فشل المحادثات بين مسؤولي الدوري الإنجليزي الممتاز واتحاد اللاعبين المحترفين في التوصل لاتفاق لتخفيض أجور اللاعبين خلال فترة توقف النشاط الرياضي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19″، تسبَّب في فتح النار على اللاعبين والأندية الإنجليزية، التي باتت متهمة بتهمة غريبة هي "الفراغ الأخلاقي”.
وناقش ممثلون بارزون عن اتحاد اللاعبين المحترفين ورابطة الدوري الممتاز وروابط مسابقات الدوري الأدنى درجة، العديد من القضايا في اجتماع عقد الأربعاء، الأول من أبريل/نيسان.
لكن المجتمعين أصدروا بياناً يكشف إخفاقهم في التوصل لاتفاق، وجاء في البيان المشترك: "لم يتم التوصل إلى قرار اليوم، وستستمر المناقشات خلال الـ48 ساعة المقبلة لحلّ العديد من القضايا البارزة، ومن بينها رواتب اللاعبين واستئناف موسم 2019-2020”.
وكان أول من فتح النار صديق خان، رئيس بلدية لندن، الذي قال في تصريحات نشرهاموقع Talk Sport الرياضيإنه يتوجب على لاعبي الدوري الممتاز المساهمة في تجاوز هذه الأزمة، موضحاً أن "لاعبي كرة القدم الذين يتقاضون رواتب عالية هم أشخاص يمكنهم تحمل العبء الأكبر، ويجب أن يكونوا أول من يضحي برواتبهم، مع كل الاحترام، بدلاً من الشخص الذي يبيع برنامجاً، أو الشخص الذي يقدم الطعام”.
في غضون ذلك اتُّهمت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بـ”الفراغ الأخلاقي”، نتيجة استخدامها الأموال العامة من أجل دفع رواتب الموظفين، وفي الوقت نفسه مطالبتها اللاعبين بتحمل مسؤولياتهم المالية، في ظل التوقف الذي فرضه فيروس كورونا المستجد.
وخلافاً لبعض الأندية الكبرى في أوروبا، مثل يوفنتوس الإيطالي، وبرشلونة الإسباني، وبايرن ميونيخ الألماني، لم يُعلن حتى الآن عن أي اتفاق بين الأندية الإنجليزية واللاعبين على خفض الرواتب.
ووافق لاعبو برشلونة على خفض رواتبهم بنسبة 70%، تضاف إليها نسبة اقتطاع للمساهمة في ضمان دفع رواتب الموظفين الآخرين في النادي بشكل كامل خلال فترة الأزمة، في حين سبقه يوفنتوس بالإعلان عن أن لاعبيه والمدرب ماوريسيو ساري وافقوا على خفض رواتبهم، في ظل تعليق منافسات البطولة وكل النشاطات الرياضية في البلاد.
لكن الجدل لم يخلُ من وجهة نظر مدافعةٍ عن اللاعبين، حيث اعتبر الخبير المالي في كرة القدم كيران ماغواير، في تصريحات نشرهاموقع قناة France 24 الإخبارية، أن السياسيين يستغلون كرة القدم، موضحاً "لا توجه الانتقادات نفسها إلى الصناعة المصرفية، ولا توجه ضد المحامين الذين يتقاضون 10 آلاف جنيه في اليوم الواحد، أو إلى المحاسبين، أو الأموال التي تذهب إلى حسابات خارجية من أجل تجنب دفع الضرائب”.
وارتفعت ثروة مالك توتنهام جو لويس، المقيم في جزر البهاماس التي تعتبر ملجأ التهرب الضريبي، إلى 4,4 مليار جنيه إسترليني العام الماضي.
وتطرّق ماغواير إلى ذلك بالقول "ثروة جو لويس نفسه تبلغ أكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني، ونحن نوجه سهامنا تجاه (مهاجم الفريق) هاري كين، الشاب الذي ستنتهي مسيرته حين يصل إلى عامه الخامس والثلاثين”.
وواجه كل من توتنهام، وصيف بطل دوري أبطال أوروبا للموسم الماضي، ونيوكاسل، ونوريتش، وبورنموث انتقادات حادة لاستغلال القرار الحكومي القاضي بدفع 80% من رواتب الموظفين الذين يتم تسريحهم مؤقتاً من وظائفهم بسبب فيروس "كوفيد-19″، شرط ألا يتجاوز سقف الراتب 2500 جنيه إسترليني (3 آلاف دولار) في الشهر.
وقال القانوني جوليان نايت، الذي يرأس لجنة العموم للثقافة والإعلام والرياضة، إنه "من الصعب ابتلاع ذلك”، في إشارة إلى استخدام الأموال العامة لكي تدفع الأندية رواتب موظفيها، مضيفاً "ما يحصل يكشف النقاب عن الاقتصاد المجنون فيكرة القدم الإنجليزية، والفراغ الأخلاقي الذي يشكل محوره”.
وكشف بورنموث الأربعاء، الأول من أبريل/نيسان، أن النادي قرر تطبيق التسريح المؤقت على "عدد من العاملين” فيه، فيما قرر المدير التنفيذي نيل بلايك، والمدير الفني للفريق الأول ريتشارد هيوز، مع المدرب إدي هاو ومساعده جيسون تيندال أن "يخفضوا طواعية جزءاً كبيراً من رواتبهم”، بحسب ما أعلن.
في المقابل، أعرب رئيس توتنهام دانيال ليفي عن أمله أن تؤدي المفاوضات بين رابطة الدوري الإنجليزي وممثلي اللاعبين والمدربين إلى أن تتحمل جميع الأطراف جزءاً من المسؤولية الاقتصادية التي فرضها فيروس "كوفيد-19″، لكن الاجتماع المشترك الذي حصل الأربعاء بين الدوري الممتاز، ورابطتي لاعبي كرة القدم المحترفين والمدربين لم يكن مبشراً، إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وليفي نفسه في وضع لا يُحسد عليه، رغم القرار الذي اتّخذه قبل يومين بخفض رواتب موظفيه وإدارييه للشهرين المقبلين بنسبة 20%، آملاً أن يحذو لاعبو السبيرز حذو إدارته، بسبب الأزمة المالية التي سبّبها تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال ليفي في بيان على موقع النادي "بعد اتخاذ خطوات لتخفيض النفقات، اتخذنا قراراً صعباً لحماية الوظائف، وذلك بتخفيض أجور كل الموظفين والمديرين الـ550 من غير اللاعبين، لشهري أبريل/نيسان ومايو/أيار، بنسبة 20%. نأمل أن تُنتج المحادثات بين البريميرليغ، ورابطة اللاعبين المحترفين، ورابطة المدربين عن مشاركة اللاعبين والمدربين من أجل مصلحة كرة القدم”.
وجاء إعلان ليفي بشأن تخفيض رواتب الموظفين والإداريين في نفس اليوم الذي كُشِفَ فيه عن تقاضيه مبلغ 7 ملايين جنيه إسترليني، الموسم الماضي، بينها ثلاثة ملايين كمكافآت ناجمة عن إنهاء الأعمال بالملعب الجديد للنادي، على الرغم من أن عملية البناء تجاوزت المدة والميزانية المحددتين لها.
لكن بإمكان اللاعبين أن يعارضوا فكرة تسليط الضوء عليهم بشكل غير عادل، وأن يُطالبوا بدفع الفاتورة بدلاً من مالكي الأندية أصحاب المليارات.
ووفقاً لكيران ماغواير، لا يرغب اللاعبون في أن يكونوا ضحية الأزمة الحالية، ثم "التفرج” لاحقاً على الأندية تنفق أموالاً طائلة حين تبدأ الإيرادات بالتدفق مجدداً مع عودة الحياة إلى طبيعتها.
وهذا ما تحدث عنه المدير التنفيذي لرابطة اللاعبين المحترفين غوردن تايلور، بالقول "من المثير للسخرية أن تقوم الأندية بتأجيل التزاماتها للاعبين، ومن ثم تقوم لاحقاً بانتداب لاعبين جدد مقابل أموال طائلة”.
لكن الانتقالات بعيدة حالياً كل البعد عن تفكير معظم المديرين التنفيذيين، الذين يحاولون الحرص على استمرارية أنديتهم خلال الأشهر القليلة المقبلة، بحسب ما أفاد به ليفي نفسه، قائلاً "عندما أقرأ أو أسمع قصصاً عن انتقالات اللاعبين هذا الصيف وكأن شيئاً لم يحدث، فيحتاج الناس إلى الاستيقاظ لرؤية هول ما يحصل حولنا”.