يثيرون هذه الأسئلة، إنكار مساهمات إخواننا العرب المسيحيين في إثراء ثقافتنا العربية، وأول ذلك دورهم في الحفاظ على العربية لغة القرآن؟
وهل يستطيع أحد من هؤلاء الجهلة، أن ينكر دور إخوتنا العرب المسيحيين في الدفاع عن ديار العروبة حتى في وجه ما سماه الغربيون "حروب صليبية"، بينما سميناها نحن "حروب الفرنجة"، إجلالاً للمسيح عليه السلام ولأتباعه، من أن يكونوا ستاراً للغزاة والطامعين، الذين ساهم العرب المسيحيون في طردهم من بلادنا، كما يساهمون الآن في مقاومة المحتل الصهيوني لفلسطين، وفي الذاكرة المطران كبوشي وقافلة طويلة من العرب المسيحيين أهل هذه البلاد الذين انخرطوا في صفوف المقاومة في وجه غزاة بلادنا.
لذلك كله نقول لهؤلاء الذين يسعون لنشر الفتنة في الأرض، كفوا أذاكم عنا، وتذكروا أن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، أوصى بالمسيحيين وتزوج منهم وأكل طعامهم وعاملهم بكل صنوف المعاملة الاقتصادية والاجتماعية،واعتبر من يؤذيهم يؤذيه وأنه سيكون خصمه يوم الدين، ورسول الله في ذلك كله إنما يترجم تعاليم القرآن الكريم، الذي أمرنا ببرهم, والبر هو أعلى درجات الاحترام والتقدير، وقد علمتنا آياته أن أقرب الناس مودة للمسلمين هم المسيحيين وقسهم ورهبانهم، الذين سيضلون جزءً من نسيجنا الوطني والاجتماعي، الذين تحاولون تمزيقه تارة بتكفير فريق من المسلمين وأخرى بتحريم تهنئة المسيحي بعيده، مما يستوجب سن تشريع يُجرم ذلك، وحتى ذلك الحين سنظل نقول كفوا أذآكم عنا .