أبو السمن يتفقد سير الأعمال في مستشفى الأميرة بسمة ويتابع ايصال خدمات الماء والكهرباء رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي يزور سفارة أذربيجان معزياً بضحايا تحطم الطائرة وزارة الأوقاف تدعو إلى أداء صلاة الاستسقاء الجمعة وزير الأشغال يتفقد مشروع مستشفى الأميرة بسمة الجديد جامعة اليرموك تستضيف اليوم العالمي لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات توضيح صادر عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بخصوص ما تناقلته وسائل الاعلام حول تقرير ديوان المحاسبة للعام 2023 تحديد مواعيد مباريات الأسبوع الأخير من دوري الدرجة الأولى لكرة القدم اعتقال 15 فلسطينيا بالضفة واقتحام مقام النبي يوسف بنابلس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات يحصل على ISO 27001 لا مخالفات على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تقرير ديوان المحاسبة لعام (2023) اكتشاف أطول طريق حضري في عاصمة صينية قديمة عمرها 3000 عام اكتشاف أطول طريق حضري في عاصمة صينية قديمة عمرها 3000 عام وزير الشباب يكرم الفائزين في مهرجان إبداعات طلبة الإعلام 2024 بجامعة الزرقاء 330 لاعبا يشاركون في البطولة العربية للكراتيه ارتفاع طفيف للذهب "الصحفيين الفلسطينيين" تطالب بحماية دولية لمنتسبيها في غزة الاردن يدين اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى إسرائيل تخطف لبنانيا خلال ذهابه لمركز عمله باليونيفيل في مرجعيون الفايز ينعى العين الأسبق سالم مساعدة هيئة الطيران تشارك في اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة العربية للطيران المدني

الأسير كريم يونس٠٠ نسيه السياسيون وتجاوزه المفاوضون

الأسير كريم يونس٠٠ نسيه السياسيون وتجاوزه المفاوضون
الأنباط -
الأنباط -
أحمد البيتاوي
عن جدار الدكتور طارق ابو الخير
عندما كنت في إحدى حافلات البوسطا متوجها لمعبار سجن الرملة .. دخل علينا أسير شديد بيضاء الشعر.. لا يعرفه منا أحد.. ثقيل الخطا.. يرتدي نظارة سميكة كانت مستقرة فوق عينين غائرتين في وجهٍ حنطي شقت الأخاديد طريقها.. آثار السجن تدل عليه وعلامات النصب بادية في ملامحه.. دخل على مهله وجلس بجانبي بهدوء وصمت..
بعد دقائق من انطلاقنا سألته: نتعرف عليك: قال كريم يونس، قلت: أقدم أسير في سجون الاحتلال؟ قال: نعم..، قلت: الله يفرج عنك.. إلى أين وجهتك؟ قال: نقل مؤقت من هداريم إلى نفحة، كان صوته خافتاً وكلامه بطيئاً.. كنت أود أن أواصل حديثي معه مستجيباً لغريزتي الصحفية، ولكن في النهاية قررت أن لا أطيل الحديث معه، لأن الأسرى القدامى عموماً يفضلون الصمت ويؤثرون السكوت ولا يحبون الثرثرة وكثرة الكلام، لعلهم وبسبب تعاقب السنوات والعقود فقدوا الثقة بالكلمات وملوا المفردات...
بعد لحظات من انطلاق حافلة البوسطا وقف يونس على قدميه المقيدتين وأمسك بقضبان حديد النافذة بيديه المكبلتين، وأخذ ينظر إلى الشوارع والناس، قال معلقا: هذه الفرصة لا تتكرر إلا كل بضعة سنوات، أحرص على استغلال كل ثانية منها، فنحن نادراً ما نخرج في البوسطا إلا عند العلاج والنقل من سجن إلى آخر..
وقف الرجل كطفل صغير ينظر من حافلة روضته ليكتشف العالم الجديد من حوله، ينظر إلى: السيارات.. العمارات.. الأشجار.. الناس.. السهول.. الجبال.. بين الفترة والأخرى كان يونس يفرك عينيه ويمسح نظارته بقميص "الشاباص"، لعل عينيه لم تعتد على مثل هذه المشاهد الجديدة، ودماغه لم يأخذ وقتا كافيا لاستيعابها وحل شيفرتها ورموزها وطلاسمها.. طوال الطريق كنت أنظر إليه نظرة إشفاق وحزن... كان بنظري رجل نساه السياسيون وتجاوز عنه المفاوضون..
قلت في نفسي هذا الرجل لم يركب سيارة منذ 36 عاما، هو لا يعرف إلا سيارات موديل 83، منذ 36 عاما لم تلامس يديه حاسوب أو جهاز جوال.. هو يسمع بالواتس أب واليوتيوب والفيس بوك والبريد الالكتروني ولكن لا يعرف كيف تستخدم هذه الأشياء.. هذا الرجل استبشر خيراً بأوسلو ظناً منه أنها عجل إنقاذ سيمسك به ويخرج من بحر السجن متلاطم الأمواج.. ولكن قبطان السفينة لم يلتفت إليه.. هذا الرجل قفزت عنه عدة صفقات تبادل دون أن تشمل اسمه.. هذا الرجل عاصر ستة رؤوساء أمريكان: ريجن.. بوش الاب.. بل كلنتون..بوش الابن.. أوباما.. واليوم قدر له أن يلحق بالمجنون ترامب..
وبعملية حسابية بسيطة نجد أن هذا الرجل أمضى (13.140 يوم في الاسر)، في كل يوم كان يُعد 3 مرات هذا يعني أن مصلحة سجون الاحتلال عدته (39.420 مرة).. هذا الرجل أمضى (315.360 ساعة)، ولكم أن تتخيلوا كم مرة نبض فيها قلبه... كل نبضة كانت قاسية صعبة عليه.. كم من أقاربه وأصحابه وجيرانه توفوا وهو بين جدران اربعة؟ هو بالتأكيد لم يعد يتذكر أسمائهم.. كم أسير ودع قبل أن ينطلقوا للحرية ويتركوه خلفهم.. كم مرة تخيل نفسه مكانهم؟؟
كريم يونس الانسان، في النهاية بشر من لحم ودم.. له بقايا آمال، هو لا يطلب المستحيل.. يتمنى لحظة الحرية والخروج للحياة.. فمتى يا ترى يقذف حوت السجن يونس لشاطئ الحرية؟؟؟

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير