لأردن یمتلك رابع احتیاطات العالم في الصخر الزیتي. یا لھ من تصریح یثلج الصدر لوزیرة الطاقة والثروة المعدنیة ھالة زواتي. بلدنا من أغنى دول العالم في ھذه الثروة الطبیعیة. لا ضیر فیما تحدثت بھ الوزیرة، فالكلام لا جمرك علیھ، وقد قال مسؤولون من قبل ما یشبھھ، ولا شك أنھ سیأتي بعد حین من یلون المفردات ویزخرفھا ویجمعھا في جمل سلیمة لغویا، لكنھا أقرب ما تكون للحلم. اعتدنا من الحكومة مثل ھذه ”الأشعار“ الرنانة، وأن تدندن على أسماعنا یومیا ترنیمة الوعود والتعھدات التي تنتھي فور إطلاقھا، في رھان على ذاكرة قصیرة المدى للمواطن. وفي بعض الأحیان عكست تصریحات الحكومة لغة التحدي، وكأنھا تقول للناس ”فلتشربوا البحر“، ومثال ذلك واضح في تعیینات أشقاء النواب، حیث ما نزال ننتظر من الحكومة تفسیر أسس الاختیار والإجراءات التي اتخذتھا بشأن مراجعة تقییمھا، لنتأكد بعدھا أن الحكومة ضربت بعرض الحائط جمیع المصطلحات التي كانت تمطرنا بھا عند الحدیث عن الشفافیة والعقد الاجتماعي. بمثل تصریحات وزیرة الطاقة تزید أزمة الثقة مع الحكومة، لأن سائلا ما سیسأل بلا تردد: ماذا یعني ترتیبنا العالمي، وماذا أعددنا لاستغلالھ، ولماذا لم ینعكس أثره على اقتصاد المملكة لغایة الآن، وماذا عن الاتفاقیات الموقعة مع شركات عددھا أربع لاستخراج الكھرباء والنفط من الصخر الزیتي، وما ھي تكلفة استثمار ھذه الثروة الطبیعیة، وماذا أعدت الحكومة من تسھیلات لإقناع المستثمرین.. وغیرھا من الأسئلة والاستفسارات التي لا تنتھي!. ملف الصخر الزیتي سیكون حاضرا في مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد الأردني نھایة الشھر الحالي، وستطرحھ المملكة كمشروع ضمن مشاریع في مجال الطاقة، بھدف جذب الاستثمارات إلیھ، ومن المفترض أن تكون الحكومة استعدت لتسویق ھذا الملف جیدا، وإلا فإنھا ستعود بخفي حنین، حیث سنكتفي حینھا بالتغني بما نملكھ في ھذا المجال دون التقدم خطوة واحدة للاستفادة منھ. بالمجمل، التجربة أثبتت أن مشاریع الصخر الزیتي في المملكة تفتقر لمتابعة حقیقیة من قبل الحكومة لعدد من الشركات التي ارتبطت معھا باتفاقیات ومذكرات تفاھم، صیغت في عھد سلطة المصادر الطبیعیة التي تم حلھا ضمن خطة إعادة ھیكلة مؤسسات قطاع الطاقة، وألحقت بوزارة الطاقة. 40 ملیار طن متري من كمیات الرواسب السطحیة یمكن استغلالھا، و4 ملیارات طن بترول خام نستطیع استخلاصھ من ھذه الصخور. في علم الاتفاقیات فإن المملكة ترتبط باتفاقیات امتیاز مع أربع شركات وبمذكرات تفاھم مع ست أخریات، أما على أرض الواقع فلم نزل نتخبط بھذا الملف إذ نقف عاجزین عن توفیر استثمارات لائقة بھذا المخزون الكبیر جدا، خصوصا في إنتاج النفط. حدیث وزیرة الطاقة لا جدید فیھ، وقد عمد وزراء سابقون إلى تسویقھ من قبل، لكن سرعان ما تبخر ولم یبق لھ من أثر سوى ما أرشف في محرك البحث ”غوغل“. إبان حكومة الدكتور عبدالله النسور تسابق مسؤولون للتأكید على أن الأردن وقع استثمارات بملیارات الدولارات. حینھا، عشنا في ظل وھم جارف صدقنا خلالھ بأننا مقبلون على تحسن كبیر في الوضع الاقتصادي، وانتظرنا خفض نسب البطالة لما ستوفره المشاریع القادمة من فرص عمل، لنكتشف لاحقا أن التوقیع كان على مذكرات تفاھم لیس أكثر. في شھر آب العام الماضي غردت زواتي على ”تویتر“ أن مشاریع الصخر الزیتي في الأردن قد ترى النور قریباً وبحدود العام 2020 ،ولنضع خطوطا عدیدة تحت كلمة ”قد“ لنفھم العقلیة التي تدیرنا.