نفهم أن يكون أحد أشقاء النواب أو الوزراء أو الأعيان أو ابناً لأحدهم مبدعاً متفوقاً صاحب خبرة، يستحق التعيين مديراً لشركة أو مؤسسة حكومية، نفهم ذلك ونستوعبه، ويمكننا التساهل لقبول اثنين استثنائياً من المبدعين المتفوقين، أشقاء لمتنفذين، يمكن أن نبلعها ولكن على مضض، أما أربعة وربما أكثر فهؤلاء تم كشفهم لمراقبين، بعد أن دققوا ووجدوها « تخينة « كما يُقال ولم يستطع أحد بلعها لأنها تجاوز فاقع، وحرقوا « بنها « في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، خاصة حينما ندرك أن هؤلاء المعينين بواسطة المتنفذين سيلبون طلبات القواعد الانتخابية لأشقائهم في تعيينات مقتصرة على الأتباع والعوائل وأولاد الداية، وهكذا ندور بحلقة فساد متكررة متراكمة، وهذا ما يُفسر استنزاف الموازنة على بند الرواتب، فالبلديات مُتخنة بالأحمال الثقيلة من الموظفين، والمؤسسات الحكومية والمستقلة على مختلف تلاوينها تنخ تحت وطأة الأعباء البشرية لعدد مضاعف من موظفين يأخذوا رواتب بلا مهام وظيفية، وغالباً ما تجد عددا كبيرا منهم، ليس فقط لا يعملون، بل يشكلون عبئاً على العدد القليل من الموظفين الذين يعملون سواء كانوا مهنيين أكفاء أو مضطرين للعمل لأنهم ليسوا من الأتباع وشلل التوظيف العائلي والجهوي .
الاعلام بما فيه وسائل التواصل الاجتماعي يُثبت دوره ومكانته وسرعة تحقيقه لأهداف ايجابية في تعرية فساد وكشف تجاوزات، مثلما قد يتورط باساءات وأذى وتلفيق وأكاذيب، ما يستوجب الانتباه واليقظة وعدم التورط بشخصنة العناوين والقضايا، ويبقى ممسكاً بالقضايا العامة والدفاع عن مصالح الناس .
سابقاً كانت قصة « الدخان « وتم ملاحقتها وأثمرت جهود مؤسسات الدولة بجلب المتهم الرئيس الهارب وها هو قيد المحاكمة مع كل من تورط معه، لتكون التعيينات عنواناً مرادفاً للاجحاف والظلم مثلما هي عنوان للفساد والأنانية والتغول على المؤسسات .
نفرح لكل قرار شجاع ومتابعة دقيقة وانجاز مهم واستجابة سريعة من قبل رأس الدولة ليضع حداً للتجاوزات ويعطي توجيهاته الايجابية في التصويب بدون تدخل مباشر لازاحة فلان وتعيين فلان، فالقرار متروك للحكومة صاحبة الولاية، ولكن رأس الدولة يُقدم توجيهاته لتصويب التجاوز والتنبيه لعدم التكرار، ووضع القيم الدستورية والقوانين النافذة موضع التنفيذ والتطبيق والمراعاة .
يقظة المراقبين والاعلام وأدوات التواصل الاجتماعي أسلحة مدنية ديمقراطية، باعتبارها جزءاً من المراقبة والتدقيق والدفع باتجاه تصويب الخلل لدى مؤسسات تحتاج لهذا الفعل، فالاعلام بمثابة سلطة رابعة متعددة الأدوات والوسائل وصولاً الى الهدف وهي ازالة التجاوزات ومنع التطاول على المال العام وحفظه وحماية أمننا الوطني والاجتماعي والاقتصادي .