الأنباط -
بقلم: زيد ابوزيد
لم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن وزارة التربية والتعليم يمكن أن تحقق معجزة الوصول إلى غالبية الطلبة تعليمًا وتقييمًا . في زمن عجزت فيه أنظمة تربوية عالمية ومتقدمة من تحقيق أهدافها بالوصول إلى الطلبة، ضمن منظومة متنوعة الاختيار، بين المنصة الالكترونية ، أو الحصة المتلفزة . وبين الاختبار الالكتروني عبر منصات معدة جيدًا لاستقبال عشرات الالاف من الطلبة في وقت واحد. مع السماح للمؤسسات التربوية الخاصة وحتى العامة، باستخدام تقنيات مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو كونفرنس في دليل على مرونة النظام التربوي ، وقدرته الفائقة على التكيف في زمن الازمات، بل أنَ أشدَ المتفائلين لم يكن يتوقع أن يكون ولي أمر الطالب شريكًا للمعلم والإدارة التربوية في تحسس هم أبناءه ومتابعة تعليمهم يومًا بيوم . وهذا كان هدفًا دائمًا للنظام التربوي الأردني ومن أجلهِ شرعت مجالس الآباء والمعلمين، ومجالس التطوير التربوي، ومجالس البيئة التربوية الآمنه. ولكن هكذا هي الأزمات تكشف بسهولة صلابة الأنظمة التربوية، كما تكشف صلابة الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهكذا هو الاردن العظيم بقيادته وشعبه ورجالاته المتمكنين من عملهم وقدرتهم على التخطيط والتنفيذ في كل الظروف. وقد تكون جائحة الوباء الخبيث كورونا قد انتقلت بنا على كل الصعد سنوات الى الأمام دون أن نحس بذلك بسبب حجم التحديات وحجم التوتر المتشكل خوفًا من مستقبل نكاد نجزم الآن اننا قطعنا الجزء الأخطر منه بسلام ، وننتظر أن نتجاوز القادم بسلام.
ولكن ألن يخرج لنا متشائم أو حتى متشائل ويقول أن الوزارة لم تتمكن من الوصول الى 100%، من الطلاب لعجز تقني او محدودية امكانيات بعض الأسر وعدم تملكها لوسائل التقنية الحديثة من أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية أو حتى تلفزيون ولاقط فضائي او عدم كفايتها عند بعض الاسر للابناء كافة ، وهذا نسبيا صحيح. فمتى كانت وصول كل الانظمة التربوية في العالم الى اهدافها التربوية مطلق، سواء في التعلم التقليدي وانتظام الدوام حتى يتحقق ذلك بالمطلق في زمن استثنائي نعيشه والانسانية جمعاء بانقطاع مئات الملايين عن التعليم. ولن نقول لهم أحبائي أكان الواجب أن تضع الوزارة يدها على خدها وتندب حظها العاثر أن وقع الوباء والبلاء ، وتعطل التعليم الذي نادت كل النظريات التربوية وتعاهد العالم على حفظه واستمراريته وديمومته في كل الظروف كحق انساني عالمي للطلبة.
الحقيقة أن ازمة وباء كورونا وضعتنا أمام استحقاق كبير دون إرادتنا ، وعجلت في تنفيذ مخططات وأفكار ونظريات بقيت حبيسة الأدراج طويلًا، ومن العبث تجاهل ان الثورة الرابعة وعصر الانترنت وفضاء المعرفة كان يمكن ان يمر بجانبنا دون ان نعد له العدة وان تتغير مفاهيم التعلم والتعليم وأساليب وطرائق التدريس وتأهيل وتدريب المعلمين على مهارات يتطلبها العصر الجديد، ولكن الجائحة العالمية عجلت في ذلك ووضعتنا جميعًا أمام اختبار، وبالدرجة الأولى مؤسساتنا التربوية ، وهنا كانت العلامة الفارقة في أداء وزارة التربية والتعليم التي انجزت في أسابيع ما كان يتطلب إنجازه في سنوات. فكان النجاح في تحقيق الأهداف في إطار إستراتيجية جامعة ومتناسقة بين تطوير الموارد البشرية وتطوير النظام التعليمي معا في فضاء المعرفة والتكنولوجيا .
وهنا فإن عملية التعليم التي تناولها الجميع، وكل من زاويته الخاصة وعبر خبراته ودراساته واطلاعه على تجارب العالم وضعت البعض في حيرة أحيانا من المسميات الدارجة بين التعلم عن بعد والتعليم الالكتروني واستخدام التكنولوجيا في التعليم وتكنولوجيا التربية ولكل منها بحثه وإطاره النظري ولكن المتفق عليه من الجميع أن عملية التعليم مستمرة وناجحة في التعليم العام أي مرحلة التعليم الأساسي والثانوي ، وقد تختلف نسب نجاح الوصول إلى الطلبة ونجاعة النظام المطبق ولكن ليس هناك من يقول آن عملية التعليم توقفت بأي حال من الأحوال.
ان ما طبقته وزارة التربية والتعليم حمل أنماطًا متعدده وزاوجت بين التعلم والتعليم تقليدي حتى تعليق عمل المدارس مع تعلم وتعليم الكتروني عبر منصاتها سابقا بصورة نسبية ثم اعتمادها بشكل رئيس للتعليم وفي عمليات تقييم الطلبة بعد عملية تعليق المدارس، مع تدريب المعلمين ببرامج متخصصة على عمليات التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني وعمليات التفاعل والتقييم مع تطبيق عمليات التعليم، وفي ذلك تحقيق لجميع أركان عملية التعلم والتعليم، ولا شك في أن التجربة الحالية ستوفر نا فرصة تاريخية للاستفادة من منجزات الثورة التكنولوجية لتوفير مستقبل أفضل للتعليم مع الأخذ بعين الاعتبار أمور لها علاقة بالبنية التحتية وإنشاء بنك معرفة أردني وتوفير أجهزة تقنية ذكية للطلبة والمعلمين مستقبلاً باسعار تفضيلية تمكنهم جميعا من الانخراط في عملية التعليم بشكل أفضل.
وأخيرا، فقد لعبت الوزارة دورا رائدا في نقل رسائل الاطمئنان للطلبة وتهدئة مخاوفهم والوصول اليهم بكل الوسائل حتى تضمن تفاعلهم وحفاظهم على تعليمهم في ظل الظروف التي تعيشها البلاد والإنسانية جمعاء.