یبدو أن اصرار الدولة الأردنیة على إنھاء الأزمة الاقتصادیة بات قید التحقیق، إذ تشیر مؤشرات الموازنة العامة إلى قدرة الدولة الذاتیة على حمل النفاقات الجاریة، وھذا انجاز مقدر یسجل لصالح الدولة وسیاساتھا الاقتصادیة، على الرغم من عمق الارھاصات الاقلیمیة وكثرة التحدیات الداخلیة التى واجھتھا الاستراتیجیة الاقتصادیة الذاتیة عندما انتھجت سیاسیة التحول، التي اعتمدت فیھا على تحقیق ذاتیة الاتزان بین المیزان الجاري للنفقات والایرادات المحلیة لتنتھي بذلك سیاسیة الاقتراض لغایة الإدامة، وھذا یعني أن القروض من الأن فصاعداً ستكون لصالح النفقات الرأسمالیة كما أن عوائد الضرائب، الأمر الذي یطمئن استقرار الوضع المالي للدولة وكما یعزز من قدرة .الدولة الأردنیة وتصنیفھا الائتماني وبھذا تستطیع الدولة الأردنیة أن تدخل إلى مستویات أعلى من الاستھداف، تتمثل في انھاء الاستراتیجیة الاحترازیة المتحفظة، ورفع مستویات الانتاج والتشغیل، عن طریق رفع المیزان الرأسمالي لتقلیل حجم النفقات الجاریة ضمن المیزان العام للدولة، الذي مازال یشیر الى ان النفقات الرأسمالیة لا تشكل أكثر من واحد على تسعة من النفقات العامة باعتبارھا مازالت تذھب فى جلھا لصالح النفقات الجاریة التى تمثلھا الرواتب المدنیة والعسكریة والرواتب التقاعدیة وخدمة الدین والانفاق العسكري والأمني وفاتورة الدعم الصحي وأخرى .الخدماتیة منھا لصالح البلدیات ومجالس المحافظات إضافة للمعونة الوطنیة التي تعیل أكثر من تسعین ألف عائلة وبعض الأمور التشغیلیة ولأن ھذه النفقات ثابتة ویصعب عملیاً تقلیلھا أو الحد منھا لاعتبارات ضمنیة معروفة، فإن العمل للارتقاء فى میزان النفقات الرأسمالیة لا یتطلب فقط ضخ أموال فى السوق والشركات، بقدر ما یتطلب ایجاد قوانین تحفز الاقتصاد، وایجاد مناخات ایجابیة تساعد على جلب الاستثمار، وتعمل على توطینھ، وتقوم أیضاً على بناء جسور لشراكة حقیقیة بین القطاع العام والقطاع الخاص، إضافة إلى بلورة بوصلة الانتاج الوطني لتكون قادرة على ابراز العلامة الفارقة للمنتج الأردني، وعاملة على إعادة الثقة لدور القطاع الأھلي والخاص لدى .المساھمین المستھلكین بما یسھم في الارتقاء فى الشق الرأسمالي من معادلة الناتج الوطني ولأن النفقات الرأسمالیة لا تتكئ على القطاع العام بقدر ما یقوم علیھا القطاع الخاص، الذي لابد للحكومة أن تدعم دوره ومكانتھ بالعمل على تحفیز نھوضھ، من حالة الركود التى مازال یقبع فیھا إلى منزلة الدوران الایجابي، وذلك عن طریق سن قوانین داعمة تدعم مؤشر النمو، وبرامج تنمویة تستھدف ایجاد البنیة الأساسیة والتحیة اللازمة، بما یساعده لإعادة بناء مراكز التشغیل والانتاج والتسویق، وتحقیق .الایرادات والأرباح لبناء مراكز مالیة تحقق نقطة التعادل المستھدفة للشراكات والأسھم خصوصاً في الشركات العامة وھذا إن تحقق فإن حركة الاقتصاد الأردني ستكون قد حققت انجاز نوعي ھام، سیعید النشاط والحیویة للحركة المالیة والاستثماریة، مما یجعلھا قادرة على بناء مراكز تنمویة نشطة، تطال الكثیر من القطاعات التى مازالت ذات حركة محدودة أو شبھ راكدة، كما أن ذلك سیؤسس لإطلاق منطلق جدید تجاه الاقتصاد الانتاجي، الذي كان قد دعى للوصول إلیھ جلالة الملك عبر استراتیجیة عمل طموحة، نتكئ فیھا على الذات الوطنیة بالموارد البشریة والطبیعیة المتاحة، لتقدیم المنطلق الأردني الجدید الذى نعتمد فیھ على الذات ونستثمر عبره بالاقتصاد المعرفي فى بناء حالة تنمویة انتاجیة، ضمن استراتیجیة تمزج ما بین التطلع وتراعي الامكانات حتى لا نبقى نتعامل من على أرضیة القواعد البسیطة التى تقوم على ردة الفعل الذاتي للاستجابة للفعل الموضوعي، على أن تقدم ھذه الاستراتیجیة وفق رؤیة موضوعیة .شاملة وبواقع خطة عمل ممنھجة مقرونة بزمن معلوم وفي ظل قصور الموارد المالیة في الوصول للجانب الرأسمالي من معادلة النفقات، فإن الاعتماد على، «نظام البناء والتشغیل التحویلي» سیكون مناسبا في ھذه المرحلة، وھو بظني ما تسعى الحكومة إلى تقدیمھ وطرحھ عبر مشاریعھا الكبرى كالقطار الخفیف بین عمان والزرقاء، وخط السكك الحدیدیة فى العقبة، ومحطة النقل البري في معان، إضافة إلى المشاریع الاستراتیجیة الكبرى في مجالات الطاقة المتجددة، لكن ذلك ینتظر أن یكون مشفوعا في ایجاد مشاریع انتاجیة تشغیلیة تسھم في تحقیق فرص العمل للشباب، حتى یتم استیعاب .الطاقات الشبابیة في دفع عجلة الاقتصاد على أن یكون ذلك ضمن برنامج نوعي طموح یقتصر على الخدمة الوطنیة كما بینھ قانون الموازنة العامة لكن عبر تأسیس «بنك الجھد الوطني» الذى بینھ «كتاب الأوراق الملكیة رؤیة استراتیجیة» بحیث یقوم ذلك على احتساب توظیف الجھد بعدد ساعات عمل على أن یدفع ذلك بعد انتھاء البرنامج التشغیلي المعد، فإن الشاب الأردني یبحث عن عوائد یجنیھا نتیجةً لعملھ ولیس إلى مكان یخدم فیھ ضمن میزان عمل طوعي، لاسیما وأن الانطباعات الشعبیة من المھم الأخذ بھا على الأقل في ھذه المرحلة لتعزیز مناخات الثقة فى ظل قیام الدولة فى نسج استراتیجیاتھا لتوفیر فرص العمل لإعادة الأمل لذلك الشاب الذى مازال ینتظر فرصة العمل لیقدم عطاءه تجاه حیاتھ المعیشیة ودوره .المجتمعي وإذا كانت الدولة الأردنیة قد نجحت للوصول إلى منزلة الاستقرار المالي دون مساعدات مالیة خارجیة تذكر، مع أنھا كانت تتوقع استقبال ھذا الدعم اقلیمیاً ودولیاً نتیجة الدور الأمني والانساني الذى حملھ الأردن على كاھلھ عندما سعى لحفظ مناخات الأمن والاستقرار للمنطقة وشعوبھا، فإنھ حري بالمجتمع الدولي أن یقوم بما علیھ من واجب باعتبار الأردن المركز الرئیس للشركات العالمیة التي ستقوم في إعاده
.اعمار المنطقة وازالة ما خلفتھ مناخات عدم الاستقرار المقرونة بعنف فى أرجائھا ولیسھم الأردن من جدید بدوره فى تعمیر ما سعى طیلة السنوات السابقة للمساھمة فى حمایتھ والدعوة إلیھ، عندما دعم كل الجھود التى عملت لإنھاء دوامات التطرف والعنف، وسعى لترسیخ مناخات الاستقرار، وتعظیم معاني الأمان، وبما یسمح فى بناء جسور التعاون فى المنطقة، ورفد عجلة الاقتصاد التنمویة الاقلیمیة بالموارد المعرفیة اللازمة، للبناء والتشیید، لیعود منبع الأدیان والثقافة للمساھمة من جدید .تجاه الحضارة الانسانیة، فإن ھذه المنطقة لم یتوقف شریان عطائھا على مر العصور ولن ینتھي، فھذه إرادة الاھیة ولیست رغبة انسانیة لذا كان على صانع القرار الدولي أن یتوقف من العمل لجعلھا منطقة طاردة لأھلھا غیر قابل العیش فیھا، مستنداً بذلك على مناخات تبنى على أسس «الصوملة» ومناطق تبقى مناخات المنطقة غیر آمنة إلى حین، عبر اصطناع دوامات طرد مركزیة طالت العراق والسودان وسوریا والیمن ولیبیا إضافة للمناطق الفلسطینیة ولربما ستذھب إلى جیوب أخرى لضرورات الفك لغایة إعادة التركیب فى مسعاھا لبناء .تكتلات اقلیمیة جدیدة تقوم على نظریة الاحتواء الاقلیمي وفي وسط ھذه المعطیات فإنھ یصعب على واضع التصور الاقتصادي الاستراتیجي الأردني، فصل المحتوى الخارجي الموضوعي عن الواقع الداخلي الذاتي، لاسیما والأردن یعیش وسط جزیرة تقوم مناخاتھا على العنف وعدم الاستقرار، وتحمل دلالاتھا سلبیة التأثیر على واقع الاستثمار، بما كونتھ من انطباعات على مدى السنوات السابقة، حیث كانت تشكل التحدي الأكبر ازاء جلب الاستثمارات، نتیجة سمة عدم الأمان التي ما فتئت تلازم المنطقة بعنوانھا، وھذا ما كان یشكل التحدي الأكبر لحركة اقتصادنا في تقدیم الأردن لنموذجھ باعتباره بیئة صالح للاستثمار، ونتیجة مناخات الانفراج السیاسي التى بدأت تلوح فى الأفق فإن المنطقة على أبواب انفراجات جدیدة قد تفرضھا بالحد الأدنى «فترة التنفس لغایة الغوص من جدید» وھذا ما یجعلنا متفائلین بواقعیة أن القادم القریب سیحمل الأفصل والذي لا یستطیع المشرع .تبیانھ فى قانون الموازنة العامة للدولة