يساوون بين الرجل والمرأة وتشتتهم يبعدهم عن التعليم
ـ لا احصائيات رسمية باعدادهم ومرشحون يستغلون اوضاعهم في مواسم الانتخابات
ـ حياتهم شاقة ويعملون بالمهن المنقرضة وجمع الخبز اليابس وتوفير الخردة
الانباط ـ عمان ـ راشد العساف
النّور في الاردن منغلقين على الغرباء ويرفضون ان يدخل احد الى مجتمعهم، وهم مواطنين اردنيين وفقا للانظمة والقوانين، ويمارسون حقوقهم الدستورية على اكمل وجه.
يمتلكون بطاقات احوال مدنية وجوازات سفر، يعيشون في خيم مصنوعة من الكارتون والبلاستيك في المدن، ولكنهم يفضلون الانتقال في فصل الصيف الى غور الاردن حيث الحرارة المرتفعة، ويعودون الى المدن مع فصل الربيع .
مهن منقرضة
توفيق علي - 51 عام - يقول انه توارث عن والده مهنة تصليح "بوابير الكاز" والذي كان يستخدم للطهي في السابق، الا ان تطور الحياة وانتقال الناس لاستخدام افران الغاز ادى الى انقراض هذه المهنة .
توفيق الملقب بـ"ابو حاتم"، رب اسرة لـ 4 بنات و 3 اولاد، بنوا خيمتهم في منطقة تلاع العلي بعمان، وهي احد مناطق العاصمة الراقية، بعد استأذنوا من صاحب الارض.
تحدث "ابو حاتم" بلهجة تختلف عن اللهجة الاردنية، ويقول انه يعمل مع زوجته واطفاله على جمع الخبز اليابس وبيعه الى اصحاب المواشي لاستخدامه كعلف لمواشيهم، الا ان ارتفاع اسعار الخبز في الاردن مؤخرا ادى الى انخفاض دخلهم الشهري نتيجة لانخفاض استهلاك المواطنين ليصل الى نحو 100 دينار شهريا بعدما كان يصل قبل ذلك الى 200 دينار
أحب ابنة عمه ومركبته
حاتم الابن الاكبر لـ توفيق علي (24 عاما)، احب ابنة عمه والتي تصغره بسنتين، تزوج منها قبل 5 سنوات وانجب منها طفلين وبانتظار المولود الثالث مع بداية فصل الربيع .
لدى حاتم مركبة يعود تاريخ صنعها الى عام 1983 يحبها كثيرا ويحرص دوما على ان تكون نظيفة من الخارج والداخل يقوم بالعمل عليها لجمع الخردة، ليقوى على مصروف بيته وزوجته الحامل واطفاله الصغار.
يقول حاتم، انه قرر ترك تلاع العلي والعيش في محافظة مادبا جنوب العاصمة، لتوفر الخردة هناك بشكل افضل، اذ يبيع كيلو الحديد والبلاستيك بـ 18 قرشا، اما كيلو الالمنيوم بـ 50 قرش، حيث يستطيع ان يجمع شهريا من هذه المهنة نحو 200 دينار.
تركها وحيدة
المسنة يسرى عبيد - 64 عام - توفي زوجها في رمضان الماضي ولم يترك لها شيئا ولم تنجب منه، من يعيلها على مشاق الحياة ومتاعبها . تعاني من امراض الضغط والسكري، اضطرت للعيش عندي شقيقها في خيمته بعد وفاة زوجها .
تقول يسرى، ان والدها من مواليد الاردن، ولكنها لا تعلم جذورها من اين تحديدا، مضيفة "نحن اردنيين ابًا عن جد"، ولا تأبه بالتاريخ والجذور التي تنتمي اليها .
اطفال بلا تعليم
باسل حميد - 28 عام - متزوج من امرأتين ولديه 8 ابناء يعيشون جميعهم في خيمة واحدة بجانب القاعدة العسكرية في تلاع العلي، ابناءه جميعا لا يذهبون للمدرسة .
يبرر باسل ذلك كونهم غير مستقرين في منطقة واحدة بين الشتاء والصيف، لذا يصعب عليه تسجيل ابنائه في المدارس، ويفضل ان يعملوا معه في جمع الخردة والبيع على الاشارات الضوئية .
ويعزز باسل تبريره بسبب اخر بالقول، ان هناك فرق من امانة عمان الكبرى تقوم بترحيلهم من المناطق التي يسكنونها، لذا يضطرون للانتقال الى اخرى، ويقول "وكأنه مكتوب علينا ان نبقى مشتتين في الارض" .
ورقة رابحة في الانتخابات
يشارك النّور في الانتخابات البرلمانية والبلدية واللامركزية، حالهم كبقية افراد المجتمع الاردني، كونهم يحملون الجنسية الاردنية وبطاقة الاحوال المدنية .
يستغل بعض المرشحين النّور في المناطق التي يسكنونها من اجل التصويت لصالحهم،
تقول بسمة عرفات - 43 عام - انها قامت بالتصويت في الانتخابات البرلمانية الماضية مع مرشح لا تذكر اسمه، الا انها كانت تشعر بأن عليها التصويت كون الدستور منحها هذا الحق .
وتضيف، العديد من المرشحين يقومون بالكذب عليهم، ويعدوهم بتوفير منازل لهم، وعند وصولهم للبرلمان يتنكرون لوعودهم .
اعفاء صحي بمكرمة ملكية
مطر العبيد - 61 عام - اب لـ 10 ابناء يعاني من التهاب بالمفاصل بالاضافة الى ديسك، لا يستطيع تحمل تكاليف العلاج لوحده في المستشفيات الحكومية او الخاصة .
يقول مطر، انه هو وغيره من النّور يقومون بالتقديم للديوان الملكي من اجل الحصول على اعفاء للعلاج في المستشفيات والمراكز الصحية .
ويضيف، انه تمكن من الحصول على اعفاء بمكرمة ملكية يجدد كل 6 شهور، وينتظر ان يجري عملية في المدينة الطبية التابعة للقوات المسلحة.
أردنيون بموجب الدستور
لا تدرج دائرة الاحوال المدنية والجوازات مصطلح "نوري" على بطاقات الاحوال المدنية، استنادا للدستور الاردني .
يقول الناطق باسم الدائرة مالك الخصاونة، "ان الدائرة لا تمتلك احصائية لاعداد "النور"، كونهم اردنيين لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات، واستنادا الى ان المادة 6 من الدستور تنص على "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين."
عرب أقحاح ام أصول هندية
ترجح اخصائية علم الاجتماع والتاريخ والمحاضرة في جامعة البترا سهير السوداني، ان اصول "النّور" في الاردن تعود على الهند .
وتضيف، ان بعض النّور يرفضون ان يقال بأن اصولهم هندية، ويقولون عن انفسهم بأنهم عرب أقحاح من بني مرة الذي امر "الزير سالم" بتشتيتهم في الارض.
لا توجد احصائية رسمية حول اعداد النّور في الاردن، الا ان السوداني تقدر عددهم في الاردن ما بين 70 - 100 الف شخص، يتوزعون في المناطق ذات الكثافة السكانية ليتمكنوا من الاستفادة من الخدمات الموجودة في المدن، تحديدا في عمان والزرقاء واربد ومادبا .
انفتاح حضاري
ترى السوداني، ان لدى النّور عادات وتقاليد مختلفة تماما عن المجتمع الاردني، لكنهم منفتحين حضاريا على الاخرين، بيد انهم يفضلون ان تبقى هذه العلاقات محصورة في مجتمعهم.
وتضيف، في مجتمع النّور الرجل والمرأة متساوين، فالرجل لا يتحكم بالمرأة كما هو طبيعة الحال في المجتمع الاردني، والمرأة حرة تستطيع عمل ما تريد دون ان تستشير احد، فهي مسؤولة عن تصرفاتها.