خمسون ألف مُصلٍّ من فلسطينيي القدس ومن أهالي الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة المتاح لهم الوصول إلى المسجد الأقصى، لبوا النداء، وأدوا صلاة الجمعة، استجابة لدعوة مجلس الأوقاف الإسلامية ومفتي القدس، رداً على سفالة حكومة وأجهزة وأمن المستعمرة الإسرائيلية الذين تلقوا تعليمات رئيسهم نتنياهو بإعادة إغلاق بوابات مُصلى باب الرحمة الذي تم فتحه بإرادة وقرار مجلس الأوقاف لدوافع دينية وطنية سياسية وقومية، بهدف الحفاظ على قدسية المكان كمسجد مقدس للمسلمين، وللمسلمين فقط، لا يجوز المساس به، ورفض تدنيسه من قبل الاحتلال الأجنبي وسياسييه من الوزراء والنواب والأجهزة والمستوطنين، ورفض ما يقوم به هؤلاء لدوافع سياسية استعمارية، أو دينية عدائية جائرة غير جائزة، طالما أن المسلمين يحترمون قدسية وطهارة وأحادية الكنيسة للمسيحيين، وما يماثلها من احترام ومكانة للكنيس اليهودي، لا تجوز إساءات التطاول على المسجد من أي كان، وعلى أي مسجد، فكيف يكون ذلك حينما يتم التطاول على أقدس مقدسات المسلمين: أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى ومعراج سيدنا محمد رسول المسلمين وهاديهم ومصدر إلهامهم ؟؟ .
سفالة الاحتلال وانحطاطه، أنه لا يضع حداً لتجاوز المحرمات، بل يُصر على انتهاك المحرمات نحو المساس بالمساجد والكنائس، ونحو البشر، للأطفال والنساء، للكهول كما للشباب، للمرضى مثل الأصحاء، لا يفرق بين فلسطيني وفلسطيني، وبين عربي وعربي، وبين مسلم ومسيحي، طالما أنهم من الأغيار، أي أنهم ليسوا يهوداً، بكل وقاحة التمييز العنصري الفاقع، ولذلك لم تكن نظرة المجتمع الدولي ومؤسساته ومعاييره أن سلوك الاحتلال وأجهزته وجيشه وقوانينه عنصرية غارقة في فاشيتها وحقدها على الآخر، وهو سلوك تعلموه من النازيين والفاشيين الأوروبيين الذين كانوا يضطهدونهم و يكرهونهم لأنهم يهود، فورثوا هذا الكره نحو الآخر من النازيين والفاشيين والعنصريين في أوروبا، ولذلك وُصفت الصهيونية بالنازية والعنصرية لأن قادتها يمارسون نفس الأساليب العنصرية بأدوات أكثر حدة وتأثيراً وأذى، متوهمين أنهم قادرون على هزيمة الفلسطيني والعربي والمسلم والمسيحي والدرزي، ومن ينتمي لشعب فلسطين أهل البلاد وتاريخها وتراثها كان ولايزال وسيبقى .
خمسون الفاً لبوا نداء الأقصى لحمايته، مثلما لبى خمسون من حراس المسجد من النساء والرجال لفتح بوابات مُصلى باب الرحمة بعد أن رصدت أجهزة العدو الإسرائيلي ثلاثة من حراس المسجد فتحوا الأبواب فتمت إحالتهم إلى المحاكم، فكان الرد بدلاً من ثلاثة حضر خمسون من موظفي أوقاف المسجد من المتفرغين لحساب وزارة الأوقاف الأردنية، ولا أذيع سراً أن أقول أن الصراع الأردني الإسرائيلي بات كسر عظم بما يتعلق بالمسجد الأقصى والرعاية الهاشمية له، فسلسلة القرارات التي عمل لها وزير الخارجية أيمن الصفدي، في المؤتمرات المتتالية من مؤتمر دبلن، إلى مؤتمر شرم الشيخ، إلى اجتماع وزراء خارجية البلدان الإسلامية التي أقرت ودعمت الوصاية الهاشمية لم تتم، ولن تتم، ولن يكون لها معنى ولا صدى بدون أفعال أهل القدس وصلابتهم واستجابتهم لنداء ورسائل عمان، وبدون التفاهم الأردني الفلسطيني، وبدون التنسيق مع لجنة المتابعة العليا لقيادة الوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48، من قبل رئيسها محمد بركة ، ومضر يونس رئيس اللجنة القطرية للمجالس المحلية العربية ، والنواب العرب الفلسطينيين لدى الكنيست الاسرائيلي، وأحزاب المواجهة من الحركة الإسلامية بجناحيها، والجبهة الديمقراطية، والتجمع الوطني الديمقراطي، والعربية للتغيير، والحزب الديمقراطي العربي، والحزب القومي العربي، وحركة كرامة ومساواة وغيرهم من فعاليات الوسط العربي الفلسطيني الذين يؤدون دورهم بالتناوب والتنسيق والتفاهم وتحمل أعباء المشاركة حفاظاً على القدس وعروبتها وفلسطينيتها وإسلامها ومسيحيتها في مواجهة التهويد والأسرلة الأحادية الضيقة الاستعمارية العنصرية.