من بين اولاد حارتنا ولد يلقبونه «ابن منوّم القرد»..يبدو الاسم غريبا ومضحكا بعض الشيء، وقد سألت عن سر هذا اللقب، وقد تبين بأن جد هذا الولد هو من اورثه اللقب:
مرّ من البلدة (قفل) تجاري كما كانوا يسمونه آنذاك ، مكوّن من ثلة من الجوّالين وعدّة بغال محمّلة بالطحين وأغراض أخرى، كانوا يعتمدون في كسب عيشهم على القيام بأعمال ترفيهية في البلدات التي يمرون بها مقابل طحين وسمن وبيض وما شابهها، وكانوا يعتمدون فيها على قرد راقص- سعدان تحديدا- يقوم بهذه الأعمال....
-قلّد نومة العجوز.
فيقلّدها القرد
-نومة العزابّي.
فيقلدها
-نومة المرابي.
فيقلدها
وصلوا مساءا بقضّهم وقضيضهم محدثين ضوضاء في البلدة، فقرّروا النوم في احدى الساحات.. لممارسة الألعاب البهلوانية، في اليوم التالي، وقد أوكلت مهمة حراسة القافلة خلال الليل إلى السعدان المرافق.
في الهزيع الأخير من الليل تسلل جد الرجل (كان شابا آنذاك) إلى محيط القافلة، بقصد السرقة .. ولفت انتباه السعدان إلى وجوده ثم شرع يتثاءب ويتمطّى ، فصار القرد يتثاءب ويتمطّى بالعدوى.
ظلّ الرجل يتثاءب والقرد يتمطّى .
الرجل يتمطّى والقرد يتثاءب ، حتى نام القرد مرغما ً.
دخل الرجل وسرق ما استطاع حمله من غنائمهم....وهرب !!
في الصباح اكتشف أصحاب القافلة السرقة ، وتوقعوا أنّ القرد لم ينبههم لأنّه كان نائما ً ، فحمل صاحبه خيزرانة طويلة وقوية ، وشرع يضرب بالقرد حتى (نهنهه) ضربا ً موجعا ً على كافة أجزاء جسده الأشعث .
في الليلة التالية وضعوا القرد في نوبة الحراسة... وناموا .
جاء الشاب مرة ثانية ، وصار يتثاءب ويتمطّى أمام القرد لعله ينجح في تنويمه ، ويعاود السرقة من موجودات القافلة .
لكن القرد ، وما تزال آلام الخيزرانات تنخر عظامه ، فقد تذكر (نكبته) فوضع إصبعيه تحت جفنيه السفليّين، وفنجر عيونه، وأشار الى اللص إشارة تعني أنه لن ينام وستظل ّ عيونه مفتوحة.. حتى لا تتكرر النكبة .