الأنباط -
الأنباط -شعر بحاجة ماسك الى ان يمسك روحه ويحضنها ليشعر بأمانٍ يتخلخل في داخله وخوفٍ يتوجّسُ طرقات عروقه..
سارع الى التفكير بأي شيء يمكنه القيام به حتى يتخلص من هذه الحالة التي تسكنه.. أرّقت عيناه .. وأشعلت مواجع خوفه من جديد..
رتّب سريره .. وجعل غرفته على أُهبة الاستعداد لمراسم النوم دون أيّ جدوى .. بدأ يرسم أحلاماً ليقظته المشتعله..
مستقبل يحلمه ويحلم به.. وحلم ينتظره وما ان ترتسم أولى ملامح بسمته فيسارع لتذكر حاضره فيعود الى مقعده الخشبي ويصمت..
"ربما لو كنت في عزل انفرادي.. ربما لو فقدت عزيزاً.. لو تشاجرت مع أحدهم لكان أهون علي مما أشعر" .. هكذا كانت سذاجة تفكيره قد وصلت..
وربنا هي ليست سذاجه، نحن نشعر دوماً بل ونفكر بأي أسلوب أو طريقة حتى نجلب لأرواحنا هدوءاً .. حتى ولو كان كاذباً مصطنعاً لحظياً لثوانٍ قد لا تتجاوز فتح عينك لتغلق الأخرى..
ولأن الكلمات أو حتى معرفتنا لكلمات اللغه تضيق جداً عندما نحتاجها .. وتتسع لغة المشاعر استرسالاً كان لزماً عليّ أن أحترم دمعَهُ الناطق على خدّيه ونبضه المتعالي في ذاكرتي.. وأنتظر خطواته التاليه التي طالت كثيراً كما المعتاد.. ليبقى في حزنه ذاك وأبقى أسيرة حيرته هنا..
أرسم كلماتٍ لا معنى لها دون حديثه .. ولا صوت لها دون همسه.. ولا اشراق لها دون لمعة عينيه..
ولكنهم دائماً هكذا.. نريدهم فيبتعدون.. وعندما يصبح الأمر لدينا سواء يقتربون..
بخوفنا يهربون.. بأمننا يشرقون.. بحيرتنا يختفون.. بفرحنا يبزغون..
يُسرعون في عروقنا كما كريات الدم في أكثر لحظاتنا سذاجة وهبل..ويهاجموننا كما الغرباء عند ضعفنا..
ربما إن كان حقاً ذلك.. وبالتأكيد هو واقع دفين بين قليل من الحبر المتساقط على اوراقٍ صفراء..
كان هذا ما جعله يرى انطواءه في منتصف الطريق على مقعده الخشبي أفضل بكثير من الجلوس أمام المرآة التي ستكشف له كم كان لا شيء في عيونهم..
وما كان في مخيلته هو رسمٌ من صدفةٍ لا ذنب لهم بتعلقه بها ..
دوماً يقع الذنب علينا.. لأننا من تأملنا وترجمنا الكلمات والأفعال حسب الأهواء..
هل كل ما أفكر به منطقي؟
هل من طريق في الوصول الى طريقٍ يتقاطع مع تفكيرك يسير في الاتجاه الصحيح؟
كان عليَّ التجول في تشعُّبات ذاكرتك والفهم..
حيرةٌ بلهاء تمزّقُني.. وآفاقُ التفكير في داخلي تزداد صعوبةً.. وكل ما تفعلُهُ أنت.. هو النظر بأسفٍ إليّ ودخان سيجارتك يتصاعد الى حيث تريد أن تكون "كما نطقتَ! "