هذا المقال مناشدة إلى كل المسؤولين في الحكومة ولمجلسي النواب والاعيان رفقا" بسوق عمان المالي استحلفكم بالله إلى أين انتم ماضون بنا. لقد حذرنا ونبهنا من نتائج ما انتم قادمون عليه وانه بلاء لن تحمد عقباه ولقد ناشدناكم من خلال مؤسسات سوق رأس المال ومن خلال نقابة العاملين بالخدمات المالية أن اتركوا بورصة عمان من اجتهاداتكم الضريبية فهذا القطاع هو مرآة الاقتصاد وهو بتراجع مستمر منذ الازمة العالمية والربيع العربي وتبعاته واكدنا لكم وبالأرقام بأن ثروات المساهمين والمواطنين قد تآكلت بإنخفاض مجموع رساميل سوق المال من (45) إلى ما يقارب الــ (18) مليار ولا حياة لمن تنادي.
لم نترك بابا" الإ وطرقناه في محاولة جاهده لإحياء هذا الجسد الميت كان آخرها بوضع خارطة طريق للنهوض بالبورصة وما كادت الأمور تعود لنصابها ونبني تفاؤلا" للعام 2019 القادم مع الانفراج في الازمة السورية والعراقية جئتم وكما عهدنا بكم دائما" لتطلقوا رصاصة الرحمة الأخيرة على هذه البورصة.
الالم هذه المرة اكبر بكثير لأنه جاء ليس من عوامل خارجية بل جاء من فعل ايادينا سلمت أياديكم.
لست مُنظرا" ولست حديث العهد في عالم الأسواق المالية فلقد ولدت من رحمة والتحقت بالعمل بهذا القطاع عن عمر 24 عاما" وأنا اليوم في الثامنة والخمسين من العمر أربعة وثلاثون عاما" متواصلة من الخبرة وهي اكبر من سنوات الخبرة لكثير من المسؤولين في وزاراتهم في الحكومات المتعاقبة التي تدير حال هذا البلد واقولها بصراحة عودوا عن قراركم والله لن تحصلوا دينارا" واحدا" وإن حصلتم فالأذى على بورصة عمان للأوراق المالية وانعاكسه على الاقتصاد الوطني سيفوق ما ستحصله الضريبة من بضعة دنانير .
هل تعلمون أن خسائر الاسهم تجاوزت الـ 60% وأن أي عملية بيع لأي سهم كان ستخفض الوعاء الضريبي لأي مواطن بل وستأتي على دخله المتأتي من أي جهة كانت لتكون حصيلة الضريبة عليه صفر.
إلا اذا كان مخطط (عباقرة الإبداع المالي) بأن تعتمد اسعار الاسهم كما في 31/12/2018 هي اسعار الاساس لإحتساب الارباح فعندها لكل حادث حديث لأن في ذلك قمة الظلم والتجبر واللاعدل والعدل اساس الحكم واذا ما اقدمتم على ذلك فأبشركم من الآن بأنكم لن تجدوا مستثمرا" واحدا" يأتي لهذا السوق المالي بل على العكس ستواجهون كما هائلا" من البيع يقابله شحا" هائلا" من الطلب لتعود الاسعار لتراجع تاريخي ما رأته عين ولا سمعته أذن في هذه البورصة المالية وقد حصل ذلك في اليومين الماضيين والدليل خير برهان.
وليستعد بنك البنوك لتوفير العملات الصعبة لتلبية طلبات المحافظ الأجنبية وبعض صناديق الاستثمار العربية التي ستخرج من السوق باموالها أو ما تبقى منها إلى لا رجعة.
لقد اعلنت البورصة مرارا" وتكرارا" أن نسبة ملكية الاجانب للأوراق المالية قد تجاوزت الــ50% مما يعني ضمنا أن نصف مجموع رساميل الشركات هو ملكية اجنبية ويعني ضمنا" أن ملكية الأجانب هي بحدود 9.5 مليار دينار أردني لو بيع ربعها فهذا يعني خروج ما يقارب من 2.25 مليار دينار أردني أي ما يزيد عن 3 مليارات دولار أمريكي لتضيف ضغطا على احتياطي البلد من العملات الأجنبية.
هل تعتقد حكومتنا الرشيدة ومجلس الاعيان والنواب أن بورصة عمان هي الجوهرة المكنونة في هذه المنطقة المنكوبة من نحن في عالم المال لنتباها اننا السوق الوحيد في المنطقة التي تخضع ارباح الاسهم للمتاجرة ولندع الكلام هنا فلا أريد جلدا" للذات.
أما بخصوص القلة من شركاتنا الناجحة فليشهد التاريخ انها ستلغي ادراجها في هذه البورصة الحزينة وستعمل على إعادة إدراج اسهما" إما في الاسواق الأجنبية أو الأسواق العربية كما فعلت شركة أدوية الحكمة وشأنها شأن المواطن الأردني المتمكن ماليا" والذي اعاد إدراج نفسه في تركيا، وقبرص، ومصر، وكندا والبرتغال واسبانيا واليونان واللائحة تطول.
لا اريد أن اخوض في هذا المقالة عن حجم السوق وعدد عقود التداول وتراجع المؤشر والنسب المالية لتسعير الاسهم بالقيمة العادلة وأن السوق الثانوي هو منشط لحركة السوق الأولي وتأسيس الشركات المساهمة العامة كما حدث في الثمانينات والتسعينات فليس هناك من يتعظ أو يسمع.
يكفي أن اذكر بحجم استثمارات الضمان الاجتماعي في بورصة عمان وهي مقدرات المواطنين دفعت في يرعان الشباب لتضمن عيشا" كريما" في الشيخوخة ويكفي أن اذكر بحجم الاستثمارات الأجنبية والعربية بالعملة الأجنبية واثر ذلك على احتياطي الأردن من العملات الأجنبية بعد أن عانا ما عاناه البنك المركزي خلال السنوات الماضية للمحافظة على جاذبية الدينار الأردني.
ويكفي أن اذكر بحجم المديونية للمستثمرين لدى شركات الوساطة والبنوك والتي احد ضماناتها هي اسهم بورصة عمان للأوراق المالية.
لا بد من العدول عن تنفيذ قرار اخضاع ارباح المتاجرة للضريبة لوقف السقوط الحر لأسعار الاسهم ومؤشر البورصة وتدارك الامر قبل فوات الآوان.
* مدير عام الشركة المتحدة للاستثمارات لمالية