في البداية أود أن أطرح عليكم سؤالاً "هل تملكون أشياء ترغبون في تغييرها؟” معظمنا نرغب بالتأكيد، حيث أننا بطبيعتنا نسعى دائمًا للتغيير.
غالبًا ما يرغب الأهل بتغيير كل من حولهم ليصبحوا كما يريدون، واليافعون هُم أهم ما يريدون تغييره. في مرحلة اليافعية، يجب أن نوجه أطفالنا ونمنحهم خيارات، لذا دعونا نبدأ بتغيير أنفسنا من الداخل لننطلق للدائرة الحميمية التي تحتوي أطفالنا وأزواجنا، ثم إلى الدائرة الخارجية التي تتضمن العالم من حولنا.
مع بداية العام الدراسي، علينا أن نضع نُصب أعيننا فكرة أن يافعينا قد كبروا ونضجوا وانتقلوا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة اليافعية. قد يصبح بعضهم متمردين وعنيدين ومندفعين في آرائهم، لذا في هذه المرحلة علينا استخدام ذكائنا الجندري في التعامل مع هذه المرحلة الانتقالية لأنهم نضجوا جسديًا وعقليًا وروحيًا؛ فالتعامل معهم الآن يحتاج إلى مهارة وفن.
مفهوم اليافعية ( مرحلة الطموح )
يُعرف مفهوم اليافعية في علم النفس بأنه الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ولكنها في الواقع ليست مرحلة نُضج؛ ففيها يبدأ الأفراد في النضج ولكنهم لا يصلون إلى مرحلة اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة. تستمر مرحلة اليافعية في الوقت الحالي في الفترة من عشرة أعوام حتى 24 عامًا، بحسب فريق علماء نفس، على الرغم من اعتقاد غيرهم بانتهائها في عمر 19 عامًا.
هنالك ثلاثة تحولات بيولوجية تظهر على اليافعين:
1. النمو الجسدي: يحدث في هذه الفترة قفزة سريعة في النمو والطول والوزن، تختلف بين الإناث والذكور؛ فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة اليافيعية الأولى، ويتسع عند الإناث الوركان. أما الذكور، يزيد عرض الكتفين وتصبح الساقين طويلتين بالنسبة لبقية الجسد, وتنمو العضلات
2. النضوج الجنسي: يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بالعادة الشهرية. تظهر العادة الشهرية عند الإناث عندما تكون الفتاة بعمر حوالي 12 أو 13 سنة وعند بعض الفتيات تحدث العادة الشهرية الأولى بعمر 8 أو 9 سنوات. أما عند الذكور، فالعلامة الأولى للنضوج الجنسي هي زيادة حجم الخصيتين، مع زيادة في حجم العضو التناسلي ويحصل القذف المنوي الأول عند الذكور في عمر 15 سنة تقريبًا
3. التغير النفسي: التغييرات الهرمونية والتغيرات الجسدية في هذه المرحلة لها تأثير قوي على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فظهور العادة الشهرية عند الإناث، يمكن أن يكون لها ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحيانًا. قد يحدث ذات الأمر عند الذكور عند حدوث القذف المنوي الأول؛ فيمرون بمزيج من المشاعر السلبية والإيجابية. ولكن المهم هنا، أن أكثرية الذكور يكون عندهم علم بالأمر قبل حدوثه، في حين أن معظم الإناث يتكلن على أمهاتهن للحصول على المعلومات أو يبحثن عنها في المصادر والمراجع المتوفرة
اليافعية والبلوغ
هناك فرق بين اليافعية والبلوغ، البلوغ أحد جوانب اليافعية، ويعني القدرة الجنسية؛ أي اكتمال نمو الغدد الجنسية وقدرتها على أداء وظيفتها، أما اليافعية فتشير إلى التدرج نحو النضج الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي، وكما ذكرنا لا يعني ذلك الوصول إلى النضج العقلي؛ إنما على اليافعين تعلم الكثير ليصبحوا راشدين ناضجين.
مع بدء العودة للمدارس، إليكم كيفية التعامل مع اليافعين:
ابداء الاهتمام والانجذاب إلى حديثهم
اعدادهم وتهيئتهم لمرحلة البلوغ وهي من أجمل المراحل في حياتهم ومرحلة مميزة من عمرهم
ترك مسافة لضمان حرية الاختيار واعطائهم فرص وخيارات دراسية عديدة
خلق بيئة مدرسية آمنة من خلال تشجيعهم على تكوين صداقات جديدة والتعرف على أصدقائهم عن قرب
تشجيعهم على ممارسة الرياضات المنهجية وغير المنهجية التي يفضلونها
تجاهل سلوكياتهم وتصرفاتهم التي لا تعجبكم
تفعيل لغة الحوار واختيار الوقت المناسب للحديث معهم
مخاطبة قلوبهم وعواطفهم قبل عقولهم ومحاولة العيش داخل عالمهم لنفهمهم ونستوعب تحدياتهم ومعاناتهم ورغباتهم في الحياة المدرسية وخارجها
استثمارنا بيافعينا بطريقة فعّالة ومثمرة وتوجيههم دراسيًا ومنحهم الدعم العاطفي وحرية ضمن حدود الدين والعادات والتقاليد ومنحهم الثقة، سيعمل على تنمية تفكيرهم الابداعي وتثقيفهم. كما أن حثهم على ممارسة الهوايات سيسهم في تفريغ طاقاتهم من خلال الرياضات المنهجية وغير المنهجية ودعمهم لتحمل المسؤولية ومواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
يمكنكم التواصل مع الدكتورة هبة حدادين على hhaddadeen@yahoo.com